رَجَعَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ) ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَهُوَ عَلَى الْوَرَثَةِ فِي حِصَّتِهِمْ) أَيْ الصَّبِيُّ يَرْجِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِحِصَّتِهِ لِانْتِقَاضِ الْقِسْمَةِ بِاسْتِحْقَاقِ مَا أَصَابَهُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَصَحَّ احْتِيَالُهُ بِمَالِهِ لَوْ خَيْرًا لَهُ) أَيْ يَجُوزُ احْتِيَالُ الْوَصِيِّ بِمَالِ الْيَتِيمِ إذَا كَانَ فِيهِ خَيْرٌ بِأَنْ يَكُونَ الثَّانِي أَمْلَأَ إذْ الْوِلَايَةُ نَظَرِيَّةٌ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَمْلَأَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَضْيِيعَ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى بَعْضِ الْوُجُوهِ وَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ إنْ حَكَمَ بِسُقُوطِهِ حَاكِمٌ يَرَى سُقُوطَ الدَّيْنِ إذَا مَاتَ الثَّانِي مُفْلِسًا أَوْ جَحَدَ الْحَوَالَةَ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَلَا يَرَى رُجُوعَ الدَّيْنِ عَلَى الْأَوَّلِ.
وَقَوْلُهُ لَوْ خَيْرًا بَيَّنَ أَنَّهُ يَصِحُّ احْتِيَالُهُ إذَا كَانَ الثَّانِي خَيْرًا مِنْ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ مَا إذَا كَانُوا سَوَاءً فَفِي الذَّخِيرَةِ: وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ ذَكَرَ الْمَحْبُوبِيُّ إنْ كَانَ الثَّانِي مِثْلَ الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ بَيْعِهِ مَالَ الْيَتِيمِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ حَيْثُ يَجُوزُ، وَالْحَوَالَةُ لَا تَجُوزُ قَالَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ اعْلَمْ أَنَّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلَ بِدَيْنِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ لَا تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ وَلَوْ احْتَالَ بِمَالِهِ وَأَخَذَ الْكَفِيلَ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إنْ كَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذَا كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَمْلَأَ حَتَّى لَوْ أَدْرَكَ، وَقَدْ أَخَذَ الدَّيْنَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْحَوَالَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمْلَأَ مِنْ الْمُحِيلِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ هَذَا إذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ بِمُدَايِنَةِ الْمَيِّتِ وَأَمَّا إذَا ثَبَتَ بِمُدَايِنَةِ الْوَصِيِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ أَوْ شَرًّا لَهُ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ خَيْرًا لَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ حَتَّى إنَّهُ إذَا أَدْرَكَ وَأَرَادَ أَنْ يَنْقُضَ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ شَرًّا لَهُ جَازَ ذَلِكَ وَيَضْمَنُ الْوَصِيُّ لِلْيَتِيمِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ شَرًّا.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (أَوْ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ بِمَا يَتَغَابَنُ) أَيْ يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ وَشِرَاؤُهُ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ وَلَا يَجُوزُ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ نَظَرِيَّةٌ وَلَا نَظَرَ فِي الْغَبْنِ الْفَاحِشِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَفِي اعْتِبَارِهِ انْسِدَادُ بَابِ الْوِصَايَةِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ، وَالصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ لَهُمَا فِي التِّجَارَةِ، وَالْمُكَاتَبِ حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُهُمْ وَشِرَاؤُهُمْ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَصَرَّفُونَ بِحُكْمِ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْإِذْنُ فَكَّ الْحَجْرَ، وَالصَّبِيُّ يَتَصَرَّفُ بِحُكْمِ النِّيَابَةِ الشَّرْعِيَّةِ نَظَرًا فَيَتَقَيَّدُ بِمَوْضِعِ النَّظَرِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَمْلِكُونَهُ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ تَبَرُّعٌ وَهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِهِمَا وَلَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ وَهَذَا إذَا تَبَايَعَ الْوَصِيُّ لِلصَّغِيرِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ أَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ نَفْسِهِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ مَا يُسَاوِي خَمْسَةَ عَشَرَ بِعَشَرَةٍ وَيَشْتَرِي مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بَخَمْسَةَ عَشَرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَفْعٌ فَلَا يَجُوزُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَأَظْهَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ نَفْسِهِ بِكُلِّ حَالٍ هَذَا فِي وَصِيِّ الْأَبِ وَأَمَّا وَصِيُّ الْقَاضِي فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ نَفْسِهِ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ وَلِلْأَبِ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الصَّغِيرِ بِأَنْ كَانَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ، وَالْغَبْنُ يَسِيرٌ، وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ عَقَارِ الصَّغِيرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ يَرْغَبَ الْمُشْتَرِي فِيهِ بِضَعْفِ الثَّمَنِ أَوْ يَكُونُ لِلصَّغِيرِ حَاجَةٌ إلَى الثَّمَنِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَبِهِ يُفْتَى وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ فَشَمِلَ الْعُرُوضَ، وَالْعَقَارَ وَمَا يُخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادُ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الْعَقَارِ.
وَإِذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ صِغَارًا وَسَيَأْتِي حُكْمُ تَصَرُّفِهِ وَإِذَا كَانُوا كِبَارًا أَوْ مُخْتَلَطِينَ وَإِذَا ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ ثُمَّ مَسَائِلُهُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يُصَدَّقُ فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ، وَقِسْمٌ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ، وَقِسْمٌ اخْتَلَفُوا فِيهِ أَمَّا الْأَوَّلُ إذَا قَالَ الْوَصِيُّ: إنَّ أَبَاك تَرَكَ رَقِيقًا وَأَنْفَقْت عَلَيْهِمْ أَوْ قَالَ اشْتَرَيْت رَقِيقًا وَأَدَّيْت الثَّمَنَ ثُمَّ مَاتُوا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا هُوَ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ مُسَلَّطٌ عَلَى مَا فِيهِ إصْلَاحُ الصَّغِيرِ، وَالْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ وَعَلَى رَقِيقِهِ مِقْدَارَ حَاجَتِهِمْ إصْلَاحٌ لَهُمْ فَيُصَدَّقُ فِيهِ وَلَوْ قَالَ: اشْتَرَيْت مِنْ فُلَانٍ الْعَبِيدَ الَّذِي فِي يَدِهِ وَدَفَعْت الثَّمَنَ وَأَنْكَرَ ذُو الْيَدِ يُصَدَّقُ عَلَى الصَّبِيِّ دُونَ ذُو الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ مُسَلَّطٌ عَلَى الشِّرَاءِ، وَالْبَيْعِ وَتَنْمِيَةِ مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنَّهُ إصْلَاحٌ لَهَا لِكَيْ لَا يَسْتَأْصِلَهَا النَّفَقَةُ، وَلَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْت رَجُلًا لِرَدِّ الْآبِقِ صُدِّقَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ فِعْلٌ هُوَ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ شَرْعًا لِمَا فِيهِ مِنْ إصْلَاحِ الصَّغِيرِ وَإِحْيَائِهِ، وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي لَوْ قَالَ أَنْفَقْت مِنْ مَالِي لِأَرْجِعَ عَلَيْك لَمْ يُصَدَّقْ وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ: اسْتَهْلَكْت مَالًا فَأَدَّيْت ضَمَانَهُ وَأَنْفَقْت عَلَى أَخٍ لَك كَانَ زَمَنًا لَمْ يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا لَمْ يَكُنْ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسَلَّطٍ عَلَى الْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَلَا عَلَى الْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى مَحَارِمِهِ قَبْلَ فَرْضِ الْقَاضِي وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ لَوْ
قَالَ أَبَقَ غُلَامُك وَأَدَّيْت جُعْلَ الْآبِقِ وَأَدَّيْت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute