للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الدِّيَةِ فَكَذَا هُنَا لِلِاحْتِيَاطِ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ الْكُلَّ عُضْوٌ وَاحِدٌ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّ الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ عُضْوٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْقُبُلَ مَعَ مَا حَوْلَهُ عُضْوٌ وَالدُّبُرَ مَعَ مَا حَوْلَهُ عُضْوٌ، وَأَمَّا الرُّكْبَةُ مَعَ الْفَخِذِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُمَا عُضْوٌ وَاحِدٌ، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ؛ لِأَنَّ الرُّكْبَةَ مُلْتَقَى عَظْمِ السَّاقِ وَالْفَخِذِ فَلَيْسَتْ بِعُضْوٍ مُسْتَقِلٍّ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا جُعِلَتْ عَوْرَةً تَبَعًا لِلْفَخِذِ احْتِيَاطًا فَعَلَى هَذَا لَوْ صَلَّى وَرُكْبَتَاهُ مَكْشُوفَتَانِ وَالْفَخِذُ مُغَطًّى فَإِنَّهُ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُنْيَةِ وَفِي شَرْحِهَا وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْكَعْبَ لَيْسَ بِعُضْوٍ مُسْتَقِلٍّ بَلْ هُوَ مَعَ السَّاقِ عُضْوٌ وَاحِدٌ فَعَلَى هَذَا إنَّمَا يُمْنَعُ رُبْعُ السَّاقِ مَعَ رُبْعِ الْكَعْبِ أَوْ مِقْدَارُ رُبْعِهِمَا وَالدُّبُرُ عُضْوٌ وَاحِدٌ وَكُلُّ أَلْيَةٍ عُضْوٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَكُلُّ أُذُنٍ عُضْوٌ عَلَى حِدَةٍ وَثَدْيُ الْمَرْأَةِ إنْ كَانَتْ نَاهِدَةً فَهِيَ تَبَعٌ لِصَدْرِهَا وَإِنْ كَانَتْ مُنْكَسِرَةً فَهِيَ أَصْلٌ بِنَفْسِهَا وَالنَّاهِدَةُ بِمَعْنَى النَّافِرَةِ مِنْ الصَّدْرِ غَيْرُ مُسْتَرْخِيَةٍ وَالثَّدْيُ يَذَّكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَالتَّذْكِيرُ أَشْهَرُ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْمُغْرِبِ سِوَى التَّذْكِيرِ وَمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالْعَانَةِ عُضْوٌ وَالْمُرَادُ مِنْهُ حَوْلَ جَمِيعِ الْبَدَنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الزِّيَادَاتِ امْرَأَةٌ صَلَّتْ فَانْكَشَفَ شَيْءٌ مِنْ فَخِذِهَا وَشَيْءٌ مِنْ سَاقِهَا وَشَيْءٌ مِنْ صَدْرِهَا وَشَيْءٌ مِنْ عَوْرَتِهَا الْغَلِيظَةِ وَلَوْ جُمِعَ بَلَغَ رُبْعَ عُضْوٍ صَغِيرٍ مِنْهَا لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهَا؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْأَعْضَاءِ عِنْدَ الِانْكِشَافِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ فَيُجْمَعُ كَالنَّجَاسَةِ الْمُتَفَرِّقَةِ فِي مَوَاضِعَ وَالطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ فِي مَوَاضِعَ بِخِلَافِ الْخُرُوقِ كَمَا قَدَّمْنَا فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

وَذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ بِالْأَجْزَاءِ وَإِلَّا يُمْنَعُ الْقَلِيلُ فَلَوْ انْكَشَفَ نِصْفُ ثُمُنِ الْفَخِذِ وَنِصْفُ ثُمُنِ الْأُذُنِ وَذَلِكَ يَبْلُغُ رُبْعَ الْأُذُنِ أَوْ أَكْثَرَ لَا رُبْعَ جَمِيعِ الْعَوْرَةِ الْمُنْكَشِفَةِ لَا تَبْطُلُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى مَجْمُوعِ الْأَعْضَاءِ الْمُنْكَشِفَةِ بَعْضُهَا وَإِلَى مَجْمُوعِ الْمُنْكَشِفِ، فَإِنْ بَلَغَ مَجْمُوعُ الْمُنْكَشِفِ رُبْعَ مَجْمُوعِ الْأَعْضَاءِ مُنِعَ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ مُحَمَّدٍ فِي الزِّيَادَاتِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ حَيْثُ قَالَ إذَا صَلَّتْ وَانْكَشَفَ شَيْءٌ مِنْ شَعْرِهَا وَشَيْءٌ مِنْ ظَهْرِهَا وَشَيْءٌ مِنْ فَرْجِهَا إنْ كَانَ بِحَالِ لَوْ جُمِعَ بَلَغَ الرُّبْعَ مُنِعَ وَإِلَّا فَلَا ثُمَّ قَالَ الزَّاهِدِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ بَلَغَ رُبْعَ أَصْغَرِهَا أَمْ أَكْبَرِهَا وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ

اعْلَمْ أَنَّ انْكِشَافَ مَا دُونَ الرُّبْعِ مَعْفُوٌّ إذَا كَانَ فِي عُضْوٍ

ــ

[منحة الخالق]

أَيْ مَا أَجَابَ بِهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ؛ لِأَنَّ مَا نَقَلَهُ مِنْ الْقِيلِ بَيَانٌ لِلْعَوْرَةِ الْغَلِيظَةِ وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَجْمُوعَ عُضْوٌ وَاحِدٌ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّ الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ عُضْوٌ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الشَّارِحُ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ بَعْدَ ذِكْرِهِ عِبَارَةَ الشَّارِحِ الزَّيْلَعِيِّ وَأَقَرَّهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي عِقْدِ الْفَرَائِدِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْمُفْسِدَ إنَّمَا هُوَ رُبْعُ الْمُنْكَشِفِ وَهَذَا خُلْفٌ؛ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ إنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ إذَا كَانَ الِانْكِشَافُ فِي عُضْوٍ وَاحِدٍ وَثَمَّةَ يُعْتَبَرُ بِالْأَجْزَاءِ كَمَا إذَا انْكَشَفَ مِنْ فَخِذِهِ مَوَاضِعُ مُتَعَدِّدَةٌ، وَأَمَّا فِي صُورَتِنَا فَالِانْكِشَافُ حَصَلَ فِي أَعْضَاءٍ مُتَعَدِّدَةٍ كُلٌّ مِنْهَا عَوْرَةٌ وَالِاحْتِيَاطُ فِي اعْتِبَارِ أَدْنَاهَا لِأَنَّ بِهِ يُوجَدُ الْمَانِعُ فَيُنْظَرُ إلَى مِقْدَارِ الْمُنْكَشِفِ مِنْ جَمِيعِهَا، فَإِنْ بَلَغَ رُبْعَ أَصْغَرِهَا أَفْسَدَ احْتِيَاطًا وَإِلَّا لَزِمَ صِحَّةُ الصَّلَاةِ مَعَ انْكِشَافِ رُبْعِ عَوْرَةٍ مِنْ الْمُنْكَشِفِ وَهُوَ خِلَافُ الْقَاعِدَةِ الَّتِي نَقَلَهَا عَنْ مُحَمَّدٍ وَهَذَا لَازِمٌ عَلَى الِاعْتِبَارِ بِالْأَجْزَاءِ وَلَا قَائِلَ بِهِ. اهـ.

وَإِذَا تَحَقَّقَتْ هَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الزِّيَادَاتِ وَقَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ تَفْصِيلٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ مَمْنُوعٌ، وَقَدْ قَالَ بَدِيعُ الدِّينِ: إنَّ مَا فِي الزِّيَادَاتِ نَصَّ عَلَى أَمْرَيْنِ النَّاسُ عَنْهُمَا غَافِلُونَ: أَحَدُهُمَا - أَنْ لَا يُقَيَّدَ الْجَمْعُ بِالْأَجْزَاءِ كَالْأَسْدَاسِ وَالْأَتْسَاعِ بَلْ بِالْقَدْرِ. وَالثَّانِي - أَنَّ الْمَكْشُوفَ مِنْ الْكُلِّ وَلَوْ كَانَ قَدْرَ رُبْعِ أَصْغَرِ الْأَعْضَاءِ مَنَعَ. اهـ.

وَفِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ فَتَحَرَّرَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ رُبْعُ أَدْنَى عُضْوٍ انْكَشَفَ بَعْضُهُ لَا أَدْنَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا وَلَوْ لَمْ يَنْكَشِفْ مِنْهُ شَيْءٌ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ دُرَرِ الْبِحَارِ فَلْيُتَدَبَّرْ وَأَنَّ مَا فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنَّهُ يَجْمَعُ الْمُتَفَرِّقَ مِنْ الْعَوْرَةِ وَشَرْحِ الْكَنْزِ لَيْسَ الْمَذْهَبُ كَمَا تَرَى وَعَلَى الْمَذْهَبِ مَا فِي شَرْحِ ابْنِ مَالِكٍ مَعْزِيًّا إلَى شَرْحِ الزِّيَادَاتِ ثُمَّ نَقَلَ عِبَارَةَ ابْنِ الشِّحْنَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَفِيهِ أَيْ فِيمَا ذَكَرَهُ فِي الزِّيَادَاتِ وَمَا نَقَلَهُ بَدِيعُ الدِّينِ نَفْيٌ لِمَا ذَكَرَهُ شَارِحُ الْكَنْزِ إلَى أَنْ قَالَ وَالْعَجَبُ مِنْ شَيْخِنَا يَعْنِي ابْنَ الْهُمَامِ كَيْفَ تَبِعَهُ عَلَيْهِ وَأَقَرَّهُ مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ مَنْصُوصِ مُحَمَّدٍ وَقَوْلُهُمْ إنَّ جَمِيعَ الْأَعْضَاءِ فِي الِانْكِشَافِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ الْمُرَادُ بِهِ فِي اعْتِبَارِ الْجَمْعِ لَا فِي اعْتِبَارِ رُبْعِ مَجْمُوعِهَا فَتَأَمَّلْهُ مُمْعِنًا فِيهِ النَّظَرَ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْهَادِي إلَى الصَّوَابِ. اهـ.

قُلْتُ: وَنَصُّ عِبَارَةِ الزِّيَادَاتِ عَلَى مَا فِي الْقُنْيَةِ انْكَشَفَ مِنْ شَعْرِهَا شَيْءٌ فِي صَلَاتِهَا وَمِنْ فَخِذِهَا شَيْءٌ وَمِنْ سَاقِهَا شَيْءٌ وَمِنْ ظَهْرِهَا وَمِنْ بَطْنِهَا فَلَوْ جُمِعَ يَكُونُ قَدْرُ رُبْعِ شَعْرِهَا أَوْ رُبْعِ سَاقِهَا أَوْ رُبْعِ فَخِذِهَا لَمْ تُجْزِهَا صَلَاتُهَا؛ لِأَنَّ كُلَّهَا عَوْرَةٌ وَاحِدَةٌ. اهـ.

قَالَ فِي الْقُنْيَةِ وَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَمْرَيْنِ النَّاسُ عَنْهُمَا غَافِلُونَ: أَحَدُهُمَا - أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْجَمْعُ بِالْأَجْزَاءِ كَالْأَسْدَاسِ وَالْأَسْبَاعِ وَالْأَتْسَاعِ بَلْ بِالْقَدْرِ. وَالثَّانِي - أَنَّ الْمَكْشُوفَ مِنْ الْكُلِّ لَوْ كَانَ قَدْرَ رُبْعِ أَصْغَرِهَا مِنْ الْأَعْضَاءِ الْمَكْشُوفَةِ يَمْنَعُ الْجَوَازَ حَتَّى لَوْ انْكَشَفَ مِنْ الْأُذُنِ تُسْعُهَا وَمِنْ السَّاقِ تُسْعُهَا تُمْنَعُ؛ لِأَنَّ الْمَكْشُوفَ قَدْرُ رُبْعِ الْأُذُنِ. اهـ.

وَنَقَلَ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ عِبَارَةً لِلْقُنْيَةِ ثُمَّ قَالَ: إنَّ الْأَمْرَ الثَّانِيَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْمُحِيطِ الرَّضَوِيِّ نَقْلًا مِنْ الزِّيَادَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>