للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى عَاقِلَةِ الرَّابِطِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِرَبْطِهِ.

وَفِي الْمُنْتَقَى، وَإِذَا سَارَ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّةٍ وَخَلْفَهُ رَدِيفٌ وَخَلْفَ الدَّابَّةِ سَائِقٌ وَأَمَامَهَا قَائِدٌ فَوَطِئَتْ إنْسَانًا فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَرْبَاعًا وَعَلَى الرَّاكِبِ وَالرَّدِيفِ الْكَفَّارَةُ، وَإِذَا سَارَ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي الطَّرِيقِ فَعَثَرَتْ بِحَجَرٍ وَضَعَهُ رَجُلٌ أَوْ بِدُكَّانٍ بَنَاهُ رَجُلٌ أَوْ بِمَاءٍ صَبَّهُ رَجُلٌ فَوَقَعَتْ عَلَى إنْسَانٍ وَأَتْلَفَتْهُ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي وَضَعَ الْحَجَرَ وَبَنَى الدُّكَّانَ وَصَبَّ الْمَاءَ؛ لِأَنَّهُ مُسَبَّبُ الْإِتْلَافِ وَهُوَ مُتَعَدٍّ فِي هَذَا السَّبَبِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاكِبِ وَفِي الْكَفَّارَةِ إذَا أَرْسَلَ كَلْبًا أَوْ دَابَّةً أَوْ طَيْرًا فَأَصَابَ فِي فَوْرِهِ شَيْئًا ضَمِنَ فِي الدَّابَّةِ دُونَ الْكَلْبِ وَالطَّيْرِ وَفِي الصُّغْرَى الطَّحَاوِيُّ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْكُلَّ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ اصْطَدَمَ فَارِسَانِ أَوْ مَاشِيَانِ فَمَاتَا ضَمِنَ عَاقِلَةُ كُلٍّ دِيَةَ الْآخَرِ) وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاتَ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ صَاحِبِهِ فَيُعْتَبَرُ نِصْفُهُ وَيُهْدَرُ النِّصْفُ كَمَا إذَا كَانَ الِاصْطِدَامُ عَمْدًا وَجَرَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَفْسَهُ وَصَاحِبَهُ أَوْ حَفَرَا عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ بِئْرًا فَانْهَدَمَ عَلَيْهِمَا أَوْ وَقَفَا فِيهِ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ فَكَذَا هَذَا وَلَنَا أَنَّ قَتْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُضَافٌ إلَى فِعْلِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ فِي نَفْسِهِ مُبَاحٌ كَالْمَشْيِ فِي الطَّرِيقِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الضَّمَانِ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ مُطْلَقًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَلَوْ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ لَوَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ فِيمَا إذَا وَقَعَ فِي بِئْرٍ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّهُ لَوْلَا مَشْيُهُ وَثِقَلُهُ فِي نَفْسِهِ لَمَا هَوَى فِي الْبِئْرِ وَفِعْلُ صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا لَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَيَكُونُ سَبَبًا لِلضَّمَانِ عِنْدَ وُجُودِ التَّلَفِ بِهِ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَوْجَبَ كُلَّ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَتَعَارَضَتْ رِوَايَتَانِ فَرَجَّحْنَا مَا ذَكَرْنَا وَيُحْتَمَلُ مَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَوْجَبَ كُلَّ الدِّيَةِ عَلَى الْخَطَأِ تَوْفِيقًا بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا مَا اسْتَشْهَدَا بِهِ مِنْ الِاصْطِدَامِ وَجَرِحَ كُلٍّ مِنْهُمَا نَفْسَهُ وَصَاحِبَهُ وَحَفْرِ الْبِئْرِ فِي الطَّرِيقِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مَحْظُورٌ مُطْلَقًا فَيُعْتَبَرُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ أَيْضًا فَيَكُونُ قَاتِلًا لِنَفْسِهِ وَهَذَا الْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي الْحُرَّيْنِ وَلَوْ كَانَا عَبْدَيْنِ هُدِرَ الدَّمُ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى فِيهِ غَيْرُ مُخْتَارٍ لِلْفِدَاءِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَالْآخَرُ عَبْدًا يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ قِيمَةُ الْعَبْدِ كُلُّهَا فِي الْخَطَأِ وَنِصْفُهَا فِي الْعَبْدِ فَيَأْخُذُهَا وَرَثَةُ الْحُرِّ الْمَقْتُولِ وَيَبْطُلُ مَا زَادَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْخَلْفِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ تَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ عَلَى أَصْلِهِمَا؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ الْآدَمِيِّ.

