السَّجْدَةِ وَرَكَعَ عَقِبَهَا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ مَثَلًا ثُمَّ سَجَدَ، وَلَمْ يَكُنْ نَوَاهَا فِي الرُّكُوعِ يَجِبُ عَلَيْهِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ عَلَى حِدَةٍ أَمَّا إذَا سَجَدَ عَقِبَ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ خَرَجَ عَنْ الْعُهْدَةِ لَا مَحَالَةَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ نَوَاهَا فِي الرُّكُوعِ أَوْ لَمْ يَنْوِ اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ، وَلَوْ نَوَاهَا فِي الرُّكُوعِ عَقِبَ التِّلَاوَةِ، وَلَمْ يَنْوِهَا الْمُقْتَدِي لَا يَنُوبُ عَنْهُ وَيَسْجُدُ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ وَيُعِيدُ الْقَعْدَةَ، وَلَوْ تَرَكَهَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ اهـ.
ثُمَّ قَالَ السُّجُودُ أَوْلَى مِنْ الرُّكُوعِ لَهَا فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ دُونَ الْمُخَافَتَةِ وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِكَوْنِهَا لَا تُقْضَى خَارِجَهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَّرَهَا مِنْ رَكْعَةٍ إلَى رَكْعَةٍ فَإِنَّهَا تُقْضَى مَا دَامَ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَاحِدَةٌ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ جَوَازُ التَّأْخِيرِ بَلْ الْمُرَادُ الْإِجْزَاءُ لِمَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ، وَأَنَّهُ إذَا أَخَّرَهَا حَتَّى طَالَتْ الْقِرَاءَةُ تَصِيرُ قَضَاءً وَيَأْثَمُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ السَّجْدَةَ صَارَتْ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ مُلْحَقَةً بِنَفْسِ التِّلَاوَةِ؛ وَلِذَا فُعِلَتْ فِيهَا مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَصْلِ الصَّلَاةِ بَلْ زَائِدَةً بِخِلَافِ غَيْرِ الصَّلَاتِيَّةِ فَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى التَّرَاخِي عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ. اهـ. .
(قَوْلُهُ وَلَوْ تَلَاهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ فَسَجَدَ وَأَعَادَهَا فِيهَا) أَيْ أَعَادَ تِلَاوَتَهَا فِي الصَّلَاةِ (سَجَدَ أُخْرَى) ؛ لِأَنَّ الصَّلَاتِيَّةَ أَقْوَى فَلَا تَكُونُ تَبَعًا لِلْأَضْعَفِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ أَوَّلًا كَفَتْهُ وَاحِدَةٌ) وَهِيَ صَلَاتِيَّةٌ تَنُوبُ عَنْهَا وَعَنْ الْخَارِجِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَجْلِسَ مُتَّحِدٌ وَالصَّلَاتِيَّةُ أَقْوَى فَصَارَتْ الْأُولَى تَبَعًا لَهَا فَلَوْ لَمْ يَسْجُدْ فِي الصَّلَاةِ سَقَطَتَا؛ لِأَنَّ الْخَارِجِيَّةَ أَخَذَتْ حُكْمَ الصَّلَاتِيَّةِ فَسَقَطَتْ تَبَعًا لَهَا أَرَادَ بِالِاكْتِفَاءِ أَنْ يَكُونَ بِشَرْطِ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ، فَإِنْ تَبَدَّلَ مَجْلِسُ التِّلَاوَةِ مَعَ مَجْلِسِ الصَّلَاةِ فَلِكُلٍّ سَجْدَةٌ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَهَا بِالذِّكْرِ مَعَ دُخُولِهَا تَحْتَ قَوْلِهِ كَمَنْ كَرَّرَهَا فِي مَجْلِسٍ لَا فِي مَجْلِسَيْنِ لِمُخَالَفَتِهَا لَهَا فِي أَنَّهُ إذَا سَجَدَ لِلْخَارِجِيَّةِ لَا تَكْفِي عَنْ الصَّلَاتِيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ صَلَاتِيَّةً وَسَجَدَ لِلْأُولَى ثُمَّ أَعَادَهَا فَإِنَّ السَّجْدَةَ السَّابِقَةَ تَكْفِي.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ التَّدَاخُلُ فِي هَذِهِ عَلَى وَجْهٍ تَكُونُ الثَّانِيَةُ مُسْتَتْبِعَةً لِلْأُولَى إنْ لَمْ يَسْجُدْ لِلْأُولَى؛ لِأَنَّ اتِّحَادَ الْمَجْلِسِ يُوجِبُ التَّدَاخُلَ، وَكَوْنُ الثَّانِيَةِ قَوِيَّةً مَنَعَ مِنْ جَعْلِ الْأُولَى مُسْتَتْبِعَةً إذْ اسْتِتْبَاعُ الضَّعِيفِ لِلْقَوِيِّ عَكْسُ الْمَعْقُولِ وَنَقْضٌ لِلْأُصُولِ فَوَجَبَ التَّدَاخُلُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَوْ تَلَاهَا الْمُصَلِّي بَعْدَمَا سَمِعَهَا مِنْ غَيْرِهِ مَرَّةً أَوْ مِرَارًا تَكْفِيهِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْأُولَى تَلَاهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَرَأَهَا فِي الصَّلَاةِ أَوَّلًا ثُمَّ سَلَّمَ فَأَعَادَهَا فِي مَكَانِهِ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أُخْرَى؛ لِأَنَّ الْمَتْلُوَّةَ فِي الصَّلَاةِ لَا وُجُودَ لَهَا لَا حَقِيقَةً، وَلَا حُكْمًا وَالْمَوْجُودُ هُوَ الَّذِي يَسْتَتْبِعُ دُونَ الْمَعْدُومِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْأُولَى خَارِجَةً وَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ بَعْدَ التِّلَاوَةِ حُكْمًا وَذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ وَأَنَّهُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَفِي الْقُنْيَةِ، وَلَوْ نَوَاهَا فِي الرُّكُوعِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى الْجَهْرِيَّةِ اهـ.
قُلْت: لَعَلَّ وَجْهَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ مَا يَأْتِي عَنْ الْقُنْيَةِ أَيْضًا أَنَّ الرُّكُوعَ أَوْلَى فِي صَلَاةِ الْمُخَافَتَةِ وَعَلَّلَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة بِقَوْلِهِ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ الْأَمْرُ عَلَى الْقَوْمِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَوْمَ نِيَّتُهَا فِي الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّهُ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِتِلَاوَتِهِ وَإِلَّا لَمْ يَحْصُلْ عَلَيْهِمْ الْتِبَاسٌ بِخِلَافِ الْجَهْرِيَّةِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ، فَإِنْ قُلْت لِمَ لَا يَنُوبُ السُّجُودُ الَّذِي بَعْدَ هَذَا الرُّكُوعِ عَنْ السَّجْدَةِ التِّلَاوِيَّةِ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي قُلْت؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَوَى الْإِمَامُ الرُّكُوعَ تَعَيَّنَ لَهُ فَلَا يَنُوبُ عَنْ سَجْدَةِ التِّلَاوِيَّةِ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي، وَإِنْ نَوَاهُ، فَإِنْ قُلْت مِنْ أَيْنَ يَعْلَمُ الْمُقْتَدِي أَنَّ إمَامَهُ نَوَاهُ فِي الرُّكُوعِ قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يُخْبِرَهُ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَوْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَأْتِيَ بِهِ.
(قَوْلُهُ بِشَرْطِ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ) ذَكَرَ فِي النَّهْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ فَقَالَ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ أَوْ اخْتَلَفَ وَكَذَا قَالَ فِي الدُّرَرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ قَالَ الرَّمْلِيُّ وَمِثْلُ مَا فِي الْبَحْرِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالنِّهَايَةِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهَا فَظَاهِرٌ مَا فِي النَّهْرِ نَقْلًا عَنْ الْبَدَائِعِ وَالدُّرَرِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ اخْتِلَافًا وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ مَا فِي الْبَحْرِ تَأَمَّلْ اهـ.
قُلْت ذَكَرَ فِي النَّهْرِ بَعْدَ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْهُ وَهَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَفِي رِوَايَةِ النَّوَادِرِ لَا تَكْفِيهِ الْوَاحِدَةُ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ بِالصَّلَاةِ يَتَبَدَّلُ الْمَجْلِسُ أَوْ لَا اهـ.
أَيْ هَلْ يَتَبَدَّلُ حُكْمًا أَمْ لَا يَتَبَدَّلُ أَصْلًا كَمَا بَسَطَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ ثُمَّ قَالَ وَأَفْرَدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِالذِّكْرِ مَعَ دُخُولِهَا تَحْتَ قَوْلِهِ كَمَنْ كَرَّرَهَا فِي مَجْلِسٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ أَخُوهُ هُنَا وَحِينَئِذٍ فَمَا فِي النَّهْرِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ تَعْمِيمَهُ أَوَّلًا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ مَنْشَأٌ لِلْخِلَافِ، وَمَا بَعْدَهُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْخِلَافَ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ وَلَكِنْ بَعْدَ تَعْلِيلِهِ لِكِفَايَةِ الْوَاحِدَةِ بِاتِّحَادِ الْمَجْلِسِ كَمَا عَلَّلَ الْمُؤَلِّفُ، وَلَا غُبَارَ عَلَيْهِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الشرنبلالية مَا يُفِيدُ الْجَوَابَ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ قَوْلَ الدُّرَرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ بِنَاءً عَلَى تَسْلِيمِ الْوَجْهِ لِرِوَايَةِ النَّوَادِرِ، وَهُوَ أَنَّ الْمَجْلِسَ يَتَبَدَّلُ بِالصَّلَاةِ حُكْمًا وَإِلَّا فَعَلَى الظَّاهِرِ فَهُوَ مُتَّحِدٌ حَقِيقَةً وَحُكْمًا وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي النَّهْرِ عَلَى هَذَا، وَعَلَيْهِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ، وَلَا خِلَافَ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ سَلَّمَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يَعْنِي ثُمَّ سَلَّمَ، وَلَمْ يَسْجُدْ لَهَا فِيهَا فَلَوْ سَجَدَ لَهَا فِيهَا وَأَعَادَهَا فِي مَكَانِهِ لَا تَلْزَمُهُ أُخْرَى كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ إطْلَاقِ قَوْلِهِمْ كَمَنْ كَرَّرَهَا فِي مَجْلِسٍ، وَعَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ أَنَّ التَّدَاخُلَ فِيهَا فِي الْحُكْمِ لَا فِي السَّبَبِ تَلْزَمُهُ أُخْرَى اهـ.
وَفِيهِ