للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا خُصُومَةَ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ دُفِعَتْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يُحَلِّفُ الْمُدَّعِيَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ، وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ، وَأَطْلَقَ فِي انْدِفَاعِهَا فِيمَا ذُكِرَ فَشَمِلَ مَا إذَا صُدِّقَ ذُو الْيَدِ عَلَى دَعْوَى الْمِلْكِ ثُمَّ دَفَعَهُ بِمَا ذُكِرَ فَإِنَّهَا تَنْدَفِعُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَإِنْ ادَّعَى ذُو الْيَدِ الْوَدِيعَةَ، وَلَمْ يُبَرْهِنْ عَلَيْهَا، وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّ الْغَائِبَ أَوْدَعَهُ عِنْدَهُ يُحَلِّفُ الْحَاكِمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَقَدْ أَوْدَعَهَا إلَيْهِ عَلَى الْبَتَاتِ لَا عَلَى الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ فِعْلَ الْغَيْرِ لَكِنْ تَمَامُهُ بِهِ، وَهُوَ الْقَبُولُ، وَإِنْ طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينَ الْمُدَّعِي فَعَلَى الْعِلْمِ بِاَللَّهِ مَا يَعْلَمُ إيدَاعَ فُلَانٍ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ الْغَيْرِ، وَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهِ، وَفِي الذَّخِيرَةِ لَا يَحْلِفُ ذُو الْيَدِ عَلَى الْإِيدَاعِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْإِيدَاعَ، وَلَا حَلِفَ عَلَى الْمُدَّعِي، وَلَوْ حَلَفَ أَيْضًا لَا يَنْدَفِعُ، وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعِيَ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ. اهـ.

وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِ الْمُدَّعِي ادَّعَاهُ مِلْكًا مُطْلَقًا يَعْنِي فَقَطْ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا ادَّعَى عَبْدًا أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَأَعْتَقَهُ فَدَفَعَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ وَبَرْهَنَا فَإِنَّهُ لَا تَنْدَفِعُ وَيُقْضَى بِالْعِتْقِ عَلَى ذِي الْيَدِ فَإِنْ جَاءَ الْغَائِبُ وَادَّعَى أَنَّهُ عَبْدُهُ، وَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ يُقْضَى بِهِ فَلَوْ ادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ عَبْدُهُ لَمْ يُسْمَعْ وَكَذَا فِي الِاسْتِيلَادِ وَالتَّدْبِيرِ، وَلَوْ أَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ فَبَرْهَنَ ذُو الْيَدِ عَلَى إيدَاعِ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِعَيْنِهِ يُقْبَلُ وَبَطَلَتْ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ قِيلَ لِلْعَبْدِ أَعِدْ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَامَهَا قَضَيْنَا بِعِتْقِهِ، وَإِلَّا رُدَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ أَنَا حُرُّ الْأَصْلِ قُبِلَ قَوْلُهُ: وَلَوْ بَرْهَنَ ذُو الْيَدِ عَلَى الْإِيدَاعِ، وَلَا يُنَافِيهِ دَعْوَى حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ فَإِنَّ الْحُرَّ قَدْ يُودَعُ وَكَذَا الْإِجَارَةُ وَالْإِعَارَةُ.

وَأَمَّا فِي الرَّهْنِ قَالَ بَعْضُهُمْ الْحُرُّ قَدْ يُرْهَنُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُرْهَنُ فَتُعْتَبَرُ الْعَادَةُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ، وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا ادَّعَى أَنَّ الدَّارَ وَقْفٌ عَلَيْهِ فَدَفَعَهُ ذُو الْيَدِ بِمَا ذُكِرَ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ إنَّ دَعْوَى الْوَقْفِ مِنْ قَبِيلِ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ أَنْ تَنْدَفِعَ إذَا بَرْهَنَ، وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِ الْقَاضِي لَمْ يَقْضِ بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ قَضَى بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي ثُمَّ بَرْهَنَ ذُو الْيَدِ عَلَى مَا ذُكِرَ لَمْ تُسْمَعْ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَالْفُصُولِ وَسَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ دَعْوَى الْإِيدَاعِ قَبْلَ الْبُرْهَانِ أَوْ قَبْلَ دَعْوَاهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اقْتَصَرَ عَلَى الدَّفْعِ بِمَا ذَكَرَ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا زَادَ، وَقَالَ كَانَتْ دَارِي بِعْتهَا مِنْ فُلَانٍ، وَقَبَضَهَا ثُمَّ أَوْدَعَنِيهَا أَوْ ذَكَرَ هِبَةً، وَقَبْضًا لَمْ تَنْدَفِعْ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ أَوْ يَعْلَمُهُ الْقَاضِي، وَلَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي ثُمَّ قَامَا إلَى إحْضَارِ الْبَيِّنَةِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنِّي وُهِبْتُهَا مِنْ فُلَانٍ فَسَلَّمْتهَا إلَيْهِ ثُمَّ أَوْدَعَنِيهَا وَغَابَ لَمْ يُسْمَعْ وَكَذَا فِي الْبَيْعِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الْمُدَّعِي أَوْ يَعْلَمَ الْقَاضِي فَلَوْ بَرْهَنَ الْمُدَّعِي ثُمَّ صَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيْعًا أَوْ هِبَةً قَبْلَ الْقَضَاءِ لَمْ تَنْدَفِعْ سَوَاءٌ أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعِي أَوْ عَلِمَهُ الْقَاضِي أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ فِي الْمَسَائِلِ الْمُخَمَّسَةِ لَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا لِفُلَانٍ الْغَائِبِ فَقَطْ لَمْ تُقْبَلْ، وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ انْدَفَعَتْ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَأَفَادَ الْمُؤَلِّفُ بِجَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ أَجَابَ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ لِي أَوْ هِيَ لِفُلَانٍ، وَلَمْ يَزِدْ لَا يَكُونُ دَفْعًا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ دَفْعَ الدَّفْعِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ قَوْلِهِ دُفَعْت أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَحْلِفُ لِلْمُدَّعِي إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ بَعْدَ الْبُرْهَانِ كَيْفَ يُتَوَهَّمُ وُجُوبُ الْحَلِفِ أَمَّا قَبْلَهُ فَسَيُذْكَرُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ وَعَنْ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُؤَلِّفَ لَاحَظَ أَنَّهُ يُمْكِنُ قِيَاسُهُ عَلَى مَدْيُونِ الْمَيِّتِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَشَمِلَ مَا إذَا صُدِّقَ ذُو الْيَدِ عَلَى دَعْوَى الْمِلْكِ) قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ (شح) قَالَ ذُو الْيَدِ إنَّهُ لِلْمُدَّعِي إلَّا أَنَّهُ أَوْدَعَنِي فُلَانٌ تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ لَوْ بَرْهَنَ، وَإِلَّا فَلَا (فش) لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ إذَا صَدَّقَهُ أَقُولُ: فَعَلَى إطْلَاقِهِ يَقْتَضِي أَنْ لَا تَنْدَفِعَ وَلَوْ بَرْهَنَ عَلَى الْإِيدَاعِ، وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ الْحُرُّ قَدْ يُرْهَنُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالُوا الْحُرُّ لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ وَأَقُولُ: فَلَوْ رَهَنَ رَجُلٌ قَرَابَتَهُ كَابْنِهِ أَوْ أَخِيهِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ السَّلَاطِينِ فَلَا حُكْمَ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣] .

وَالْحُرُّ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْيَدُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَرَأَيْت فِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ وَهُوَ النَّخَعِيّ قَالَ إذَا رُهِنَ الرَّجُلُ الْحُرُّ فَأَقَرَّ بِذَلِكَ كَانَ رَهْنًا حَتَّى يَفُكَّهُ لِذِي رَهْنِهِ أَوْ يَفُكَّ نَفْسَهُ وَجْهُ كَلَامِ النَّخَعِيّ الْمُؤَاخَذَةُ بِإِقْرَارِهِ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّ دَعْوَى الْوَقْفِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هَذَا مِمَّا لَا يُشَكُّ فِيهِ إذْ هُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ إطْلَاقِ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَالْفَتَاوَى فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْمِلْكِ وَانْظُرْ فِي عِبَارَةِ هَذَا الْمَتْنِ فَإِنَّهَا صَرِيحَةٌ فِيهِ فَقَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ إلَخْ مُسْتَدْرَكٌ مَعَ هَذَا الْإِطْلَاقِ الْمَذْكُورِ وَسَيَنْقُلُهُ بِعَيْنِهِ قَرِيبًا عَنْ الْإِسْعَافِ فِي أَوَاخِرِ الْوَرَقَةِ الثَّانِيَةِ تَأَمَّلْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.

يَعْنِي: أَوَّلَ الْفَصْلِ الْآتِي.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ قَضَى بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي إلَخْ) قَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ يَقُولُ الْحَقِيرُ فِيهِ إشْكَالٌ سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ هَذَا الْفَصْلِ نَقْلًا عَنْ (ذ) أَنَّهُ كَمَا يَصِحُّ الدَّفْعُ قَبْلَ الْحُكْمِ يَصِحُّ بَعْدَهُ أَيْضًا وَلَعَلَّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّفْعَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَا يُسْمَعُ، وَهُوَ خِلَافُ الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ كَمَا سَيَأْتِي أَيْضًا هُنَاكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.

وَسَيَأْتِي عَيْنُ هَذَا الْإِشْكَالِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ قَرِيبًا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَدَّعِ الْإِيدَاعَ أَوْ ادَّعَاهُ وَلَمْ يُبَرْهِنْ عَلَيْهِ لَمْ يَظْهَرْ أَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ يَدَ خُصُومَةٍ فَتَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى الْخَارِجِ وَصَحَّ الْحُكْمُ بِهَا بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهَا قَامَتْ عَلَى خَصْمٍ ثُمَّ إذَا أَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ الْإِيدَاعَ لَا يُمْكِنُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَجْنَبِيًّا يُرِيدُ إثْبَاتَ الْمِلْكِ لِلْغَائِبِ، وَإِيدَاعِهِ فَلَمْ تَتَضَمَّنْ دَعْوَاهُ إبْطَالَ الْقَضَاءِ السَّابِقِ وَالدَّفْعُ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ فِيهِ بُرْهَانٌ عَلَى إبْطَالِ الْقَضَاءِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا وَلَمَّا لَمْ يُقْبَلْ بُرْهَانُهُ وَلَا دَعْوَاهُ لِمَا قُلْنَا لَمْ يَظْهَرْ بُطْلَانُ الْقَضَاءِ وَعَلَى هَذَا لَا تَرِدُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا لِفُلَانٍ الْغَائِبِ فَقَطْ) أَيْ وَلَمْ يَشْهَدُوا بِالْإِيدَاعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>