للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِذَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ شَهِدَ الْعَبْدَانِ بَعْدَ الْعِتْقِ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ كَذَا عِنْدَ اخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي لَا تُقْبَلُ. اهـ.

؛ لِأَنَّهُمَا يَجُرَّانِ لِأَنْفُسِهِمَا نَفْعًا بِإِثْبَاتِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا لَتَحَالَفَا وَفُسِخَ الْبَيْعُ الْمُقْتَضِي لِإِبْطَالِ الْعِتْقِ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا مَعْزِيًّا إلَى الْعُيُونِ لَوْ اشْتَرَى غُلَامَيْنِ فَأَعْتَقَهُمَا فَشَهِدَا لِمَوْلَاهُمَا عَلَى الْبَائِعِ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى الثَّمَنَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا. اهـ.

لِأَنَّهُمَا لَا يَجُرَّانِ بِهَا نَفْعًا وَلَا يَدْفَعَانِ مَغْرَمًا وَشَهَادَتُهُمَا بِأَنَّ الْبَائِعَ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الثَّمَنِ كَشَهَادَتِهِمَا بِالْإِيفَاءِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَأَشَارَ إلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِ عَلَى مَوْلَاهُ بِالْأُولَى إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا عَنْ الْكَافِي عِنْدَ قَوْلِهِ: وَالْمَمْلُوكِ وَالصَّبِيِّ وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُعْتَقِينَ الثَّلَاثِ هُنَا تَرَكْنَاهَا لِكَثْرَةِ شُعَبِهَا وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ لَوْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ فَشَهِدَتْ لَهُ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ تُقْبَلُ اهـ.

فَعَلَى هَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ وَمِنْ عِتْقٍ وَفِيهَا لَوْ نَفَى وَلَدَ أُمِّ وَلَدِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَشَهِدَ لَهُ لَمْ يَجُزْ وَسُئِلَ مُحَمَّدٌ عَنْ عَرَبِيٍّ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ فَشَهِدَ مَوْلَيَانِ أَعْتَقَهُمَا الرَّجُلُ لِلْمُدَّعِي لَمْ تَجُزْ؛ لِأَنَّهُمَا يُثْبِتَانِ أَنَّ الْعَرَبِيَّ مَوْلَى مَوْلَاهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ كَمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّ أَبَاهُمَا أَعْتَقَ هَذَا وَالْبَنَاتُ يَجْحَدُونَ هَذَا. اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ أَبَاهُمَا أَوْصَى إلَيْهِ وَالْوَصِيُّ يَدَّعِي جَازَ وَإِنْ أَنْكَرَ لَا كَمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّ أَبَاهُمَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دُيُونِهِ وَادَّعَى الْوَكِيلُ أَوْ أَنْكَرَ) وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْقَبُولِ فِي الْوَصِيِّ أَيْضًا لِكَوْنِهَا شَهَادَةً لِلشَّاهِدِ لِعَوْدِ الْمَنْفَعَةِ إلَيْهِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةَ نَصْبِ الْوَصِيِّ إذَا كَانَ طَالِبًا وَالْمَوْتُ مَعْرُوفٌ فَيَكْفِي الْقَاضِيَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ مُؤْنَةَ التَّعْيِينِ لَا أَنَّهُ يَثْبُتُ بِهَا شَيْءٌ فَصَارَ كَالْقُرْعَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَتَعَقَّبَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِقَوْلِهِ وَإِذَا تَحَقَّقْت مَا ذَكَرَ فِي وَجْهِ الِاسْتِحْسَانِ ظَهَرَ أَنَّ قَبُولَ الشَّهَادَةِ ثَابِتٌ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا إذْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِهَا شَيْءٌ وَإِنَّمَا ثَبَتَ عِنْدَهَا نَصْبُ الْقَاضِي وَصِيًّا اخْتَارَهُ وَلَيْسَ هُنَا مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا يُصْرَفُ إلَيْهِ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ وَلَوْ اعْتَبَرَا فِي نَفْسِ إيصَاءِ الْقَاضِي إلَيْهِ فَالْقِيَاسُ لَا يَأْبَاهُ فَلَا وَجْهَ لِجَعْلِ الْمَشَايِخِ فِيهَا قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَالْمَنْقُولُ عَنْ أَصْحَابِ الْمَذْهَبِ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ مَعَ السُّكُوتِ عَنْ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ اهـ.

