للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاسْتِخْدَامِ ضَمِنَهُ وَفِي أَجْنَاسِ النَّاطِفِيِّ إذَا اسْتَعْمَلَ الْعَبْدَ الْمُشْتَرَكَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا وَرَوَى هِشَامٌ أَنَّهُ يَصِيرُ غَاصِبًا نَصِيبَ صَاحِبِهِ وَفِي الدَّابَّةِ يَصِيرُ غَاصِبًا نَصِيبَ صَاحِبِهِ بِالْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ وَفِي الرِّوَايَتَيْنِ فَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمَتْنِ أَنَّهُ يَصِيرُ غَاصِبًا بِنَفْسِ الْحَمْلِ حَوَّلَهَا عَنْ مَكَانِهَا أَوْ لَا قَالَ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ رَكِبَ دَابَّةً بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا ثُمَّ نَزَلَ عَنْهَا وَتَرَكَهَا فِي مَكَانِهَا ذَكَرَ فِي آخَرِ كِتَابِ اللُّقَطَةِ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ حَتَّى يُحَوِّلَهَا وَفِي الْغِيَاثِيَّةِ هُوَ الْمُخْتَارُ وَفِي الْمُنْتَقَى لَا ضَمَانَ عَلَى رَجُلٍ تَعَدَّى عَلَى ظَهْرِ دَابَّةٍ وَلَمْ يُحَوِّلْهَا عَنْ مَوْضِعِهَا وَجَاءَ رَجُلٌ آخَرُ وَعَقَرَهَا فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي عَقَرَهَا وَفِي أَجْنَاسِ النَّاطِفِيِّ رَجُلٌ يُكَسِّرُ الْحَطَبَ فَجَاءَ غُلَامٌ وَقَالَ: اعْطِنِي الْقَدُّومَ حَتَّى أَكْسِرَ أَنَا مَكَانُك فَأَبَى صَاحِبُ الْحَطَبِ فَأَخَذَ الْغُلَامُ الْقَدُّومَ فَكَسَرَ فَضَرَبَ فَوَقَعَ بَعْضُ الْمَكْسُورِ عَلَى عَيْنِ الْغُلَامِ لَا يَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الْحَطَبِ شَيْءٌ.

وَلَوْ وَجَّهَ جَارِيَةً إلَى النَّخَّاسِ لِيَبِيعَهَا فَبَعَثَتْهَا امْرَأَةُ النَّخَّاسِ فِي حَاجَتِهَا فَهَرَبَتْ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ جَارِيَةٌ جَاءَتْ إلَى النَّخَّاسِ وَطَلَبَتْ الْبَيْعَ ذَهَبَتْ وَلَا يَدْرِي أَيْنَ ذَهَبَتْ وَقَالَ النَّخَّاسُ رَدَدْتهَا عَلَى مَوْلَاهَا فَالْقَوْلُ لَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّخَّاسَ لَمْ يَأْخُذْ الْجَارِيَةَ وَمَعْنَى الرَّدِّ أَمْرُهَا بِالذَّهَابِ إلَى مَنْزِلِ السَّيِّدِ فَلَوْ أَخَذَهَا النَّخَّاسُ أَوْ ذَهَبَ بِهَا إلَى مَنْزِلِ مَوْلَاهَا فَلَا يَصْدُقُ قَوْلُهُ رَدَدْتهَا فَلَوْ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَبِالِاسْتِخْدَامِ لَهُ وَالْحَمْلِ وَالتَّحْوِيلِ لَكَانَ أَوْلَى لِمَا عَلِمْت

