للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي مَاتَ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ وَالِابْنُ الْمَوْلُودُ فِي الْكِتَابَةِ لَا يَرِثُ مِنْ أَخِيهِ الَّذِي مَاتَ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة مَاتَ الرَّجُلُ عَنْ مُكَاتَبِهِ وَلَهُ وَرَثَةٌ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ، ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ يُؤَدِّي مِنْ ذَلِكَ بَدَلَ الْكِتَابَةِ وَيَكُونُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَمَا فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ وَارِثٌ فَهُوَ لِلذُّكُورِ مِنْ وَرَثَةِ الْمَوْلَى دُونَ الْإِنَاثِ وَفِي الْمُحِيطِ مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ يُبْدَأُ بِالدَّيْنِ، ثُمَّ بِبَدَلِ الْجِنَايَةِ، ثُمَّ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ، ثُمَّ بِمَهْرِ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ، ثُمَّ الْبَاقِي مِيرَاثٌ بَيْنَ أَوْلَادِهِ الَّذِينَ عَتَقُوا بِعِتْقِهِ وَاَلَّذِينَ كَانُوا أَحْرَارًا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الدُّيُونَ مَتَى اجْتَمَعَتْ يُبْدَأُ بِالْأَقْوَى وَدَيْنُ الْمُدَايَنَةِ أَقْوَى مِنْ دَيْنِ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَدَيْنَ الْجِنَايَةِ عِوَضٌ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ مُبْدَلَهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَلِهَذَا لَا يُمْلَكُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَدَيْنُ الْجِنَايَةِ أَقْوَى مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالْعَجْزِ وَدَيْنُ الْكِتَابَةِ أَقْوَى مِنْ دَيْنِ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَالْمَهْرُ وَجَبَ بِعَقْدٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَإِنْ مَاتَ عَنْ وَفَاءِ دَيْنِ الْمَوْلَى يُبْدَأُ بِدَيْنِ الْمَوْلَى، ثُمَّ بِالْكِتَابَةِ وَالْبَاقِي مِيرَاثٌ فَإِنْ لَمْ يُوَفِّ بِالدَّيْنِ وَالْكِتَابَةِ بَدَأَ بِالْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَدَأَ بِهَا يَمُوتُ حُرًّا وَالْوَلَدُ الْمَوْلُودُ فِي الْكِتَابَةِ وَالْوَلَدُ الْمُكَاتَبُ مَعَهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً سَيَأْتِي فِي الْإِرْثِ؛ لِأَنَّهُمَا يُعْتَقَانِ مَعَهُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مُنْفَرِدًا بِالْكِتَابَةِ فَأَدَّى بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ بَعْدَ قَضَاءِ مُكَاتَبَةِ الْأَبِ أَوْ قَبْلَهُ لَمْ يَرِثْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ عَبْدًا يَوْمَ مَاتَ الْأَبُ فَلَمْ يُعْتَقْ بِعِتْقِهِ وَإِنَّمَا عَتَقَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ كَاتَبَ عَبْدًا مُشْتَرَكًا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَمَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ كَسْبًا فَقَدْ مَاتَ عَاجِزًا عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ نِصْفَهُ يَصِيرُ مُكَاتَبًا فَلَا سَبِيلَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى كَسْبِهِ، وَعِنْدَهُمَا كُلُّهُ مُكَاتَبٌ وَيَكُونُ كُلُّ الْكَسْبِ مِلْكًا لَهُ فَيُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِ وَيَضْمَنُ الْمُكَاتَبُ نِصْفَ قِيمَتِهِ لِشَرِيكِهِ اهـ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا وُلِدَ فِي كِتَابَتِهِ وَلَا وَفَاءَ سَعَى كَأَبِيهِ عَلَى نُجُومِهِ فَإِنْ أَدَّى حُكِمَ بِعِتْقِهِ وَعِتْقِ أَبِيهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمَتْنِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا وُلِدَ فِي كِتَابَتِهِ مِنْ أَمَتِهِ أَوْ أَمَةِ الْغَيْرِ وَظَاهِرُ الْعِلَّةِ تَقْيِيدُهُ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ دَخَلَ فِي كِتَابَتِهِ وَكَسْبِهِ لَهُ فَيَخْلُفُهُ فِي الْأَدَاءِ وَصَارَ أَدَاؤُهُ كَأَدَاءِ أَبِيهِ فَجُعِلَ كَأَنَّهُ تَرَكَ وَفَاءً مَعَ الْوَلَدِ وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ يَسْعَى أَنَّ الْوَلَدَ الْمَوْلُودَ فِيهَا لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى السَّعْيِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ فِي الْكَافِي لَوْ كَاتَبَ أَمَته عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَوَلَدَتْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَمَاتَتْ وَبَقِيَ الْوَلَدُ يَبْقَى خِيَارُهُ وَعَقْدُ الْكِتَابَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَالثَّانِي وَلَهُ أَنْ يُجِيزَهَا، وَإِذَا أَجَازَ يَسْعَى الْوَلَدُ عَلَى نُجُومِ الْأُمِّ، وَإِذَا أَدَّى عَتَقَتْ الْأُمُّ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهَا وَعَتَقَ وَلَدُهَا، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَعِنْدَ الثَّالِثِ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ وَلَا يَصِحُّ إجَازَةُ الْمَوْلَى وَهُوَ الْقِيَاسُ وَفِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ تَرَكَ أُمَّ وَلَدِهِ مَعَهَا وَلَدٌ لَا تُبَاعُ وَاسْتَسْعَتْ فِي الْكِتَابَةِ عَلَى نُجُومِ الْمُكَاتِبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ بَاعَهَا عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ حُرِّيَّةَ أُمِّ الْوَلَدِ لِأَجْلِ الْوَلَدِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ تُبَاعُ، وَعِنْدَهُمَا لَا تُبَاعُ وَتُؤَدِّي بَدَلَ الْكِتَابَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ.