وَقَدْ ذُكِرَ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ فِي عَامَّةِ كُتُبِ أَصْحَابِنَا وَمِنْهُمْ شَرْحُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْحُسَامِيِّ وَالْكَافِي وَالتَّبْيِينِ وَالْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهَا وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يَصْرِفَا إلَيْهِ أَنَّ ظَاهِرَهَا عَدَمُ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ يَجُرُّ نَفْعًا لِنَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ الْمَشْهُودُ لَهُ وَصِيًّا عَنْ الْمَيِّتِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ جَعَلْنَاهُ وَصِيًّا عَنْ الْمَيِّتِ وَلَمْ يَعْتَبِرْ نَفْعَ الشَّاهِدِ؛ لِأَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةَ النَّصْبِ وَالسَّبَبُ الْحَامِلُ لِاعْتِرَاضِ الْمُحَقِّقِ أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّهُ وَصِيٌّ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي وَحِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِلْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ وَصِيٌّ مِنْ جِهَةِ الْمَيِّتِ

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي وَصَايَا الْفَوَائِدِ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ أَنَّ وَصِيَّ الْقَاضِي كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ إلَّا فِي مَسَائِلَ وَأَشَارَ بِشَهَادَةِ الِابْنَيْنِ إلَى أَنَّ شَهَادَةَ الْغَرِيمَيْنِ لَهُمَا عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ بِأَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَى فُلَانٍ أَوْ الْوَصِيَّيْنِ بِأَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَى فُلَانٍ مَعَهُمَا كَذَلِكَ أَوْ الْمُوصَى لَهُ بِأَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَى فُلَانٍ فَفِي الْخَمْسِ إنْ ادَّعَى قُبِلَتْ وَإِلَّا لَا وَأَوْرَدَ عَلَى الرَّابِعَةِ بِأَنَّ الْمَيِّتَ إذَا كَانَ لَهُ وَصِيَّانِ فَالْقَاضِي لَا يَحْتَاجُ إلَى نَصْبِ آخَرَ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ لِإِقْرَارِهِمَا بِالْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ بِأُمُورِ الْمَيِّتِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَوْتِ مَعْرُوفًا فِي الْكُلِّ أَيْ ظَاهِرًا إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْغَرِيمَيْنِ لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَوْتُ مَعْرُوفًا؛ لِأَنَّهُمَا يُقِرَّانِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِثُبُوتِ وِلَايَةِ الْقَبْضِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ فَانْتَفَتْ التُّهْمَةُ وَثَبَتَ مَوْتُ رَبِّ الدَّيْنِ بِإِقْرَارِهِمَا فِي حَقِّهِمَا وَقِيلَ مَعْنَى الثُّبُوتِ أَمْرُ الْقَاضِي إيَّاهُمَا بِأَدَاءِ مَا عَلَيْهِمَا إلَيْهِ لِإِبْرَائِهِمَا عَنْ الدَّيْنِ بِهَذَا الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الدَّيْنِ مِنْهُمَا حَقٌّ عَلَيْهِمَا فَيُقْبَلُ مِنْهُمَا وَالْبَرَاءَةُ حَقٌّ لَهُمَا فَلَا يُقْبَلُ فِيهَا كَذَا فِي الْكَافِي.

وَإِنَّمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الِابْنَيْنِ فِي الْوَكَالَةِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي وِلَايَةُ نَصْبِ الْوَكِيلِ عَنْ الْغَائِبِ إلَّا فِي الْمَفْقُودِ فَلَوْ ثَبَتَتْ هَذِهِ الْوِلَايَةُ لَكَانَتْ بِشَهَادَتِهِمَا وَفِيهَا تُهْمَةٌ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لِأَبِيهِمَا وَلِاحْتِمَالِ التَّوَاضُعِ عَلَى أَخْذِ الْمَالِ وَقَوْلُهُ بِقَبْضِ دُيُونِهِ اتِّفَاقِيٌّ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا فِي غَيْبَةِ أَبِيهِمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ لَمْ تُقْبَلْ أَيْضًا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفَرَّقَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ الْمُصَنِّفُ وَالْوَصِيُّ يَدَّعِي) قَالَ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ أَيْ وَالْوَصِيُّ يَرْضَى هَكَذَا سَنَحَ لِلْبَالِ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِمَوْلَانَا عَلَاءِ الدِّينِ الْأَسْوَدِ مَا نَصُّهُ وَالْمُرَادُ مِنْ الدَّعْوَى فِي قَوْلِهِ وَالْوَصِيُّ يَدَّعِي هُوَ الرِّضَا إذْ الْجَوْزُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّعْوَى بَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ وَصِيًّا إذَا رَضِيَ هُوَ بِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ وَصِيٌّ مِنْ جِهَةِ الْمَيِّتِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُوَافِقُ كَلَامَ الْهِدَايَةِ الَّذِي قَصَدَ الِانْتِصَارَ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةَ نَصْبِ الْوَصِيِّ وَقَوْلُهُ فَيَكْفِي الْقَاضِيَ مُؤْنَةُ التَّعْيِينِ وَكَذَا مَا يَأْتِي قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِ وَأَوْرَدَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ وَصِيَّانِ فَالْقَاضِي لَا يَحْتَاجُ إلَى نَصْبِ آخَرَ فَالْحَقُّ مَا فَهِمَهُ الْمُحَقِّقُ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>