للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَاتَ بَعْدَمَا صَحَّ يَوْمًا يَلْزَمُهُ الْإِيصَاءُ بِالْجَمِيعِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بِقَدْرِ مَا صَحَّ وَفَصَّلَ الطَّحَاوِيُّ فَقَالَ إنْ لَمْ يَصُمْ الْيَوْمَ الَّذِي صَحَّ فِيهِ لَزِمَهُ الْكُلُّ وَإِنْ صَامَهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَالْمَرِيضِ فِي رَمَضَانَ إذَا صَحَّ يَوْمًا فَصَامَهُ ثُمَّ مَاتَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ بِالصَّوْمِ تَعَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيهِ قَضَاءُ يَوْمٍ آخَرَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَصُمْهُ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ الْكُلُّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَلَى قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ لِأَنَّ مَا قَدَرَ فِيهِ صَالِحٌ لِقَضَاءِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالْوَسَطِ وَالْأَخِيرِ فَلَمَّا قَدَرَ عَلَى قَضَاءِ الْبَعْضِ فَكَأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى قَضَاءِ الْكُلِّ إلَيْهِ أَشَارَ فِي الْبَدَائِعِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَلَوْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ اعْتِكَافَ شَهْرٍ وَهُوَ مَرِيضٌ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِحَّ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَدَاءُ الْأَصْلِ فَلَا يَجِبُ أَدَاءُ الْبَدَلِ وَلَوْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ اعْتِكَافَ شَهْرٍ وَهُوَ صَحِيحٌ فَعَاشَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ مَاتَ أَطْعَمَ عَنْهُ الشَّهْرَ كُلَّهُ؛ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ مِمَّا لَا يَتَجَزَّأُ

(قَوْلُهُ: وَيُطْعِمُ وَلِيُّهُمَا لِكُلِّ يَوْمٍ كَالْفِطْرَةِ بِوَصِيَّةٍ) أَيْ يُطْعِمُ وَلِيُّ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ عَنْهُمَا عَنْ كُلِّ يَوْمٍ أَدْرَكَاهُ كَصَدَقَةٍ الْفِطْرِ إذَا أَوْصَيَا بِهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمَّا عَجَزَا عَنْ الصَّوْمِ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّتِهِمَا الْتَحَقَا بِالشَّيْخِ الْفَانِي دَلَالَةً لَا قِيَاسًا فَوَجَبَ عَلَيْهِمَا الْإِيصَاءُ بِقَدْرِ مَا أَدْرَكَا فِيهِ عِدَّةً مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ قَالَ وَيُطْعِمُ وَلِيُّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ لَكَانَ أَشْمَلَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَخُصُّ الْمَرِيضَ وَالْمُسَافِرَ وَلَا مَنْ أَفْطَرَ لِعُذْرٍ بَلْ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا وَوَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ بَلْ أَرَادَ بِالْوَلِيِّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَدْخُلُ وَصِيُّهُمَا وَأَرَادَ بِتَشْبِيهِهِ بِالْفِطْرَةِ كَالْكَفَّارَةِ التَّشْبِيهَ مِنْ جِهَةِ الْمِقْدَارِ بِأَنْ يُطْعِمَ عَنْ صَوْمِ كُلِّ يَوْمٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ لَا التَّشْبِيهَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ كَافِيَةٌ هُنَا وَلِهَذَا عَبَّرَ بِالْإِطْعَامِ دُونَ الْإِيتَاءِ دُونَ صَدَقَةِ الْفِطْرِ فَإِنَّ الرُّكْنَ فِيهَا التَّمْلِيكُ وَلَا تَكْفِي الْإِبَاحَةُ

وَقَيَّدَ بِالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْمُرْ لَا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ شَيْءٌ كَالزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْإِيصَاءِ لِيَتَحَقَّقَ الِاخْتِيَارُ إلَّا إذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْعَشْرَ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ تِرْكَتِهِ مِنْ غَيْرِ إيصَاءٍ لِشِدَّةِ تَعَلُّقِ الْعَشْرِ بِالْعَيْنِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ فِي مَسْأَلَةِ إذَا بَاعَ صَاحِبُ الْمَالِ مَالَهُ قَبْلَ أَدَاءِ الزَّكَاةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ تَبَرَّعَ الْوَرَثَةُ أَجْزَأَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ وَالْقَتْلِ إذَا تَبَرَّعَ الْوَارِثُ بِالْإِطْعَامِ

ــ

[منحة الخالق]

الْإِيصَاءُ بِالْبَاقِي وَعَلَى الثَّانِي يَجِبُ وَمِثْلُهُ لَوْ نَذَرَ لَيْلًا صَوْمَ شَهْرٍ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَمَاتَ فِي اللَّيْلِ لَا يَجِبُ الْإِيصَاءُ عَلَى الْأَوَّلِ لِعَدَمِ الْإِدْرَاكِ وَيَجِبُ عَلَى الثَّانِي وَلَوْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ صَوْمَ رَجَبٍ ثُمَّ أَقَامَ أَيَّامًا وَلَمْ يَصُمْ فَقَدْ مَرَّ اهـ.

مَا فِي السِّرَاجِ مُلَخَّصًا وَبِهِ عُلِمَ وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ وَالْمُطْلَقِ ثُمَّ قَالَ فِي السِّرَاجِ مَرِيضٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصَّوْمِ نَذَرَ صَوْمَ رَجَبٍ ثُمَّ دَخَلَ وَهُوَ مَرِيضٌ ثُمَّ صَحَّ بَعْدَهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَلَمْ يَصُمْ ثُمَّ مَرِضَ وَمَاتَ فَعَلَيْهِ الْإِيصَاءُ بِجَمِيعِ الشَّهْرِ أَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ الْفَتَاوَى فَظَاهِرٌ وَكَذَا عَلَى طَرِيقَةِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ بِخُرُوجِ الشَّهْرِ الْمُعَيَّنِ وَصِحَّتِهِ بَعْدَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرٍ مُطْلَقٍ فَإِذَا لَمْ يَصُمْ فِيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِيصَاءُ بِجَمِيعِ الشَّهْرِ كَمَا فِي النَّذْرِ الْمُطْلَقِ إذَا بَقِيَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ يَقْدِرُ عَلَى الصَّوْمِ وَلَمْ يَصُمْ ثُمَّ مَاتَ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَكَانَ أَشْمَلَ إلَخْ) أَجَابَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ مَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا فَوُجُوبُهَا عَلَيْهِ بِالْأَوْلَى عَلَى أَنَّ الْفَصْلَ مَعْقُودٌ لِلْعَوَارِضِ (قَوْلُهُ: بَلْ أَرَادَ بِالْوَلِيِّ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا بِدُونِ بَلْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ وَالْقَتْلِ إلَخْ) كَذَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالدُّرَرِ قَالَ فِي الشرنبلالية أَقُولُ: لَا يَصِحُّ تَبَرُّعُ الْوَارِثِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا ابْتِدَاءُ عِتْقِ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَلَا يَصِحُّ إعْتَاقُ الْوَارِثِ عَنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ وَالصَّوْمُ فِيهَا بَدَلٌ عَنْ الْإِعْتَاقِ لَا يَصِحُّ فِيهِ الْفِدْيَةُ كَمَا يَأْتِي اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي الْعَزْمِيَّةِ مُعْتَرِضًا عَلَى صَاحِبِ الدُّرَرِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَادَّعَى أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ وَهَمَ فِي فَهْمِ كَلَامِهِمْ الْكَافِي وَعِبَارَةُ الْكَافِي عَلَى مَا فِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ عَلَى مُعْسِرٍ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ قَتْلٍ وَعَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ لَمْ تَجُزْ الْفِدْيَةُ كَمُتَمَتِّعٍ عَجَزَ عَنْ الدَّمِ وَالصَّوْمِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ هُنَا بَدَلٌ وَلَا بَدَلَ لِلْبَدَلِ فَإِنْ مَاتَ وَأَوْصَى بِالتَّكْفِيرِ صَحَّ مِنْ ثُلُثِهِ وَصَحَّ التَّبَرُّعُ فِي الْكِسْوَةِ وَالْإِطْعَامِ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ بِلَا إيصَاءٍ إلْزَامُ الْوَلَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَا إلْزَامَ فِي الْكِسْوَةِ وَالْإِطْعَامِ انْتَهَتْ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهَا نَصٌّ فِيمَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَأَمَّا مَا ادَّعَاهُ فِي الْعَزْمِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْمَوْضُوعَ فِي كَلَامِ الْكَافِي هُوَ الْكَفَّارَةُ مُطْلَقًا وَلَمَّا وَقَعَ فِي سِيَاقِ كَلَامِهِ ذِكْرُ كَفَّارَةِ يَمِينٍ أَوْ قَتْلٍ وَهُمَا قَدْ اشْتَرَكَا فِي مَسْأَلَةِ الْإِعْتَاقِ ذَهَلَ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ حَقِيقَةِ الْحَالِ فَسَاقَ كَلَامَهُ عَلَى تَعَلُّقِ الْمَسْأَلَةِ بِهِمَا وَقَالَ مَا قَالَ اهـ.

فَبَعِيدٌ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلِلشَّيْخِ الْفَانِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ قَتْلٍ لَا تَجُوزُ لَهُ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ هُنَا بَدَلٌ عَنْ غَيْرِهِ فَإِنَّ ذَاكَ فِي الْحَيِّ وَمَا هُنَا فِيمَا إذَا تَبَرَّعَ عَنْهُ الْوَلِيُّ فَيَصِحُّ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْأَصْلِ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْإِعْتَاقِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِلْزَامِ كَمَا بَسَطَهُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ فِي الْجَوَابِ عَنْ الدُّرَرِ وَفِي الْإِمْدَادِ فِي فَصْلِ إسْقَاطِ الصَّلَاةِ وَلَزِمَ عَلَيْهِ يَعْنِي مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ الْوَصِيَّةُ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَبَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ وَأَوْصَى بِفِدْيَةِ مَا عَلَيْهِ مِنْ صِيَامِ فَرْضٍ وَكَذَا صَوْمُ كَفَّارَةِ يَمِينٍ وَقَتْلِ خَطَإٍ وَظِهَارٍ وَجِنَايَةٍ عَلَى إحْرَامٍ وَقَتْلِ مُحْرِمٍ صَيْدًا وَصَوْمِ مَنْذُورٍ فَيُخْرِجُ عَنْهُ وَلِيُّهُ مِنْ ثُلُثِ مَا تَرَكَ اهـ.

فَقَدْ نَصَّ عَلَى جَوَازِ الْإِيصَاءِ بِذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَلَا مَانِعَ مِنْ التَّوْفِيقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>