وَإِذَا تَجَاذَبَ رَجُلَانِ حَبْلًا فَانْقَطَعَ الْحَبْلُ فَسَقَطَا أَوْ مَاتَا يُنْظَرُ، فَإِنْ وَقَعَا عَلَى الْقَفَا لَا تَجِبُ لَهُمَا دِيَةٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاتَ بِقُوَّةِ نَفْسِهِ، وَإِنْ وَقَعَا عَلَى الْوَجْهِ وَجَبَ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةُ الْآخَرِ، وَإِنْ قَطَعَ إنْسَانٌ الْحَبْلَ بَيْنَهُمَا فَوَقَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْقَفَا فَدِيَتُهُمَا عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاطِعِ وَكَذَا عَلَى هَذَا سَائِرُ الضَّمَانَاتِ وَقَدْ قَدَّمْنَا شَيْئًا مِنْ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَتِهِ فَرَاجِعْهُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَفِي تَقْيِيدِ الْفَارِسَيْنِ فِي الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ، وَإِذَا اصْطَدَمَ الْفَارِسَانِ لَيْسَتْ زِيَادَةَ فَائِدَةٍ، فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي اصْطِدَامِ الْمَاشِيَيْنِ وَمَوْتِهِمَا بِذَلِكَ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ سِوَى أَنَّ مَوْتَ الْمُصْطَدِمَيْنِ فِي الْغَالِبِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْفَارِسَيْنِ. اهـ.

وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ آخِذًا مِنْ النِّهَايَةِ حُكْمُ الْمَاشِيَيْنِ حُكْمُ الْفَارِسَيْنِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ مَوْتُ الْمُصْطَدِمَيْنِ غَالِبًا فِي الْفَارِسَيْنِ خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ. اهـ.

وَقَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَكَذَا الْحُكْمُ إذَا اصْطَدَمَ الْمَاشِيَانِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْفَارِسَيْنِ اتِّفَاقِيٌّ أَوْ بِحَسَبِ الْغَالِبِ. اهـ.

وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ الْعَيْنِيُّ أَقُولُ: عَجِيبٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الشُّرَّاحِ مِثْلُ هَذِهِ التَّعَسُّفَاتِ مَعَ كَوْنِ وَجْهِ التَّقْيِيدِ بِالْفَارِسَيْنِ بَيِّنًا؛ لِأَنَّ الْبَابَ الَّذِي عَرَفْته بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ اصْطِدَامَ الْمَاشِيَيْنِ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ فَكَانَ خَارِجًا عَنْ مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ رَجُلٌ وَجَدَ فِي زَرْعِهِ فِي اللَّيْلِ ثَوْرَيْنِ فَظَنَّ أَنَّهُمَا لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ فَبَانَا أَنَّهُمَا لِغَيْرِهِمْ فَأَرَادَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فَدَخَلَ وَاحِدٌ وَفَرَّ آخَرُ فَتَبِعَهُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَجَاءَ صَاحِبُهُ يَضْمَنُهُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَ نِيَّتُهُ عِنْدَ الْأَخْذِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ صَاحِبِهِ يَضْمَنُ

وَإِنْ كَانَ نِيَّتُهُ أَنْ يَرُدَّ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ لَمْ يَضْمَنْ فَقِيلَ إنْ كَانَ ذَلِكَ بِالنَّهَارِ قَالَ إنْ كَانَ لِغَيْرِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ كَانَ لُقَطَةً، فَإِنْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ شُهُودًا يَكُونُ عُذْرًا، وَإِنْ كَانَ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ فَكَمَا أَخْرَجَهُ يَكُونُ ضَامِنًا وَقَالَ الْقَاضِي عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ، وَإِنْ وَجَدَ فِي زَرْعِهِ دَابَّةً فَسَاقَهَا بِقَدْرِ مَا يُخْرِجُهَا عَنْ مِلْكِهِ؛ لَا يَكُونَ ضَامِنًا، فَإِذَا سَاقَ وَزَادَ وَرَاءَ ذَلِكَ الْقَدْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>