للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصَارَ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ. اهـ.

وَتَعَقَّبَهُ فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي بِأَنَّ الِاسْتِشْهَادَ الْمَذْكُورَ غَيْرُ مُتَّجَهٍ لِلْفَرْقِ بَيْنَ حَالَةِ الِاخْتِيَارِ وَحَالَةِ الِاضْطِرَارِ وَأَطَالَ إلَى أَنْ قَالَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ سُئِلَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ صَلَاةِ الْعُرْيَانِ قَالَ إنْ كَانَ حَيْثُ يَرَاهُ النَّاسُ صَلَّى جَالِسًا وَإِنْ كَانَ حَيْثُ لَا يَرَاهُ النَّاسُ صَلَّى قَائِمًا وَهُوَ وَإِنْ كَانَ سَنَدُهُ ضَعِيفًا فَلَا يَقْصُرُ عَنْ إفَادَةِ الِاسْتِئْنَاسِ، وَأَمَّا وَاقِعَةُ الصَّحَابَةِ الْمُتَقَدِّمَةُ فَقَدْ تَطَرَّقَ إلَيْهَا احْتِمَالَاتٌ إمَّا لِأَنَّهُمْ اخْتَارُوا الْأَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْلِيلِ الِانْكِشَافِ أَوْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُتَرَائِينَ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَيْلًا فَسَقَطَ بِهَا الِاسْتِدْلَال وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ صِفَةَ الْقُعُودِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهَا فَفِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي يَقْعُدُ كَمَا يَقْعُدُ فِي الصَّلَاةِ فَعَلَى هَذَا يَخْتَلِفُ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فَهُوَ يَفْتَرِشُ وَهِيَ تَتَوَرَّكُ وَفِي الذَّخِيرَةِ يَقْعُدُ وَيَمُدُّ رِجْلَيْهِ إلَى الْقِبْلَةِ وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى عَوْرَتِهِ الْغَلِيظَةِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ مِنْ الْمُبَالَغَةِ فِي السِّتْرِ مَا لَا يَحْصُلُ بِالْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ خُلُوِّ هَذِهِ الْهَيْئَةِ عَنْ فِعْلِ مَا لَيْسَ بِأَوْلَى وَهُوَ مَدُّ رِجْلَيْهِ إلَى الْقِبْلَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقُعُودَ عَلَى هَيْئَةٍ مُتَعَيِّنَةٍ لَيْسَ بِمُتَعَيَّنٍ بَلْ يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ، وَإِنَّمَا كَانَ الْقُعُودُ أَفْضَلَ مِنْ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ أَهَمُّ مِنْ أَدَاءِ الْأَرْكَانِ؛ لِأَنَّهُ فَرْضٌ مُطْلَقًا وَالْأَرْكَانُ فَرَائِض الصَّلَاةِ لَا غَيْرُ، وَقَدْ أَتَى بِبَدَلِهَا

وَإِنَّمَا كَانَ الْقِيَامُ جَائِزًا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ تَرَكَ فَرْضَ السَّتْرِ فَقَدْ كَمَّلَ الْأَرْكَانَ الثَّلَاثَةَ وَبِهِ حَاجَةٌ إلَى تَكْمِيلِهَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ يَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ لَا يَجُوزَ الْإِيمَاءُ قَائِمًا؛ لِأَنَّ تَجْوِيزَ تَرْكِ فَرْضِ السَّتْرِ إنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ تَكْمِيلِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ وَالْمُومِئُ بِهِمَا قَائِمًا لَمْ يُحْرِزْهُمَا عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ مَعَ أَنَّ الْقِيَامَ إنَّمَا شُرِعَ لِتَحْصِيلِهِمَا عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ عَلَى مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ أَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ دُونَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْمَأَ قَاعِدًا وَسَقَطَ عَنْهُ الْقِيَامُ وَفِي الْمُبْتَغَى بِالْمُعْجَمَةِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ قِطْعَةٌ يَسْتُرُ بِهَا أَصْغَرَ الْعَوْرَاتِ فَلَمْ يَسْتُرْ فَسَدَتْ وَإِلَّا فَلَا وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ وَجَدَ مَا يَسْتُرْ بَعْضَ الْعَوْرَةِ يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ وَيَسْتُرُ الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ. اهـ.

فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَا يَسْتُرُ بِهِ إلَّا أَحَدَهُمَا قِيلَ يَسْتُرُ الدُّبُرَ؛ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَقِيلَ يَسْتُرُ الْقُبُلَ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهِ الْقِبْلَةَ وَلِأَنَّهُ لَا يَسْتُرُ بِغَيْرِهِ وَالدُّبُرُ يُسْتَرُ بِالْأَلْيَتَيْنِ اهـ.

كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْإِمَامَةِ أَنَّ الْعُرَاةَ لَا يُصَلُّونَ جَمَاعَةً وَفِي الذَّخِيرَةِ وَأَسْتَرُ مَا يَكُونُ أَنْ يَتَبَاعَدَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضِهِمْ إذَا أَمِنُوا الْعَدُوَّ وَالسَّبُعَ وَإِنْ صَلَّوْا جَمَاعَةً صَحَّتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَيَقِفُ الْإِمَامُ وَسْطَهُمْ وَإِنْ تَقَدَّمَ جَازَ وَيَغُضُّونَ أَبْصَارَهُمْ سِوَى الْإِمَامِ، ثُمَّ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ عَلَى الْعَارِي الْإِعَادَةَ إذَا وَجَدَ ثَوْبًا، وَقَدْ أَفَادَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ إذَا صَلَّى عَارِيًّا لِلْعَجْزِ عَنْ السُّتْرَةِ. اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ الْإِعَادَةُ عِنْدَنَا إذَا كَانَ الْعَجْزُ لِمَنْعٍ مِنْ الْعِبَادِ كَمَا إذَا غَصَبَ ثَوْبَهُ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي كِتَابِ التَّيَمُّمِ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الْمَاءِ إذَا كَانَ مِنْ قِبَلِ الْعِبَادِ يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَارِيًّا لَا ثَوْبَ لَهُ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى شِرَاءِ ثَوْبٍ هَلْ يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ كَالْمَاءِ إذَا كَانَ يُبَاعُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَلَهُ ثَمَنُهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ.

(قَوْلُهُ: وَالنِّيَّةُ بِلَا فَاصِلٍ) يَعْنِي مِنْ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَتَعَقَّبَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ إلَخْ) وَاخْتَارَ تَقْيِيدَ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ بِمَا إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ النَّاسِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ إلَخْ) ذَكَرَهُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ مَنْ جَلَسَ كَهَيْئَةِ الْمُتَشَهِّدِ تَبْدُو عَوْرَتُهُ الْغَلِيظَةُ حَالَةَ الْإِيمَاءِ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَكْثَرَ مِمَّا إذَا جَلَسَ وَمَقْعَدَتَهُ عَلَى الْأَرْضِ مَادًّا رِجْلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ إلَّا انْكِشَافٌ يَسِيرٌ حَالَةَ الْإِيمَاءِ وَفِي مَدِّ رِجْلَيْهِ زِيَادَةُ سِتْرٍ عَلَى مَا إذَا جَلَسَ مُتَرَبِّعًا وَلِذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ الْكَبِيرَانِ مَا فِي الذَّخِيرَةِ أَوْلَى لِزِيَادَةِ السِّتْرِ فِيهِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا قُلْتُ: وَعَلَيْهِ مَشَى الزَّيْلَعِيُّ وَكَذَا فِي السِّرَاجِ وَالدُّرَرِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إلَخْ) يُوَافِقُهُ مَا مَرَّ عَنْ ظَاهِرِ الْهِدَايَةِ فِي الْمَقُولَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذَا أَقُولُ: وَهَذَا الْبَحْثُ مَأْخُوذٌ مِنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِلْمُحَقِّقِ ابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ.

(قَوْلُهُ: قِيلَ يَسْتُرُ الدُّبُرَ؛ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى قَاعِدًا بِالْإِيمَاءِ تَعَيَّنَ سِتْرُ الْقُبُلِ. (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ الْإِعَادَةُ عِنْدَنَا إلَخْ) وَافَقَهُ عَلَيْهِ فِي النَّهْرِ لَكِنْ قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ يُمْكِنُ تَأْيِيدُ الْإِطْلَاقِ بِأَنَّ طَهَارَةَ الْحَدَثِ لَمَّا كَانَتْ لَا تَسْقُطُ وَلَا بِعُذْرٍ كَمَا سَبَقَ جَرَى فِيهَا التَّفْصِيلُ لِأَهَمِّيَّتِهَا بِخِلَافِ سِتْرِ الْعَوْرَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ كَمَا تَرَى فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.

وَفِيهِ بَحْثٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ مَقْطُوعَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إذَا كَانَ بِوَجْهِهِ جِرَاحَةٌ يُصَلِّي بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ اسْتَوَيَا فِي السُّقُوطِ بِالْعُذْرِ فَاضْمَحَلَّ الْفَرْقُ.

(قَوْلُهُ: هَلْ يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ كَالْمَاءِ إلَخْ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا بِدُونِ هَلْ فَمُقْتَضَى النُّسْخَةِ الْأُولَى أَنَّهُ لَمْ يَرَ نَصًّا فِي ذَلِكَ وَيُوَافِقُهَا مَا سَبَقَ لَهُ مِنْ التَّرَدُّدِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ عَلَى مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَيْضًا وَلَكِنْ قَدَّمْنَا هُنَاكَ نَقْلَ مَسْأَلَةٍ عَنْ السِّرَاجِ وَأَنَّ فِيهَا قَوْلَيْنِ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ النَّهْرِ وَلَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ لَمْ يَذْكُرُوهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ قِيَاسًا عَلَى شِرَاءِ الْمَاءِ. اهـ.

وَنَبَّهْنَا عَلَيْهِ فِيمَا مَرَّ ثُمَّ رَأَيْت فِي مَتْنِ مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ جَزَمَ بِأَنَّ الثَّوْبَ كَالْمَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>