للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوَّلِ أَوْ الْمَكْتُوبَةَ فِي الثَّانِي حَيْثُ يَصِيرُ خَارِجًا إلَى مَا نَوَى ثَانِيًا لِقِرَانِ النِّيَّةِ بِالتَّكْبِيرِ وَسَيَأْتِي فِي الْمُفْسِدَاتِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ النِّيَّةِ لِصِحَّةِ الْمَنْوِيِّ فَلَوْ رَدَّدَ لَا يَصِحُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَيَّدَ بِنِيَّةِ التَّعْيِينِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ التَّعْيِينِ مُغْنٍ عَنْهُ وَلَوْ نَوَى الظُّهْرَ ثَلَاثًا وَالْفَجْرَ أَرْبَعًا جَازَ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَا مُعْتَبَرَ بِاللِّسَانِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الظُّهْرَ وَتَلَفَّظَ بِالْعَصْرِ فَإِنَّهُ يَكُونُ شَارِعًا فِي الظُّهْرِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُقْتَدِي يَنْوِي الْمُتَابَعَةَ أَيْضًا) لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْفَسَادُ مِنْ جِهَةِ إمَامِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْتِزَامِهِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَنْوِيَ الِاقْتِدَاءَ عِنْدَ افْتِتَاحِ الْإِمَامِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْأَفْضَلُ أَنْ يَنْوِيَ بَعْدَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ تَكْبِيرُ الْمُقْتَدِي بَعْدَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ إمَّا مُقَارَنٌ بِالنِّيَّةِ أَوْ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُكَبِّرَ الْقَوْمُ مَعَ الْإِمَامِ ذَكَرَهُ مُلَّا خُسْرو فِي شَرْحِهِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِمَا وَلَوْ نَوَاهُ حِينَ وَقَفَ الْإِمَامُ مَوْقِفَ الْإِمَامَةِ جَازَ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِغَيْرِ الْمُصَلِّي، فَإِنْ نَوَى حِينَ وَقَفَ عَالِمًا بِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ جَازَ وَإِنْ نَوَاهُ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ شَرَعَ فِيهِ وَلَمْ يَشْرَعْ بَعْدُ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ أَيْضًا إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْمُقْتَدِي مِنْ ثَلَاثِ نِيَّاتٍ: أَصْلُ الصَّلَاةِ وَنِيَّةُ التَّعْيِينِ وَنِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ وَأَنَّ نِيَّةَ الِاقْتِدَاءِ لَا تَكْفِيهِ عَنْ التَّعْيِينِ حَتَّى لَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ أَوْ الشُّرُوعَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الصَّلَاةَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ الْبَعْضِ وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ كَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ وَيَنْصَرِفُ إلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقْتَدِي عِلْمٌ بِهَا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ تَبَعًا لِصَلَاةِ الْإِمَامِ فَلَوْ أَسْقَطَ قَوْلَهُ أَيْضًا لَكَانَ أَوْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى صَلَاةَ الْإِمَامِ وَلَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ حَيْثُ لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ تَعْيِينٌ لِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَيْسَ بِاقْتِدَاءٍ بِهِ، وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ انْتَظَرَ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ، ثُمَّ كَبَّرَ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِيهِ عَنْ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُتَرَدِّدٌ قَدْ يَكُونُ بِحُكْمِ الْعَادَةِ، وَقَدْ يَكُونُ لِقَصْدِ الِاقْتِدَاءِ فَلَا يَصِيرُ مُقْتَدِيًا بِالشَّكِّ خِلَافًا لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ الْمَشَايِخِ مِنْ أَنَّهُ يَكْفِيهِ عَنْ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ وَرَدَّهُ فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِ وَأَطْلَقَ فِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْمُتَابَعَةِ فَشَمِلَ الْجُمُعَةَ

لَكِنْ فِي الذَّخِيرَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خان لَوْ نَوَى الْجُمُعَةَ وَلَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَكُونُ إلَّا مَعَ الْإِمَامِ وَذَكَرَهُ فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي مَعْزِيًّا إلَى الْبَعْضِ وَأَفَادَ أَنَّ تَعْيِينَ الْإِمَامِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ فَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ زَيْدٌ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو يَصِحُّ إلَّا إذَا نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِمَا نَوَى وَلَوْ كَانَ يَرَى شَخْصَهُ فَنَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهَذَا الْإِمَامِ الَّذِي هُوَ زَيْدٌ فَإِذَا هُوَ خِلَافُهُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ عَرَفَهُ بِالْإِشَارَةِ فَلَغَتْ التَّسْمِيَةُ وَمِثْلُ مَا ذَكَرْنَا فِي الْخَطَأِ فِي تَعْيِينِ الْمَيِّتِ فَعِنْدَ الْكَثْرَةِ يَنْوِي الْمَيِّتَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَفِي عُدَّةِ الْفَتَاوَى وَلَوْ قَالَ اقْتَدَيْت بِهَذَا الشَّيْخِ وَهُوَ شَابٌّ صَحَّ؛ لِأَنَّ الشَّابَّ يُدْعَى شَيْخًا لِلتَّعْظِيمِ وَلَوْ قَالَ اقْتَدَيْت بِهَذَا الشَّابِّ فَإِذَا هُوَ شَيْخٌ لَمْ يَصِحَّ. اهـ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَيَنْبَغِي

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: فَلَوْ رَدَّدَ لَا يُصْبِحُ) أَقُولُ: هَذَا لَا يُنَافِي مَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْفَرْضَ وَالتَّطَوُّعَ جَازَ عَنْ الْفَرْضِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي الصَّلَاةِ لِعَدَمِ التَّرَدُّدِ ثَمَّةَ؛ لِأَنَّهُ جَازِمٌ بِالصَّلَاتَيْنِ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَقَالَ هَذَا أَيْ الْخِلَافُ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ اشْتِرَاطِ قَطْعِ النِّيَّةِ لِصِحَّةِ الْمَنْوِيِّ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ لِقَطْعِهَا عَلَى الصَّلَاتَيْنِ جَمِيعًا. اهـ.

وَنُقِلَ فِي النَّهْرِ عِبَارَةُ الْفَتْحِ بِدُونِ التَّعْلِيلِ وَأَسْقَطَ لَفْظَةَ " لَا " فَأَوْرَثَتْ خَلَلًا فَتَنَبَّهْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى حِينَ وَقَفَ إلَخْ) أَيْ حِينَ وَقَفَ الْإِمَامُ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ وَلَوْ نَوَى حِينَ وَقَفَ الْإِمَامُ وَالْمُرَادُ بِهِ بَيَانُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي صُورَةِ الظَّنِّ فَقَطْ، وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ نَوَى الشُّرُوعَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْإِمَامُ لَمْ يَشْرَعْ بَعْدُ وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ فَيَصِيرُ شَارِعًا فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ إذَا شَرَعَ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ مَا قَصَدَ الشُّرُوعَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ لِلْحَالِ إنَّمَا قَصَدَ الشُّرُوعَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ إذَا شَرَعَ الْإِمَامُ وَلَوْ نَوَى الشُّرُوعَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْإِمَامَ قَدْ شَرَعَ وَلَمْ يَشْرَعْ بَعْدُ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ. اهـ.

أَيْ لِأَنَّهُ قَصَدَ الشُّرُوعَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ لِلْحَالِ بِنَاءً عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْإِمَامَ شَرَعَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَكُونُ إلَخْ) قُلْتُ: وَكَذَلِكَ الْعِيدُ. اهـ. شُرُنْبُلَالِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ يَرَى شَخْصَهُ) هَذَا غَيْرُ قَيْدٍ لِقَوْلِهِ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِلْبُرْهَانِ إبْرَاهِيمَ سَوَاءٌ كَانَ يَرَى شَخْصَهُ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ اقْتَدَيْت بِهَذَا الشَّابِّ فَإِذَا هُوَ شَيْخٌ لَمْ يَصِحَّ) قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ وَالْإِشَارَةُ هُنَا لَا تَكْفِي؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ إشَارَةً إلَى الْإِمَامِ إنَّمَا هِيَ إلَى شَابٍّ أَوْ شَيْخٍ فَتَأَمَّلْ. اهـ.

وَمُرَادُهُ الْجَوَابُ عَمَّا أَوْرَدَ أَنَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ اجْتَمَعَتْ الْإِشَارَةُ مَعَ التَّسْمِيَةِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَلْغُوَ التَّسْمِيَةُ كَمَا لَغَتْ فِي هَذَا الْإِمَامِ الَّذِي هُوَ زَيْدٌ فَإِذَا هُوَ بَكْرٌ وَفِي هَذَا الشَّيْخُ فَإِذَا هُوَ شَابٌّ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى عَدَمِ الْكِفَايَةِ وَلَئِنْ سُلِّمَ اقْتَضَى التَّسْوِيَةَ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الشَّابِّ وَالشَّيْخِ فِي الْحُكْمِ مَعَ أَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ وَلَعَلَّهُ إلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ فَتَأَمَّلْ وَأَجَابَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِجَوَابٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ تِلْكَ الْقَاعِدَةَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُشَارُ إلَيْهِ مِمَّا يَقْبَلُ التَّسْمِيَةَ بِالِاسْمِ الْمُقَارِنِ لِاسْمِ الْإِشَارَةِ، أَمَّا فِي الْحَالِ كَمَا فِي هَذَا الْإِمَامِ الَّذِي هُوَ زَيْدٌ فَإِذَا هُوَ بَكْرٌ فَإِنَّ الَّذِي عَلِمَهُ بَكْرٌ يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ عِلْمُهُ زَيْدٌ فِي الْحَالِ وَكَمَا فِي هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>