للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِيُفِيدَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي الْقُبُلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَطِئَ الْمَرْأَةَ فِي الدُّبُرُ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحَلِّ الْحَرْثِ فَلَا يُفْضِي إلَى الْوَلَدِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ بِصَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْوَاقِعَاتِ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَطِئَهَا فَأَفْضَاهَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمُّهَا لِعَدَمِ تَيَقُّنِ كَوْنِهِ فِي الْفَرْجِ إلَّا إذَا حَبِلَتْ.

وَعُلِمَ كَوْنُهُ مِنْهُ وَأُورِدَ عَلَيْهِمَا أَنَّ الْوَطْءَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ حَقُّهُ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِلْحُرْمَةِ كَالْمَسِّ بِشَهْوَةٍ سَبَبٌ لَهَا بَلْ الْمَوْجُودُ فِيهِمَا أَقْوَى مِنْهُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ الْوَطْءُ، السَّبَبُ لِلْوَلَدِ وَثُبُوتُ الْحُرْمَةِ بِالْمَسِّ لَيْسَ إلَّا لِكَوْنِهِ سَبَبًا لِهَذَا الْوَطْءِ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ فِي الصُّورَتَيْنِ وَلِيُفِيدَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ حَائِلٍ يَمْنَعُ وُصُولَ الْحَرَارَةِ فَلَوْ جَامَعَهَا بِخِرْقَةٍ عَلَى ذَكَرِهِ لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلِيُفِيدَ أَنَّ الْمَوْطُوءَةَ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُشْتَهَاةً حَالًا أَوْ مَاضِيًا؛ لِأَنَّ الزِّنَا وَطْءٌ مُكَلَّفٌ فِي قُبُلِ مُشْتَهَاةٍ خَالٍ عَنْ الْمِلْكِ وَشُبْهَتِهِ فَلَوْ جَامَعَ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ ثُبُوتُهَا قِيَاسًا عَلَى الْعَجُوزِ الشَّوْهَاءِ وَلَهُمَا: أَنَّ الْعِلَّةَ وَطْءٌ، سَبَبٌ لِلْوَلَدِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تَشْتَهِي بِخِلَافِ الْكَبِيرَةِ لِجَوَازِ وُقُوعِهِ كَمَا وَقَعَ لِإِبْرَاهِيمَ وَزَكَرِيَّا - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

وَلَهُ أَنْ يَقُولَ الْإِمْكَانُ الْعَقْلِيُّ ثَابِتٌ فِيهِمَا وَالْعَادِيُّ مُنْتَفٍ عَنْهُمَا فَتَسَاوَيَا وَالْقِصَّتَانِ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ لَا تُوجِبُ الثُّبُوتَ الْعَادِيَّ وَلَا يُخْرِجَانِ الْعَادَةَ عَنْ النَّفْيِ اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ إنَّهَا دَخَلَتْ تَحْتَ حُكْمِ الِاشْتِهَاءِ فَلَا تَخْرُجُ عَنْهُ بِالْكِبَرِ وَلَا كَذَلِكَ الصَّغِيرَةُ وَلَيْسَ حُكْمُ الْبَقَاءِ كَالِابْتِدَاءِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ مَا دُونَ تِسْعِ سِنِينَ لَا تَكُونُ مُشْتَهَاةً وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.

فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ سَمِينَةً أَوْ لَا وَلِذَا قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ بِنْتُ خَمْسٍ لَا تَكُونُ مُشْتَهَاةً اتِّفَاقًا وَبِنْتُ تِسْعٍ فَصَاعِدًا مُشْتَهَاةٌ اتِّفَاقًا وَفِيمَا بَيْنَ الْخَمْسِ وَالتِّسْعِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ وَالْمَشَايِخِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَكَذَا تُشْتَرَطُ الشَّهْوَةُ فِي الذَّكَرِ حَتَّى لَوْ جَامَعَ ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ زَوْجَةَ أَبِيهِ لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ وَفِي الذَّخِيرَةِ خِلَافُهُ وَظَاهِرُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ السِّنُّ الْمَذْكُورُ لَهَا وَهُوَ تِسْعُ سِنِينَ وَكَمَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا مُشْتَهَاةً

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَطِئَ الْمَرْأَةَ فِي الدُّبُرِ) قَالَ الْكَاكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا لَوْ لَاطَ بِغُلَامٍ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ حُرْمَةً عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ إلَّا عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْأَوْزَاعِيِّ فَإِنَّ تَحْرِيمَ الْمُصَاهَرَةِ عِنْدَهُمَا يَتَعَلَّقُ بِاللِّوَاطَةِ حَتَّى تَحْرُمَ عَلَيْهِ أُمُّ الْغُلَامِ وَبِنْتُهُ اهـ.

وَفِي الْغَايَةِ وَالْجِمَاعُ فِي الدُّبُرِ لَا يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَقِيلَ: يُوجِبُهَا، وَبِهِ كَانَ يُفْتِي شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيُّ؛ لِأَنَّهُ مَسٌّ وَزِيَادَةٌ، قَالَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ وَمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ أَوَّلًا أَصَحُّ لِعَدَمِ إفْضَائِهِ إلَى الْجُزْئِيَّةِ.

(فَرْعٌ)

قَالَ الْكَاكِيُّ أَيْضًا ثُمَّ إتْيَانُ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ وَمَا رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَمْ يَصِحَّ تَحْرِيمُهُ عِنْدَنَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ حَلَالٌ قَالَ الرَّبِيعُ كَذَبَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ فِي سِتَّةِ كُتُبٍ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ تَحْرِيمُهُ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ مَا رُوِيَ عَنْهُ قَوْلًا قَدِيمًا وَالْعِرَاقِيُّونَ لَمْ يُثْبِتُوا الرِّوَايَةَ عَنْ مَالِكٍ وَمَا جَعَلَهُ الْبَعْضُ غَيْرُ ثَابِتٍ، كَذَا فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ اهـ.

مِنْ حَلَبِيٍّ عَلَى الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ) فِي الْفَتَاوَى الْبَزَّازِيَّةِ لَاطَ بِأُمِّ امْرَأَتِهِ أَوْ بِنْتِهَا لَا تَحْرُمُ الْأُمُّ وَالْبِنْتُ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يُفْتِي بِالْحُرْمَةِ احْتِيَاطًا أَخْذًا بِقَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ (قَوْلُهُ إنَّ الْوَطْءَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ حَقُّهُ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِلْحُرْمَةِ كَالْمَسِّ بِشَهْوَةٍ لَهَا) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي عَامَّتِهَا أَنَّ الْوَطْءَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبَبًا لِلْحُرْمَةِ فَالْمَسُّ بِشَهْوَةٍ سَبَبٌ لَهَا بَلْ الْمَوْجُودُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَلَهُمَا أَنَّ الْعِلَّةَ وَطْءٌ سَبَبٌ لِلْوَلَدِ إلَخْ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِيمَا نُقِلَ عَنْهُ يُرَدُّ عَلَيْهِ إنَّهُ مُنْتَفٍ فِي مُطْلَقِ الصَّغِيرَةِ لَا يَخْتَصُّ بِاَلَّتِي لَا تُشْتَهَى فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ إنْ وَطِئَ مُطْلَقَ الصَّغِيرَةِ لَا يُوجِبُ الْحُرْمَةَ اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الْمُشْتَهَاةِ سَبَبٌ لِلْوَلَدِ؛ لِأَنَّهَا فِي سِنِّ الْبُلُوغِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَا دُونَ تِسْعٍ لَا تَكُونُ مُشْتَهَاةً عَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَيْضًا فِي سِنِّ الْبُلُوغِ تِسْعٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ إنَّهَا دَخَلَتْ تَحْتَ حُكْمِ الِاشْتِهَاءِ إلَخْ) مَأْخُوذٌ مِمَّا فِي الذَّخِيرَةِ حَيْثُ قَالَ وَفِي الْفَتَاوَى سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ قَبَّلَ امْرَأَةَ ابْنِهِ وَهِيَ بِنْتُ خَمْسِ سِنِينَ أَوْ سِتِّ سِنِينَ عَنْ شَهْوَةٍ قَالَ: لَا تَحْرُمُ عَلَى ابْنِهِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُشْتَهَاةٍ وَإِنْ اشْتَهَاهَا وَلَا يُنْظَرُ إلَى ذَلِكَ، قِيلَ لَهُ: فَإِنْ كَبُرَتْ حَتَّى خَرَجَتْ عَنْ حَدِّ الِاشْتِهَاءِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا؟ قَالَ: تَحْرُمُ؛ لِأَنَّ الْكَبِيرَةَ دَخَلَتْ تَحْتَ الْحُرْمَةِ فَلَا تَخْرُجُ وَإِنْ كَبُرَتْ وَلَا كَذَلِكَ الصَّغِيرَةُ.

(قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ السِّنُّ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ عَلَّلَ فِي الْفَتْحِ بِعَدَمِ اشْتِهَائِهِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ مَنْ لَا يَشْتَهِي لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِجِمَاعِهِ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ ابْنَ تِسْعٍ عَارٍ مِنْ هَذَا بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُرَاهِقًا ثُمَّ رَأَيْته فِي الْخَانِيَّةِ قَالَ: الصَّبِيُّ الَّذِي يُجَامِعُ مِثْلُهُ كَالْبَالِغِ، قَالُوا: وَهُوَ أَنْ يُجَامِعَ وَيَشْتَهِيَ وَتَسْتَحْيِي النِّسَاءُ مِنْ مِثْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي اعْتِبَارِ كَوْنِهِ مُرَاهِقًا لَا ابْنَ تِسْعٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْفَتْحِ: مَسُّ الْمُرَاهِقِ كَالْبَالِغِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: الْمُرَاهِقُ كَالْبَالِغِ حَتَّى لَوْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ أَوْ لَمَسَ بِشَهْوَةٍ تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ اهـ.

قُلْتُ: لَكِنْ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ

وَمَنْ هِيَ مَسَّتْ لِابْنِ سِتٍّ بِشَهْوَةٍ ... يَحْرُمُهُ صِهْرٌ أَوْ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ

وَعَزَاهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ إلَى الظَّهِيرِيَّةِ وَالْقُنْيَةِ بِرَقْمِ بُرْهَانِ الدِّينِ قَالَ: ثُمَّ قَالَ: صَبِيٌّ مَسَّتْهُ امْرَأَةٌ بِشَهْوَةٍ فَإِنْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>