فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ نِيَّةُ عَصْرِ الْوَقْتِ صَحِيحَةً وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَيَكُونُ الْوَقْتُ كَالْيَوْمِ كَمَا لَا يَخْفَى وَيُسْتَثْنَى مِنْ فَرْضِ الْوَقْتِ الْجُمُعَةُ فَإِنَّهَا بَدَلُ فَرْضِ الْوَقْتِ لَا نَفْسِهِ فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ بِنِيَّةِ فَرْضِ الْوَقْتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اعْتِقَادُهُ أَنَّهَا فَرْضُ الْوَقْتِ، وَشَمِلَ مَا إذَا نَوَى الْعَصْرَ بِلَا قَيْدٍ وَفِيهِ خِلَافٌ فَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ نَوَى الظُّهْرَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْوَقْتَ كَمَا يَقْبَلُ ظُهْرَ هَذَا الْيَوْمِ يَقْبَلُ ظُهْرًا آخَرُ وَقِيلَ يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ مُتَعَيِّنٌ لَهُ هَذَا إذَا كَانَ مُؤَدِّيًا، فَإِنْ كَانَ قَاضِيًا، فَإِنْ صَلَّى بَعْدِ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ فَنَوَى الظُّهْرَ لَا يَجُوزُ أَيْضًا وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ يَنْوِي صَلَاةً عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَتْ وَقْتِيَّةً فَهِيَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ قَضَاءً فَهِيَ عَلَيْهِ أَيْضًا. اهـ.
وَهَكَذَا صَحَّحَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مَعْزِيًّا إلَى فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ لَكِنْ جَزَمَ فِي الْخُلَاصَةِ بِعَدَمِ الْجَوَازِ وَصَحَّحَهُ السِّرَاجُ الْهِنْدِيُّ فِي شَرْحِ الْمُغْنِي فَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ كَمَا تَرَى وَيَنْبَغِي فِي مَسْأَلَةِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ صَلَاةٌ غَيْرَهَا وَإِلَّا فَلَا تَعْيِينَ وَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ نَوَى شَيْئَيْنِ فَإِنَّهُ
ــ
[منحة الخالق]
فِي صُورَةِ عَدَمِ الْعِلْمِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَيْضًا وَفِي صُورَةِ الشَّكِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعَتَّابِيُّ وَالتَّبْيِينُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَ صُورَتَيْ الشَّكِّ وَعَدَمِ الْعِلْمِ قَوْلُ خِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَفِي الْعَتَّابِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ ظُهْرَ يَوْمِهِ وَكَذَا كُلُّ وَقْتٍ شَكَّ فِي خُرُوجِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْوَقْتِيَّةَ هَلْ تَتَأَدَّى بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ الْمُخْتَارِ أَنَّهُ يَجُوزُ إذَا كَانَ فِي قَلْبِهِ فَرْضُ الْوَقْتِ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَنَوَى ظُهْرَ الْيَوْمِ جَازَ. اهـ. إذْ لَوْلَا الْمُغَايَرَةُ لَكَانَ تَكْرَارًا وَقَوْلُ الْمُجْتَبَى وَلَوْ نَوَى فَرْضَ الْوَقْتِ بَعْدَمَا خَرَجَ لَا يَجُوزُ وَإِنْ شَكَّ فِي خُرُوجِهِ فَنَوَى فَرْضَ الْوَقْتِ جَازَ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْقَضَاءِ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ. اهـ. ثُمَّ وَجَدْت صَاحِبَ النَّهْرِ قَالَ إلَخْ. اهـ. كَلَامُ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
أَقُولُ: وَذُكِرَ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة كُلُّ وَقْتٍ شَكَّ فِي خُرُوجِهِ فَنَوَى ظُهْرَ الْوَقْتِ مَثَلًا فَإِذَا هُوَ قَدْ خَرَجَ الْمُخْتَارُ الْجَوَازُ. اهـ.
وَكَذَا فِي مَتْنِ الْمُنْيَةِ عَنْ الْمُحِيطِ وَالتَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ الْمُخْتَارُ لَكِنْ بِزِيَادَةِ الْبِنَاءِ الْمَارِّ عَنْ عُمْدَةَ الْمُفْتِي وَكَانَ الْحَلَبِيُّ لَمْ يَرَ الْفَرْقَ بَيْنَ الشَّكِّ وَعَدَمَ الْعِلْمِ فَاعْتَرَضَ الْمُنْيَةُ بِمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْخُلَاصَةِ ثُمَّ قَالَ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَا اخْتَارَهُ فِي الْمُحِيطِ غَيْرُ الْمُخْتَارِ. اهـ.
وَأَغْرَبَ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ حَيْثُ حَكَمَ بِأَنَّ مَا فِي الْمُنْيَةِ غَلَطٌ لَا يُسَاعِدُهُ الْوَجْهُ وَلَا الْمَسْطُورُ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ كَمَا نَقَلَهُ الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ عَنْهُ لِمَا عَلِمْت مِنْ نَقْلِهِ الْفَرْعَ الْمَذْكُورَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَعُمْدَةِ الْمُفْتِي وَالْمُحِيطِ فَإِنَّ صَاحِبَ الْمُنْيَةِ ثِقَةٌ لَا يَعْزُو بِغَيْرِ تَثَبُّتٍ وَوُجُودُهُ فِي هَذِهِ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ يُنَافِي ذَلِكَ
وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَاصِلَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ دَفَعَ الْإِيرَادَ عَلَى حَصْرِ الزَّيْلَعِيِّ وَدَفَعَ الْمُنَافَاةَ بَيْنَ كَلَامِهِ لَوْ حُمِلَ عَلَى مَا قَرَّرَهُ فِي النَّهْرِ وَكَلَامِ الْعُمْدَةِ وَفِي كُلٍّ نَظَرٌ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ لَوْ حُمِلَ عَلَى مَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ لَا يَكُونُ فِي كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نِيَّةَ ظُهْرِ الْوَقْتِ كَنِيَّةِ ظُهْرِ الْيَوْمِ بَلْ تَخْصِيصُ الْمُخَلِّصِ بِالثَّانِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ لَيْسَ كَذَلِكَ فَالْإِيرَادُ بَاقٍ وَلِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّغَايُرِ بَيْنَ الشَّكِّ وَعَدَمِ الْعِلْمِ لَا يُجْدِي فِي دَفْعِ الْمُنَافَاةِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُتَقَابِلَانِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ شَارِحِي الْمُنْيَةِ وَقَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ آخِرًا وَلَوْ نَوَى ظُهْرَ يَوْمِهِ يَجُوزُ مُطْلَقًا وَهُوَ مُخَلِّصٌ لِمَنْ يَشُكُّ فِي خُرُوجِ الْوَقْتِ. اهـ.
مَعَ أَنَّ صَدْرَ كَلَامِهِ فِي عَدَمِ الْعِلْمِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرَ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّكِّ وَلَا يَظْهَرُ دَفْعُ الْمُنَافَاةِ بَيْنَ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ وَالْفَتْحِ وَمَنْ وَافَقَهُمَا وَبَيْنَ كَلَامِ الْعُمْدَةِ وَالْأَشْبَاهِ وَالْمُنْيَةِ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَرْقِ بَلْ هُوَ يُؤَكِّدُ الْمُنَافَاةَ وَيُحْكَمُ بِأَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُتَبَايِنَانِ كَمَا قُلْنَا، وَبَيَانُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ وَنَوَى ظُهْرَ الْوَقْتِ فَاَلَّذِي فِي ظَنِّهِ أَنَّ الْوَقْتَ بَاقٍ فَيَكُونُ مُرَادُهُ بِالْوَقْتِ وَقْتَ الظُّهْرِ وَمَعَ هَذَا لَا تَجُوزُ نِيَّتُهُ فَإِذَا كَانَ شَاكًّا فِي خُرُوجِهِ يَكُونُ أَوْلَى فِي عَدَمِ الْجَوَازِ فَالْقَوْلُ بِالْجَوَازِ فِي هَذَا يُنَافِي الْقَوْلَ بِعَدَمِهِ فِي الْأَوَّلِ فَأَيْنَ التَّوْفِيقُ وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ مِنْ عِبَارَةِ الْخِزَانَةِ وَالْمُجْتَبَى لَا يَدُلُّ عَلَى دَفْعِ الْمُنَافَاةِ وَإِنْ دَلَّ عَلَى أَصْلِ التَّغَايُرِ عَلَى أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى التَّغَايُرِ بَيْنَهُمَا مِمَّا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْكِرُهُ أَحَدٌ وَعِبَارَةُ الْخِزَانَةِ لَيْسَتْ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ حَاصِلَهَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي نِيَّةِ ظُهْرِ الْوَقْتِ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الشَّكِّ وَعَدَمِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي عِبَارَةِ الْمُجْتَبَى التَّعَرُّضُ لِعَدَمِ الْعِلْمِ فَثَبَتَ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ وَأَنَّ الْمُخْتَارَ خِلَافُ مَا فِي الْمُنْيَةِ وَالْعُمْدَةِ كَمَا قَالَهُ الْحَلَبِيُّ
ثُمَّ التَّحْقِيقُ أَنَّ تَعْلِيلَ الزَّيْلَعِيِّ يَصْلُحُ لِكُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَذَلِكَ أَنَّ أَلْ فِي الْوَقْتِ كَمَا قَالَ الْحَلَبِيُّ لِلْعَهْدِ لَا لِلْجِنْسِ فَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ وَنَوَى ظُهْرَ الْوَقْتِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ لَا يَتَعَيَّنُ الظُّهْرُ إذْ لَيْسَ ذَلِكَ فَرْضُ الْوَقْتِ الْحَاضِرِ الْمَعْهُودِ بَلْ فَرْضُ الْوَقْتِ غَيْرُهُ فَقَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا فَرَضَ الْوَقْتَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْ حَالَةِ خُرُوجِ الْوَقْتِ غَيْرِ الظُّهْرِ عِلَّةٌ لِعَدَمِ جَوَازِ نِيَّةِ ظُهْرِ الْوَقْتِ وَفَرْضِ الْوَقْتِ بِلَا تَقْدِيرٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى مَا قَالَهُ فِي النَّهْرِ، وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ أَيْضًا دَفْعُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا صَحَّحَهُ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ بِهِ وَقِيلَ يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَكَذَا اسْتَظْهَرَهُ فِي الْعِنَايَةِ ثُمَّ قَالَ وَأَقُولُ: الشَّرْطُ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ بِقَلْبِهِ أَيَّ صَلَاةٍ يُصَلِّي يَحْسِمُ مَادَّةَ هَذِهِ الْمَقَالَاتِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّ الْعُمْدَةَ عَلَيْهِ لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ بِهِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ. اهـ.
قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الظُّهْرَ وَتَلَفَّظَ بِالْعَصْرِ يَكُونُ شَارِعًا فِي الْعَصْرِ. (قَوْلُهُ: وَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ نَوَى شَيْئَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَخْ)