صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ، وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِلْعَبْدِ الضَّعِيفِ أَنَّ هَذِهِ الْفُرُوعَ الْمُفَصَّلَةَ فِي الْمَغْفِرَةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ الَّذِي يُفَسِّرُ مَا لَيْسَ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ بِمَا يَسْتَحِيلُ سُؤَالُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَكَانَ فِي الْقُرْآنِ أَوْ فِي السُّنَّةِ
أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ وَالْمُقْتَصِرِينَ عَلَى الْأَوَّلِ فَلَا تَفْصِيلَ فِي سُؤَالِ الْمَغْفِرَةِ أَصْلًا فَلَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِهِ وَلِذَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْفُرُوعِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْهَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ سَأَلَ مَا يَسْتَحِيلُ سُؤَالُهُ مِنْ الْخَلْقِ لَا تَفْسُدُ إذَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ وَكَانَ مَأْثُورًا، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَمْ يُشْتَرَطْ كَوْنُهُ فِي الْقُرْآنِ أَوْ كَوْنُهُ مَأْثُورًا بَلْ قَالَ إنْ كَانَ يَسْتَحِيلُ سُؤَالُهُ مِنْ الْخَلْقِ لَا تَفْسُدُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَحِيلُ تَفْسُدُ اهـ.
بِلَفْظِهِ، فَظَهَرَ أَنَّ التَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنَّ الْجَامِعَ الصَّغِيرَ مِنْ كُتُبِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بَلْ كُلُّ تَأْلِيفٍ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مَوْصُوفٌ بِالصَّغِيرِ فَهُوَ بِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ بِخِلَافِ الْكَبِيرِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْرَضْ عَلَى أَبِي يُوسُفَ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَمِّي تَفْسُدُ اتِّفَاقًا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى اتِّفَاقِ الْمَشَايِخِ الْمَبْنِيِّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمُجْتَبَى، وَفِي أَقْرِبَائِي أَوْ أَعْمَامِي اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ. اهـ.
لِأَنَّهُ يُشْكِلُ بِقَوْلِهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِزَيْدٍ أَوْ لِعَمْرٍو، فَإِنَّ صَاحِبَ الذَّخِيرَةِ قَدْ صَرَّحَ بِالْفَسَادِ بِهِ مَعَ أَنَّ سُؤَالَ الْمَغْفِرَةِ مِمَّا يَسْتَحِيلُ سُؤَالُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ خِلَافًا
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ أَيْضًا وَإِنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الْفَسَادِ بِهِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ مِنْ سُنَنِ الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ الدُّعَاءُ بِمَا شَاءَ مِنْ صَلَاحِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا لِنَفْسِهِ وَلِوَالِدَيْهِ وَأُسْتَاذِهِ وَجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِأُسْتَاذِي لَا تَفْسُدُ مَعَ أَنَّ الْأُسْتَاذَ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ فَيَقْتَضِي عَدَمَ الْفَسَادِ بِقَوْلِهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِزَيْدٍ، وَفِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا لَوْ قَالَ اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ عَيْنَهُ فِي الْقُرْآنِ وَلَوْ قَالَ اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي بَقْلًا وَقِثَّاءً وَعَدَسًا وَبَصَلًا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّ عَيْنَ هَذَا اللَّفْظِ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ، وَفِي الْهِدَايَةِ اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي مِنْ كَلَامِ النَّاسِ لِاسْتِعْمَالِهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ يُقَالُ رَزَقَ الْأَمِيرُ الْجَيْشَ وَتَعَقَّبَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِأَنَّ إسْنَادَ الرِّزْقِ إلَى الْأَمِيرِ مَجَازٌ فَإِنَّ الرَّازِقَ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَدْ صَرَّحَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ بِأَنَّ سُؤَالَ الرِّزْقِ كَسُؤَالِ الْمَغْفِرَةِ وَفَصَّلَ فِي الْخُلَاصَةِ فَقَالَ لَوْ قَالَ اُرْزُقْنِي فُلَانَةَ الْأَصَحُّ أَنَّهَا تَفْسُدُ بِخِلَافِ اُرْزُقْنِي الْحَجَّ الْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ، وَكَذَا اُرْزُقْنِي رُؤْيَتَك، وَفِي الْمُضْمَرَاتِ شَرْحِ الْقُدُورِيِّ وَلَوْ قَالَ اللَّهُمَّ اقْضِ دَيْنِي تَفْسُدُ، وَلَوْ قَالَ اللَّهُمَّ اقْضِ دَيْنَ وَالِدِي لَا تَفْسُدُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الدُّعَاءَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ لِنَفْسِهِ وَرَدَ فِي السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ قَوْلِهِ «اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ» فَإِنَّ التَّفْصِيلَ بَيْنَ كَوْنِهِ مُسْتَحِيلًا أَوَّلًا إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ الْمَأْثُورِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخَانِيَّةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْمَأْثُورِ أَنْ يَكُونَ وَرَدَ فِي الصَّلَاةِ لَا مُطْلَقًا، وَهُوَ بَعِيدٌ
وَفِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ، وَلَوْ قَالَ اللَّهُمَّ الْعَنْ الظَّالِمِينَ لَا يَقْطَعُ صَلَاتَهُ، وَلَوْ قَالَ اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَانًا يَعْنِي ظَالِمَهُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ. اهـ.
وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَنَّ الَّذِي يُشْبِهُ كَلَامَ النَّاسِ إنَّمَا يُفْسِدُهَا إذَا كَانَ قَبْلَ تَمَامِ فَرَائِضِهَا أَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ لَا يُفْسِدُهَا؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ كَلَامِ النَّاسِ لَا يُبْطِلُهَا فَهَذَا أَوْلَى، وَإِنَّمَا لَمْ يَدْعُ بِكَلَامِ النَّاسِ فِي آخِرِهَا لِلْحَدِيثِ «إنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» فَيُقَدَّمُ عَلَى الْمُبِيحِ، وَهُوَ عُمُومُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «، ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ» ، وَفِي فَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيِّ الْمُصَلِّي يَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ فِي الصَّلَاةِ بِدُعَاءٍ مَحْفُوظٍ لَا بِمَا يَحْضُرُهُ؛ لِأَنَّهُ يُخَافُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى لِسَانِهِ مَا يُشْبِهُ كَلَامَ النَّاسِ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ، فَأَمَّا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ بِمَا يَحْضُرُهُ وَلَا يَسْتَظْهِرُ الدُّعَاءَ؛ لِأَنَّ حِفْظَ الدُّعَاءِ يَمْنَعُهُ عَنْ الرِّقَّةِ.
(قَوْلُهُ وَسَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ كَالتَّحْرِيمَةِ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ نَاوِيًا الْقَوْمَ وَالْحَفَظَةَ وَالْإِمَامَ فِي الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ أَوْ الْأَيْسَرِ أَوْ فِيهِمَا لَوْ مُحَاذِيًا) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ السَّلَامَ مِنْ وَاجِبَاتِهَا عِنْدَنَا وَمِنْ أَرْكَانِهَا عِنْدَ الْأَئِمَّةِ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .