فِيهِ فِي الْبَدَائِعِ وَذَكَرَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّاعِي أَخْذُ الْأَدْوَنِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ الْأَدِلَّةَ تَقْتَضِي أَنْ لَا يَجِبَ فِي الْأَخْذِ مِنْ الْعِجَافِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا وَسَطٌ اعْتِبَارُ أَعْلَاهَا وَأَفْضَلِهَا، وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْهُمْ خِلَافًا فِي صَدَقَةِ السَّوَائِمِ اهـ.
وَفِي الْمِعْرَاجِ وَذَكَرَ الْحَاكِمُ الْجَلِيلُ فِي الْمُنْتَقَى الْوَسَطَ أَعْلَى الْأَدْوَنِ، وَأَدْوَنُ الْأَعْلَى وَقِيلَ: إذَا كَانَ عِشْرُونَ مِنْ الضَّأْنِ وَعِشْرُونَ مِنْ الْمَعْزِ يَأْخُذُ الْوَسَطَ، وَمَعْرِفَتُهُ أَنْ يُقَوَّمَ الْوَسَطُ مِنْ الْمَعْزِ وَالضَّأْنِ فَتُؤْخَذُ شَاةٌ تُسَاوِي نِصْفَ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَثَلًا الْوَسَطَ مِنْ الْمَعْزِ تُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَالْوَسَطَ مِنْ الضَّأْنِ عِشْرِينَ فَتُؤْخَذُ شَاةٌ قِيمَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ اهـ.
وَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَفِيهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ كُلُّهَا بَنَاتُ مَخَاضٍ أَوْ كُلُّهَا بَنَاتُ لَبُونٍ أَوْ حِقَاقٌ أَوْ جِذَاعٌ فَفِيهَا شَاةٌ وَسَطٌ، وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ إذَا كَانَ لِرَجُلٍ نَخِيلُ تَمْرٍ جَيِّدٍ بَرْنِيِّ، وَدَقَلٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ نَخْلَةٍ حِصَّتُهَا مِنْ الْعُشْرِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُؤْخَذُ مِنْ الْوَسَطِ إذَا كَانَتْ أَصْنَافًا ثَلَاثَةً: جَيِّدٌ وَوَسَطٌ وَرَدِيءٌ. اهـ.
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ أَخْذَ الْوَسَطِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا اشْتَمَلَ الْمَالُ عَلَى جَيِّدٍ وَوَسَطٍ وَرَدِيءٍ أَوْ عَلَى صِنْفَيْنِ مِنْهُمَا أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَالُ كُلُّهُ جَيِّدًا كَأَرْبَعِينَ شَاةً أَكُولَةً فَإِنَّهُ يَجِبُ وَاحِدَةٌ مِنْ الْكَرَائِمِ لَا شَاةٌ وَسَطٌ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ كَمَا لَا يَخْفَى
(قَوْلُهُ: وَيُضَمُّ مُسْتَفَادٌ مِنْ جِنْسِ نِصَابٍ إلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْجَبَ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ بِنْتَ مَخَاضٍ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الزِّيَادَةِ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ وَلِأَنَّهُ عِنْدَ الْمُجَانَسَةِ يَتَعَسَّرُ التَّمْيِيزُ فَيَعْسُرُ اعْتِبَارُ الْحَوْلِ لِكُلِّ مُسْتَفَادٍ وَمَا شُرِطَ الْحَوْلُ إلَّا لِلتَّيْسِيرِ وَالْمُرَادُ بِالضَّمِّ أَنْ تَجِبَ الزَّكَاةُ فِي الْفَائِدَةِ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ عَلَى الْأَصْلِ قُيِّدَ بِالْجِنْسِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ كَالْإِبِلِ مَعَ الشِّيَاهِ لَا تَضُمُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إلَى التَّعْسِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا ثُمَّ كُلُّ مَا يَسْتَفِيدُهُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ يَضُمُّهُ إلَيْهِ، وَقُيِّدَ بِالنِّصَابِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ النِّصَابُ نَاقِصًا وَكَمُلَ مَعَ الْمُسْتَفَادِ فَإِنَّ الْحَوْلَ يَنْعَقِدُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْكَمَالِ كَذَا فِي الْإِسْبِيجَابِيِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ لَهُ نِصَابٌ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ فَهَلَكَ بَعْضُهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ فَاسْتَفَادَ تَمَامَ النِّصَابِ أَوْ أَكْثَرَ يُضَمُّ أَيْضًا عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ النِّصَابِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ لَا يَقْطَعُ حُكْمَ الْحَوْلِ فَصَارَ الْمُسْتَفَادُ مَعَ النُّقْصَانِ كَالْمُسْتَفَادِ مَعَ كَمَالِهِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَأَطْلَقَ فِي الْمُسْتَفَادِ فَشَمِلَ الْمُسْتَفَادَ بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وَسَيَأْتِي أَنَّ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ يُضَمُّ إلَى الْآخَرِ، وَأَنَّ الْعُرُوضَ لِلتِّجَارَةِ تُضَمُّ إلَى النَّقْدَيْنِ لِلْجِنْسِيَّةِ بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهَا، وَفِي الْمُحِيطِ: لَوْ كَانَ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ دَيْنًا فَاسْتَفَادَ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يَضُمُّ الْمُسْتَفَادَ إلَى الدَّيْنِ فِي حَوْلِهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِذَا تَمَّ الْحَوْلُ عَلَى الدَّيْنِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ مِنْ الْمُسْتَفَادِ مَا لَمْ يَقْبِضْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ مِنْ الدَّيْنِ شَيْئًا
وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ مُفْلِسًا سَقَطَ عَنْهُ زَكَاةُ الْمُسْتَفَادِ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ اهـ.
وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ إلَيْهِ أَيْ إلَى النِّصَابِ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ النِّصَابِ الْمَضْمُومِ إلَيْهِ وَلِذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ وُهِبَ لَهُ أَلْفٌ ثُمَّ اسْتَفَادَ أَلْفًا قَبْلَ الْحَوْلِ ثُمَّ رَجَعَ الْوَاهِبُ فِي الْهِبَةِ بِقَضَاءِ قَاضٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي الْأَلْفِ الْفَائِدَةِ حَتَّى يَمْضِيَ حَوْلٌ مِنْ حِينِ مَلَكَهَا؛ لِأَنَّهُ بَطَلَ حَوْلُ الْأَصْلِ، وَهُوَ الْمَوْهُوبُ فَيَبْطُلُ فِي حَقِّ التَّبَعِ اهـ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ ضَاعَ الْمَالُ الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الْحَوْلَ عَلَى الْمُسْتَفَادِ مِنْهُ مُنْذُ مَلَكَهُ فَإِنْ وَجَدَ دِرْهَمًا مِنْ دَرَاهِمِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ ضَمَّهُ إلَى مَا عِنْدَهُ فَيُزَكِّي الْكُلَّ؛ لِأَنَّ بِالضَّيَاعِ لَا يَنْعَدِمُ أَصْلُ الْمِلْكِ، وَإِنَّمَا تَنْعَدِمُ يَدُهُ وَتَصَرُّفُهُ فَإِذَا ارْتَفَعَ ذَلِكَ قَبْلَ كَمَالِ الْحَوْلِ كَانَ كَأَنَّ الضَّيَاعَ لَمْ يَكُنْ اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ الضَّمَّ الْمَذْكُورَ عِنْدَ عَدَمِ مَانِعٍ أَمَّا إذَا وُجِدَ مَانِعٌ مِنْهُ فَلَا ضَمَّ وَلِذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ، وَلَا يَضُمُّ أَثْمَانَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ الْمُزَكَّاةِ إلَى مَا عِنْدَهُ مِنْ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .