للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاخْتُلِفَ فِي السَّوَائِمِ عَلَى قَوْلِهِ فَقِيلَ هِيَ كَغَيْرِهَا وَقِيلَ الْوَاجِبُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَعِنْدَهُمَا الْوَاجِبُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ صُورَةً وَمَعْنًى لَكِنْ يَجُوزُ إقَامَةُ غَيْرِهِ مَقَامَهُ مَعْنًى وَيُبْتَنَى عَلَى هَذَا الْأَصْلِ مَسَائِلُ الْجَامِعِ لَهُ مِائَتَا قَفِيزِ حِنْطَةٍ لِلتِّجَارَةِ تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَإِنْ أَدَّى مِنْ عَيْنِهَا يُؤَدِّي خَمْسَةَ أَقْفِزَةٍ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ أَدَّى قِيمَتَهَا فَعِنْدَهُ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْوُجُوبِ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، وَعِنْدَهُمَا فِي الْفَصْلَيْنِ يُعْتَبَرُ يَوْمُ الْأَدَاءِ وَاخْتُلِفَ عَلَى قَوْلِهِ فِي السَّوَائِمِ فَقِيلَ يَوْمُ الْوُجُوبِ وَقِيلَ يَوْمُ الْأَدَاءِ حَسَبَ الِاخْتِلَافِ السَّابِقِ وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَفِي الْمُحِيطِ يُعْتَبَرُ فِي قِيمَةِ السَّوَائِمِ يَوْمُ الْأَدَاءِ بِالْإِجْمَاعِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ لَوْ فَسَدَتْ الْحِنْطَةُ بِمَا أَصَابَهَا حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهَا مِائَةً فَإِنَّهُ يُؤَدِّي دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا بِلَا خِلَافٍ إذَا اخْتَارَ الْقِيمَةَ لِأَنَّهُ هَلَكَ جُزْءٌ مِنْ الْعَيْنِ فَسَقَطَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ الْوَاجِبِ، وَإِنْ زَادَتْ فِي نَفْسِهَا قِيمَةً فَالْعِبْرَةُ لِيَوْمِ الْوُجُوبِ اهـ.

وَفِي الْهِدَايَةِ وَيَجُوزُ دَفْعُ الْقِيمَةِ فِي الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْعُشْرِ وَالنَّذْرِ اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَوْ أَدَّى ثَلَاثَ شِيَاهٍ سِمَانٍ عَنْ أَرْبَعٍ وَسَطٍ أَوْ بَعْضَ بِنْتِ لَبُونٍ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ جَازَ؛ لِأَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ الْوَسَطُ فَلَمْ يَكُنْ الْأَعْلَى دَاخِلًا فِي النَّصِّ، وَالْجَوْدَةُ مُعْتَبَرَةٌ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيَّاتِ فَتَقُومُ مَقَامَ الشَّاةِ الرَّابِعَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مِثْلِيًّا بِأَنَّ أَدَّى أَرْبَعَةَ أَقْفِزَةٍ جَيِّدَةٍ عَنْ خَمْسَةِ وَسَطٍ وَهِيَ تُسَاوِيهَا لَا يَجُوزُ أَوْ كِسْوَةً بِأَنْ أَدَّى ثَوْبًا يَعْدِلُ ثَوْبَيْنِ لَمْ يَجُزْ إلَّا عَنْ ثَوْبٍ وَاحِدٍ أَوْ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ شَاتَيْنِ أَوْ يُعْتِقَ عَبْدَيْنِ وَسَطَيْنِ فَأَهْدَى شَاةً، أَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا يُسَاوِي كُلٌّ مِنْهُمَا وَسَطَيْنِ لَا يَجُوزُ

أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْجَوْدَةَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِجِنْسِهَا فَلَا تَقُومُ الْجَوْدَةُ مَقَامَ الْقَفِيزِ الْخَامِسِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ مُطْلَقُ الثَّوْبِ فِي الْكَفَّارَةِ لَا بِقَيْدِ الْوَسَطِ فَكَانَ الْأَعْلَى وَغَيْرُهُ دَاخِلًا تَحْتَ النَّصِّ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلِأَنَّ الْقُرْبَةَ فِي الْإِرَاقَةِ وَالتَّحْرِيرِ، وَقَدْ الْتَزَمَ إرَاقَتَيْنِ وَتَحْرِيرَيْنِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ بِوَاحِدَةٍ بِخِلَافِ النَّذْرِ بِالتَّصَدُّقِ بِأَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِشَاتَيْنِ وَسَطَيْنِ فَتَصَدَّقَ بِشَاةٍ بِقَدْرِهِمَا جَازَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إغْنَاءُ الْفَقِيرِ، وَبِهِ تَحْصُلُ الْقُرْبَةُ، وَهُوَ يَحْصُلُ بِالْقِيمَةِ، وَعَلَى مَا قُلْنَا: لَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقَفِيزٍ دَقَلٍ فَتَصَدَّقَ بِنِصْفِهِ جَيِّدًا يُسَاوِي تَمَامَهُ لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ لَا قِيمَةَ لَهَا هُنَا لِلرِّبَوِيَّةِ وَلِلْمُقَابَلَةِ بِالْجِنْسِ بِخِلَافِ جِنْسٍ آخَرَ لَوْ تَصَدَّقَ بِنِصْفِ قَفِيزٍ مِنْهُ يُسَاوِيهِ جَازَ اهـ.

قَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِالزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ دَفْعُ الْقِيمَةِ فِي الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا وَالْعِتْقِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْقُرْبَةِ إرَاقَةُ الدَّمِ وَذَلِكَ لَا يَتَقَوَّمُ وَكَذَلِكَ الْإِعْتَاقُ لِأَنَّ مَعْنَى الْقُرْبَةِ فِيهِ إتْلَافُ الْمِلْكِ وَنَفْيُ الرِّقِّ، وَذَلِكَ لَا يَتَقَوَّمُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِبَقَاءِ أَيَّامِ النَّحْرِ، وَأَمَّا بَعْدَهَا فَيَجُوزُ دَفْعُ الْقِيمَةِ كَمَا عُرِفَ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَالسِّنُّ هِيَ الْمَعْرُوفَةُ، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا ذَاتُ سِنٍّ إطْلَاقًا لِلْبَعْضِ عَلَى الْكُلِّ أَوْ سَمَّى بِهَا صَاحِبُهَا كَمَا سَمَّى الْمُسِنَّةَ مِنْ النُّوقِ بِالنَّابِ؛ لِأَنَّ السِّنَّ مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى عُمْرِ الدَّوَابِّ، وَوَقَعَ هُنَا إطْلَاقُ الْمُصَدِّقِ عَلَى السَّاعِي، وَهُوَ مُشْتَبِهٌ بِرَبِّ الْمَالِ

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ إنْ كَانَ بِالصَّادِ الْمُخَفَّفَةِ وَالدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ الْمَكْسُورَةِ فَهُوَ بِمَعْنَى آخِذِ الصَّدَقَةِ، وَإِنْ كَانَ بِالصَّادِ الْمُشَدَّدَةِ وَالدَّالِ الْمَكْسُورَةِ الْمُشَدَّدَةِ فَهُوَ الْمُعْطِي لَهَا (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ الْوَسَطُ) أَيْ فِي الزَّكَاةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تَأْخُذُوا مِنْ حَزَرَاتِ أَمْوَالِ النَّاسِ أَيْ كَرَائِمِهَا وَخُذُوا مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ» أَيْ مِنْ أَوْسَاطِهَا وَلِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْحَزَرَاتُ جَمْعُ حَزْرَةٍ بِتَقْدِيمِ الزَّاي الْمَنْقُوطَةِ عَلَى الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ، وَلَا تُؤْخَذُ الرُّبَّا وَالْأَكُولَةُ وَالْمَاخِضُ وَفَحْلُ الْغَنَمِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْكَرَائِمِ، وَقَدْ نُهِينَا عَنْ أَخْذِ الْكَرَائِمِ، وَلَا تُؤْخَذُ الْهَرَمُ، وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُصَدِّقُ. اهـ.

وَالْأَكُولَةُ الشَّاةُ السَّمِينَةُ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْأَكْلِ وَالرُّبَّا بِضَمِّ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ مَقْصُورَةً، وَهِيَ الَّتِي تُرَبِّي وَلَدَهَا كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَالْمَاخِضُ الَّتِي فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ وَقَدْ أَطَالَ

ــ

[منحة الخالق]

الْخِيَارَ لِصَاحِبِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ مَا إذَا أَرَادَ دَفْعَ الْأَعْلَى وَأَخْذَ الزَّائِدِ ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ النَّهْرِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ بِقَفِيزِ دَقَلٍ) الدَّقَلُ - مُحَرَّكَةً - أَرْدَأُ التَّمْرِ قَامُوسٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>