للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ ادَّعَى شُفْعَةً بِالْجِوَارِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَرَاهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى الْحَاصِلِ يُصَدَّقُ فِي يَمِينِهِ فِي مُعْتَقَدِهِ فَيَفُوتُ النَّظَرُ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي، وَإِنْ كَانَ سَبَبًا لَا يَرْتَفِعُ بِرَافِعٍ فَالتَّحْلِيفُ عَلَى السَّبَبِ بِالْإِجْمَاعِ كَالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ إذَا ادَّعَى الْعِتْقَ عَلَى مَوْلَاهُ بِخِلَافِ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ يُكَرِّرُ الرِّقَّ عَلَيْهَا بِالرِّدَّةِ وَاللِّحَاقِ بِدَارِ الْحَرْبِ وَعَلَيْهِ يُنْقَضُ الْعَهْدُ وَاللِّحَاقُ، وَلَا يُكَرَّرُ عَلَى الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَفِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ بِالْغَصْبِ، وَمَا يَجِبُ عَلَيْك رَدُّهُ قُصُورٌ وَالصَّوَابُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ مَا يَجِبُ عَلَيْك رَدُّهُ، وَلَا مِثْلُهُ، وَلَا بُدَّ لَهُ، وَلَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. اهـ.

وَكَذَا فِي قَوْلِهِ مَا هِيَ بَائِنٌ مِنْك الْآنَ؛ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالْبَائِنِ، وَأَمَّا الرَّجْعِيُّ فَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا هِيَ طَالِقٌ فِي النِّكَاحِ الَّذِي بَيْنَكُمَا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَقَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا طَلَّقْتهَا ثَلَاثًا فِي النِّكَاحِ الَّذِي بَيْنَكُمَا. اهـ.

كَمَا أَنَّ إدْخَالَ النِّكَاحِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي يَحْلِفُ فِيهَا عَلَى الْحَاصِلِ عِنْدَهُمَا غَفْلَةٌ مِنْ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالشَّارِحِينَ؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يَقُولُ بِالتَّحْلِيفِ فِي النِّكَاحِ، وَلِذَا قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ إنَّهُ يَحْلِفُ فِي النِّكَاحِ عَلَى قَوْلِهِمَا لَا عَلَى قَوْلِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ مُحَمَّدٌ يَحْلِفُ عَلَى صُورَةِ إنْكَارِ الْمُنْكِرِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ عَلَى صُورَةِ دَعْوَى الْمُدَّعِي. اهـ.

إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْإِمَامَ فَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَقُولُ بِهِ كَتَفْرِيعِهِ فِي الْمُزَارَعَةِ عَلَى قَوْلِهِمَا وَالْمَذْهَبُ فِي التَّحْلِيفِ قَوْلُهُمَا، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَلِذَا اخْتَارَهُ أَصْحَابُ الْمُتُونِ لَكِنْ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ إنَّهُ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْقَاضِيَ يَنْظُرُ إلَى إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ أَنْكَرَ السَّبَبَ كَالْبَيْعِ يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْحُكْمَ يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْقُضَاةِ ذَكَرَهُ مِسْكِينٌ، وَلَمْ يَسْتَوْفِ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمَسَائِلَ الْمُفَرَّعَةَ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ فَمِنْهَا الْأَمَانَةُ وَالدَّيْنُ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا، وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْأَلْفُ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا لَهُ قِبَلَك مَا يَدَّعِي، وَلَا شَيْءَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ الْأَلْفُ إلَّا دِرْهَمًا فَيَكُونُ صَادِقًا. اهـ.

وَفِيمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي التَّحْلِيفِ عَلَى الْوَدِيعَةِ قُصُورٌ وَالصَّوَابُ مَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَفِي دَعْوَى الْوَدِيعَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا لَهُ هَذَا الْمَالُ الَّذِي ادَّعَاهُ فِي يَدَيْك وَدِيعَةً، وَلَا شَيْءَ مِنْهُ، وَلَا لَهُ قِبَلَك حَقٌّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَتَى اسْتَهْلَكَهَا أَوْ دَلَّ إنْسَانًا عَلَيْهَا لَا تَكُونُ فِي يَدَيْهِ وَيَكُونُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا فَلَا يُكْتَفَى بِقَوْلِهِ فِي يَدَيْك بَلْ يُضَمُّ إلَيْهِ، وَلَا لَهُ قِبَلَك حَقٌّ مِنْهُ احْتِيَاطًا. اهـ.

وَمِنْهَا دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فَإِنْ كَانَ فِي مِلْكٍ مَنْقُولٍ حَاضِرٍ فِي الْمَجْلِسِ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْعَيْنُ مِلْكُ الْمُدَّعِي مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يَدَّعِيهِ، وَلَا شَيْءٌ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ إنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي يَدِهِ، وَأَنْكَرَ كَوْنَهُ مِلْكَ الْمُدَّعِي كُلِّفَ إحْضَارَهُ لِيُشِيرَ إلَيْهِ، وَإِنْ أَنْكَرَ كَوْنَهُ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ بَعْدَ صِحَّةِ الدَّعْوَى مَا لِهَذَا فِي يَدَيْك كَذَا، وَلَا شَيْءَ مِنْهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْك، وَلَا قِبَلَك، وَلَا قِيمَتَهُ، وَهِيَ كَذَا، وَلَا شَيْءَ مِنْهَا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَمِنْهَا دَعْوَى إجَارَةِ الضَّيْعَةِ أَوْ الدَّارِ أَوْ الْحَانُوتِ أَوْ الْعَبْدِ أَوْ دَعْوَى مُزَارَعَةٍ فِي أَرْضٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ فِي نَخْلٍ بِاَللَّهِ مَا بَيْنَك وَبَيْنَ هَذَا الْمُدَّعِي إجَارَةٌ قَائِمَةٌ تَامَّةٌ لَازِمَةٌ الْيَوْمَ فِي هَذَا الْعَيْنِ الْمُدَّعَى، وَلَا لَهُ قِبَلَك حَقٌّ بِالْإِجَارَةِ الَّتِي وُصِفَتْ كَذَا فِي الْخِزَانَةِ، وَمِنْهَا مَا لَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا، وَأَنَّهَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا، وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يُنْكِرَ الزَّوْجُ الْأَمْرَ وَالِاخْتِيَارَ جَمِيعًا، وَفِيهِ لَا يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ مَا هِيَ بَائِنٌ مِنْك السَّاعَةَ رُبَّمَا تَأَوَّلَ قَوْلَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْوَاقِعَ بِالْأَمْرِ بِالْيَدِ رَجْعِيٌّ فَيَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ، وَلَكِنْ يُحْتَاطُ فِيهِ لِلزَّوْجِ بِاَللَّهِ مَا قُلْت لَهَا مُنْذُ آخِرِ تَزَوُّجٍ تَزَوَّجْتهَا أَمْرُك بِيَدِك، وَمَا تَعْلَمُ أَنَّهَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا بِحُكْمِ ذَلِكَ الْأَمْرِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالْأَمْرِ، وَأَنْكَرَ اخْتِيَارَهَا يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّهَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا، وَإِنْ أَقَرَّ بِالِاخْتِيَارِ وَأَنْكَرَ الْأَمْرَ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا جَعَلْت أَمْرَ امْرَأَتِك هَذِهِ بِيَدِهَا قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، وَكَذَا إنْ ادَّعَتْ أَنَّ الزَّوْجَ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا، وَقَدْ فَعَلَ فَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَمِنْهَا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي حَلِفِ الْبَيْعِ قَاصِرٌ وَالْحَقُّ مَا فِي الْخِزَانَةِ مِنْ التَّفْصِيلِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ فَإِنْ ذَكَرَ نَقْدَ الثَّمَنِ فَادَّعَى عَلَيْهِ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْعَبْدُ مِلْكُ الْمُدَّعِي، وَلَا شَيْءٌ مِنْهُ بِالسَّبَبِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْإِمَامَ فَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِمَا) أَوْ يُقَالُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَعَ النِّكَاحِ دَعْوَى الْمَالِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْعَلَّامَةِ الْمَقْدِسِيَّ وَلَكِنْ ذَكَرَهُ فِي الْيَعْقُوبِيَّةِ أَيْضًا ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يَحْلِفُ عِنْدَهُ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْمَالِ لَا عَلَى عَدَمِ النِّكَاحِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَفِيمَا ذَكَرَهُ) أَيْ فِي أَوَّلِ الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>