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (لَا الْجُلُوسُ عَلَى الْبِسَاطِ) ؛ لِأَنَّ الْجُلُوسَ عَلَى بِسَاطِ الْغَيْرِ لَيْسَ بِتَصَرُّفٍ فِيهِ وَلِهَذَا لَا يُرَجَّحُ بِهِ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ مَا لَمْ يَصِرْ فِي يَدِهِ وَالْبَسْطُ فِعْلُ الْمَالِكِ فَبَقِيَ أَثَرُ يَدِ الْمَالِكِ فِيهِ مَا بَقِيَ فِعْلُهُ لِعَدَمِ مَا يُزِيلُهُ مِنْ النَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَيَجِبُ رَدُّ عَيْنِهِ فِي مَكَانِ غَصْبِهِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّ» أَيْ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ أَخِيهِ لَاعِبًا وَلَا جَادًّا وَإِنْ أَخَذَهُ فَلْيَرُدَّهُ عَلَيْهِ» وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَهُ سَرِقَةً وَلَكِنْ يُرِيدُ إدْخَالَ الْغَيْظِ عَلَيْهِ وَ؛ لِأَنَّهُ بِالْأَخْذِ فَوَّتَ عَلَيْهِ الْيَدَ وَهِيَ مَقْصُودَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَتَوَصَّلُ بِهَا إلَى تَحْصِيلِ ثَمَرَاتِ الْمِلْكِ مِنْ الِانْتِفَاعِ وَالتَّصَرُّفِ وَلِهَذَا شُرِعَتْ الْكِتَابَةُ وَالْإِذْنُ مَعَ أَنَّهَا لَا تُفِيدُ سِوَى الْيَدِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ نَسْخُ فِعْلِهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ وَأَتَمُّ وُجُوهِهِ رَدُّ عَيْنِهِ فِي مَكَانِ غَصْبِهِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ وَرَدُّ الْعَيْنِ هُوَ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ؛ لِأَنَّهُ أَعْدَلُ وَرَدُّ الْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ مُخَلِّصٌ فَيُصَارُ إلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّ الْعَيْنِ وَلِهَذَا لَوْ أَتَى بِالْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْعَيْنِ لَا يَعْتَدُّ بِهِ وَلَوْ رَدَّ الْعَيْنَ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْمَالِكِ بَرِئَ مِنْهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ لَمَا بَرِئَ إلَّا إذَا عَلِمَ وَقَبَضَهُ كَمَا فِي قَبْضِ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ وَقَبِلَ الْمُوجِبَ الْأَصْلِيَّ وَهُوَ الْمِثْلُ أَوْ الْقِيمَةُ وَرَدُّ الْعَيْنِ مُخَلِّصٌ وَلِهَذَا لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الضَّمَانِ حِينَ قِيَامِ الْعَيْنِ يَصِحُّ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ بِالْهَلَاكِ.

وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الْعَيْنِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ كَانَ لِلْغَاصِبِ نِصَابٌ يَنْتَقِصُ بِهِ كَمَا يَنْتَقِصُ بِالدَّيْنِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ الْمِثْلُ أَوْ الْقِيمَةُ وَوُجُوبُ رَدِّهِ فِي مَكَانِ غَصْبِهِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ كَمَا سَيَأْتِي وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَدَاءُ الْقِيمَةِ فِي مَكَانِ غَصْبِهِ فَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ غَصَبَ عَبْدًا حَسَنَ الصَّوْتِ فَتَغَيَّرَ صَوْتُهُ عِنْدَ الْغَاصِبِ كَانَ لَهُ النُّقْصَانُ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُغَنِّيًا فَنَسِيَ ذَلِكَ عِنْدَ الْغَاصِبِ لَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ وَفِي الْمُنْتَقَى غَصَبَ مِنْ آخَرَ دَوَابَّ بِالْكُوفَةِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَإِنْ شَاءَ قِيمَتَهَا بِالْكُوفَةِ قَالَ وَكَذَا الْخَادِمُ وَكَذَا مَا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ إلَّا الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا حَيْثُ وَجَدَهَا وَإِنْ اخْتَلَفَ السِّعْرُ؛ لِأَنَّهُ أَثْمَانٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِثْلِيًّا وَقَدْ هَلَكَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، فَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي الْتَقَيَا فِيهِ مِثْلَ السِّعْرِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ أَوْ أَكْثَرَ بَرِئَ بِرَدِّ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي الْتَقَيَا فِيهِ أَقَلَّ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَةَ الْعَيْنِ حَيْثُ غَصَبَهُ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ وَفِي الْخَانِيَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ فِي الْمَكَانَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالثَّمَنِ وَفِيهَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَجُلٌ غَصَبَ حِنْطَةً بِمَكَّةَ وَحَمَلَهَا إلَى بَغْدَادَ قَالَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا بِمَكَّةَ وَلَوْ غَصَبَ غُلَامًا بِمَكَّةَ فَجَاءَ بِهِ إلَى بَغْدَادَ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ أَخَذَ غُلَامَهُ وَفِي الْيَنَابِيعِ قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ سَمِعْت أَبَا يُوسُفَ فِي رَجُلٍ غَصَبَ عَبْدًا فَذَهَبَ بِهِ إلَى قَرْيَةٍ فَلَقِيَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَخَاصَمَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ عَبْدَهُ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ اهـ.

فَلَوْ زَادَ الْمُؤَلِّفُ وَمَكَانَ غَصْبِهِ حَيْثُ لَا يَتَغَيَّرُ وَلَا يَقِلُّ لَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>