للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تَجُوزُ إلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الْأُولَى وَهُوَ إنَّمَا يُتِمُّ فِيمَا إذَا كَانَ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا وَاجِبًا وَلَوْ نَوَى الْفَرْضَ وَالتَّطَوُّعَ جَازَ عَنْ الْفَرْضِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَقْوَى مِنْ النَّفْلِ فَلَا يُعَارِضُهُ فَتَلْغُو نِيَّةُ النَّفْلِ وَتَبْقَى نِيَّةُ الْفَرْضِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي الصَّلَاةِ أَصْلًا لِتَعَارُضِ الْوَصْفَيْنِ وَلَوْ نَوَى الظُّهْرَ وَالْجُمُعَةَ جَمِيعًا بَعْضُهُمْ جَوَّزُوا ذَلِكَ وَرَجَّحُوا نِيَّةَ الْجُمُعَةِ بِحُكْمِ الِاقْتِدَاءِ وَلَوْ نَوَى مَكْتُوبَةً وَصَلَاةَ جِنَازَةٍ فَهِيَ عَنْ الْمَكْتُوبَةِ وَلَوْ نَوَى نَافِلَةً وَصَلَاةَ جِنَازَةٍ فَهِيَ نَافِلَةٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَأَطْلَقَ نِيَّةَ التَّعْيِينِ فَشَمِلَ الْفَوَائِتَ أَيْضًا فَلِذَا قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ الْفَوَائِتُ كَثِيرَةً فَاشْتَغَلَ بِالْقَضَاءِ يَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِ الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ وَيَنْوِي أَيْضًا ظُهْرَ يَوْمِ كَذَا، فَإِنْ أَرَادَ تَسْهِيلَ الْأَمْرِ يَنْوِي أَوَّلَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ أَوْ آخِرَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ فَرْقٌ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فَفِي الصَّوْمِ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمَيْنِ فَقَضَى يَوْمًا وَلَمْ يُعَيِّنْ جَازَ؛ لِأَنَّ فِي الصَّوْمِ السَّبَبَ وَاحِدٌ وَهُوَ الشَّهْرُ فَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ إكْمَالَ الْعَدَدِ، أَمَّا فِي الصَّلَاةِ فَالسَّبَبُ مُخْتَلِفٌ وَهُوَ الْوَقْتُ وَبِاخْتِلَافِ السَّبَبِ يَخْتَلِفُ الْوَاجِبُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَيْنِ يَحْتَاجُ إلَى التَّعْيِينِ. اهـ.

وَيَتَفَرَّعُ عَلَى اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ لِلْفَرَائِضِ مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رَجُلٍ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ مِنْ يَوْمٍ وَاشْتَبَهَتْ أَنَّهَا أَيَّةُ صَلَاةٍ فَإِنَّهُ يُصَلِّي صَلَاةَ كُلِّ الْيَوْمِ حَتَّى يَخْرُجَ عَمَّا عَلَيْهِ وَيَتَفَرَّعَ أَيْضًا مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّ الصَّلَاةَ الْخَمْسَ فَرْضٌ عَلَى الْعِبَادِ إلَّا أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّيهَا فِي مَوَاقِيتِهَا لَا يَجُوزُ وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الْفَرْضَ وَكَذَا إذَا عَلِمَ أَنَّ مِنْهَا فَرِيضَةً وَمِنْهَا سُنَّةً لَكِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْفَرِيضَةَ مِنْ السُّنَّةِ، فَإِنْ نَوَى الْفَرِيضَةَ فِي الْكُلِّ جَازَ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ بَعْضَهَا فَرِيضَةٌ وَبَعْضَهَا سُنَّةٌ فَصَلَّى مَعَ الْإِمَامِ وَنَوَى صَلَاةَ الْإِمَامِ جَازَتْ، فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ الْفَرَائِضَ مِنْ السُّنَنِ لَكِنْ لَا يَعْلَمُ مَا فِي الصَّلَاةِ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ جَازَتْ صَلَاتُهُ أَيْضًا، فَإِنْ أَمَّ هَذَا الرَّجُلُ غَيْرَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ الْفَرَائِضَ مِنْ النَّوَافِلِ فَصَلَّى وَنَوَى الْفَرْضَ فِي الْكُلِّ جَازَتْ صَلَاتُهُ، أَمَّا صَلَاةُ الْقَوْمِ فَكُلُّ صَلَاةٍ لَيْسَتْ لَهَا سُنَّةٌ قَبْلَهَا كَصَلَاةِ الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ يَجُوزُ أَيْضًا وَكُلُّ صَلَاةٍ قَبْلَهَا سُنَّةٌ مِثْلُهَا كَصَلَاةِ الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ لَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْقَوْمِ. اهـ.

وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالْفَرْضِ الْفَرْضَ الْعَمَلِيَّ فَيَشْمَلُ الْوَاجِبَ فَيَدْخُلُ فِيهِ قَضَاءُ مَا شَرَعَ فِيهِ مِنْ النَّفْلِ، ثُمَّ أَفْسَدَهُ وَالنَّذْرُ وَالْوِتْرُ وَصَلَاةُ الْعِيدَيْنِ وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ لِإِسْقَاطِ الْوَاجِبِ عَنْهُ وَقَالُوا: إنَّهُ لَا يَنْوِي فِيهِ أَنَّهُ وَاجِبٌ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ سُجُودِ التِّلَاوَةِ لَا تَجِبُ نِيَّةُ التَّعْيِينِ فِي السَّجَدَاتِ. اهـ.

وَأَمَّا نِيَّةُ التَّعْيِينِ لِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِدَفْعِ الْمُزَاحِمِ مِنْ سَجْدَةِ الشُّكْرِ وَالسَّهْوِ وَأَرَادَ بِاشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ وُجُودَهُ عِنْدَ الشُّرُوعِ فَقَطْ حَتَّى لَوْ نَوَى فَرْضًا وَشَرَعَ فِيهِ، ثُمَّ نَسِيَ فَظَنَّهُ تَطَوُّعًا فَأَتَمَّهُ عَلَى أَنَّهُ تَطَوُّعٌ فَهُوَ فَرْضٌ مُسْقِطٌ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْمُعْتَبَرَةَ إنَّمَا يُشْتَرَطُ قِرَانُهَا بِالْجُزْءِ الْأَوَّلِ وَمِثْلُهُ إذَا شَرَعَ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ فَأَتَمَّهَا عَلَى ظَنِّ الْمَكْتُوبَةِ فَهِيَ تَطَوُّعٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَبَّرَ حِينَ شَكَّ يَنْوِي التَّطَوُّعَ فِي

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَهُوَ إنَّمَا يَتِمُّ فِيمَا إذَا كَانَ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا وَاجِبًا) الْعِبَارَةُ لِابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُنْيَةِ وَقَالَ بَعْدَهَا بَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا وَاجِبًا وَيُمْكِنُ أَيْضًا أَنْ يُقَالَ أَنَّهَا لِلْأُولَى؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَهَا أَوْلَى. اهـ.

وَجَزَمَ بِهِ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُنْيَةِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِي الصَّوْمِ السَّبَبَ وَاحِدٌ وَهُوَ الشَّهْرُ) أَقُولُ: يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا قَالُوا مِنْ أَنَّ كُلَّ يَوْمٍ سَبَبٌ لِصَوْمِهِ خِلَافًا لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَلِذَا وَجَبَ لِكُلِّ يَوْمٍ نِيَّةٌ ثُمَّ رَأَيْت الْمُحَقِّقَ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ وَقَالَ فَصَارَ الْيَوْمَانِ كَالظُّهْرَيْنِ ثُمَّ قَالَ لَكِنَّا سَنُبَيِّنُ مَا يَرْفَعُ هَذَا الْإِشْكَالَ. (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ كَانَا مِنْ رَمَضَانَيْنِ يَحْتَاجُ إلَى التَّعْيِينِ) سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الصَّوْمِ أَنَّهُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ الْإِجْزَاءُ وَفِي الْفَتْحِ هُنَاكَ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْإِمْدَادِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمَّ هَذَا الرَّجُلُ غَيْرَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ) الْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ فَإِنَّ أَمَّ غَيْرَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ إلَخْ وَيُسْقِطَ (هَذَا الرَّجُلُ) . (قَوْلُهُ: كَصَلَاةِ الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فِيهِ أَنَّ الْعَصْرَ وَالْعِشَاءَ قَبْلَهُمَا سُنَّةٌ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ فَمَتَى نَوَى الْفَرْضَ فِيهَا صَارَتْ فَرْضًا وَكَانَ مَا بَعْدَهَا نَفْلًا فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِينَ بِهِ فِيهَا وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ كَصَلَاةٍ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا مِثْلَهَا فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَمَا يَظْهَرُ لَك بِالتَّأَمُّلِ. (قَوْلُهُ: وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالْفَرْضِ الْفَرْضَ الْعَمَلِيَّ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْعَمَلِيَّ مَا يَفُوتُ الْجَوَازُ بِفَوْتِهِ وَلَا شَكَّ فِي عَدَمِ صِدْقِهِ عَلَى الْعِيدَيْنِ وَمَا أَفْسَدَهُ مِنْ النَّفْلِ وَالتِّلَاوَةِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِهِ اللَّازِمَ. (قَوْلُهُ: وَقَالُوا: إنَّهُ لَا يَنْوِي إلَخْ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ تَعْيِينُ الْوُجُوبِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ مَنْعُهُ مِنْ أَنْ يَنْوِيَ وُجُوبَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ حَنَفِيًّا يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَهُ لِيُطَابِقَ اعْتِقَادَهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ لَا تَضُرُّهُ تِلْكَ النِّيَّةُ، كَذَا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ الْوِتْرِ. (قَوْلُهُ: وُجُودُهُ عِنْدَ الشُّرُوعِ فَقَطْ) أَيْ لِاسْتِمْرَارِهِ لَكِنْ فِي تَقْيِيدِهِ بِوَقْتِ الشُّرُوعِ نَظَرٌ بَلْ الشَّرْطُ التَّعْيِينُ عِنْدَ النِّيَّةِ كَمَا فِي النَّهْرِ سَوَاءٌ كَانَتْ عِنْدَ الشُّرُوعِ أَوْ قَبْلَهُ عَلَى مَا مَرَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>