وَلَوْ حَلَّ عَلَى أَوْلَادِهِ الْمَوْلُودِينَ فِي الْكِتَابَةِ نَجْمٌ وَلَمْ يُؤَدُّوا أَوْ بَعْضُهُمْ غَائِبٌ لَمْ يُرَدَّ الْحَاضِرُ فِي الرِّقِّ حَتَّى يَرْجِعَ الْغَائِبُ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ عَلَى الْحَاضِرِ فَسْخٌ عَلَى الْغَائِبِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ فِي حَقِّ الْغَائِبِ فَتَعَذَّرَ فِي حَقِّ الْحَاضِرِ أَيْضًا وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَإِذَا مَاتَ الْمُكَاتِبُ عَنْ وَلَدٍ مَوْلُودٍ فِي الْكِتَابَةِ وَوَلَدٍ مُشْتَرًى مَعَهَا فَعِنْدَهُمَا يَسْعَيَانِ فِي نُجُومِ الْأُمِّ فَمَا اتَّصَلَ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ مَوْتِ الْأُمِّ فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً، وَعِنْدَ الْإِمَامِ الْمَوْلُودِ يَسْعَى عَلَى نُجُومِ الْأُمِّ وَيُؤَدِّي بَدَلَ الْكِتَابَةِ وَهُوَ الْمُطَالَبُ وَيَسْعَى الْوَلَدُ الْمُشْتَرَى وَيَأْخُذُ مِنْ كَسْبِهِ وَيُؤَجِّرُهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَمَا فَضَلَ يَكُونُ مِيرَاثًا عَنْ الْأُمِّ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا وَفِي الْأَصْلِ الْوَلَدُ الْمَوْلُودُ فِي الْكِتَابَةِ يَسْعَى فِي دُيُونِ الْأَبِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ تَرَكَ وَلَدًا مُشْتَرًى عَجَّلَ الْبَدَلَ حَالًّا أَوْ رُدَّ رَقِيقًا) وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمَتْنِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمُشْتَرَى بَيْنَ أَنْ يَكُونَ وُلِدَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ أَوْ قَبْلَهَا وَسَيَأْتِي الْبَيَانُ، وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا يَسْعَى عَلَى نُجُومِهِ كَالْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَتِهِ حَتَّى جَازَ لِلْمَوْلَى إعْتَاقُهُ كَمَا يَجُوزُ إعْتَاقُ الْمُكَاتَبُ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ سَائِرِ أَكْسَابِ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ إعْتَاقَهُ وَلِلْإِمَامِ أَنَّ الْأَجَلَ يَثْبُتُ بِالشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ فَيَثْبُتُ فِي حَقِّ مَنْ دَخَلَ تَحْتَ الْكِتَابَةِ وَالْمُشْتَرَى لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ إلَيْهِ الْعَقْدَ وَلَمْ يَسْرِ حُكْمُهُ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ مُنْفَصِلًا وَقْتَ الْكِتَابَةِ وَأُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ مَرَّ فِي أَوَّلِ فَصْلِ الْمُكَاتَبِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا اشْتَرَى أَبَاهُ أَوْ ابْنَهُ دَخَلَ فِي كِتَابَتِهِ وَأَيْضًا لَوْ لَمْ يَسْرِ حُكْمُهُ إلَيْهِ لَمَا عَتَقَ عِنْدَهُ بِأَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ حَالًّا وَأُجِيبَ أَنَّ الْمُرَادَ بِدُخُولِ الْوَلَدِ الْمُشْتَرَى فِي كِتَابَةِ أَبِيهِ لَيْسَ لِسِرَايَةِ حُكْمِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ الَّذِي جَرَى بَيْنَ الْمُكَاتَبِ وَمَوْلَاهُ إلَيْهِ، بَلْ يُجْعَلُ الْمُكَاتَبُ مُكَاتَبًا لِوَلَدِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>