للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِثُبُوتِ الْحُرْمَةِ فِي الزِّنَا فَكَذَلِكَ لِثُبُوتِهَا فِي الْوَطْءِ الْحَلَالِ لِمَا فِي الْأَجْنَاسِ لَوْ تَزَوَّجَ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى فَدَخَلَ بِهَا وَطَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ جَازَ لَهُ تَزَوُّجُ بِنْتِهَا.

وَأَطْلَقَ فِي اللَّمْسِ وَالنَّظَرِ بِشَهْوَةٍ، فَأَفَادَ إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَالْإِكْرَاهِ حَتَّى لَوْ أَيْقَظَ زَوْجَتَهُ لِيُجَامِعَهَا فَوَصَلَتْ يَدُهُ إلَى بِنْتِهِ مِنْهَا فَقَرَصَهَا بِشَهْوَةٍ وَهِيَ تُشْتَهَى يَظُنُّ أَنَّهَا أُمُّهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْأُمُّ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً، وَلَك أَنْ تَصَوَّرَهَا مِنْ جَانِبِهَا بِأَنْ أَيْقَظَتْهُ هِيَ لِذَلِكَ فَقَرَصَتْ ابْنَهُ مِنْ غَيْرِهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَأَطْلَقَ فِي اللَّمْسِ فَشَمِلَ كُلَّ مَوْضِعٍ مِنْ بَدَنِهَا وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ مَسَّ شَعْرَ امْرَأَةٍ عَنْ شَهْوَةٍ قَالُوا: لَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ، وَذَكَرَ فِي الْكَيْسَانِيَّاتِ أَنَّهَا تَثْبُتُ اهـ.

وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ مِنْ بَدَنِهَا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْغُسْلِ فَتَثْبُتُ الْحُرْمَةُ احْتِيَاطًا كَحُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلِذَا جَزَمَ فِي الْمُحِيطِ بِثُبُوتِهَا وَفَصَّلَ فِي الْخُلَاصَةِ: فَمَا عَلَى الرَّأْسِ كَالْبَدَنِ بِخِلَافِ الْمُسْتَرْسِلِ وَانْصَرَفَ اللَّمْسُ إلَى أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ الْبَدَنِ بِغَيْرِ حَائِلٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِحَائِلٍ فَإِنْ وَصَلَتْ حَرَارَةُ الْبَدَنِ إلَى يَدِهِ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ، فَمَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ أَنَّ الشَّيْخَ الْإِمَامَ ظَهِيرَ الدِّينِ يُفْتِي بِالْحُرْمَةِ فِي الْقُبْلَةِ عَلَى الْفَمِ وَالذَّقَنِ وَالْخَدِّ وَالرَّأْسِ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمُقَنَّعَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْمُقَنَّعَةُ رَقِيقَةً تَصِلُ الْحَرَارَةُ مَعَهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَقَيَّدَ بِكَوْنِ اللَّمْسِ عَنْ شَهْوَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ لَمْ يُوجِبْ الْحُرْمَةَ وَالْمُرَاهِقُ كَالْبَالِغِ وَوُجُودُ الشَّهْوَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا كَافٍ، فَإِنْ ادَّعَتْهَا وَأَنْكَرَهَا فَهُوَ مُصَدَّقٌ إلَّا أَنْ يَقُومَ إلَيْهَا مُنْتَشِرًا فَيُعَانِقُهَا؛ لِأَنَّهُ دَلِيلُ الشَّهْوَةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَزَادَ فِي الْخُلَاصَةِ فِي عَدَمِ تَصْدِيقِهِ أَنْ يَأْخُذَ ثَدْيَهَا أَوْ يَرْكَبَ مَعَهَا، وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْمَسِّ بِشَهْوَةٍ وَعَلَى الْإِقْرَارِ بِالتَّقْبِيلِ بِشَهْوَةٍ وَهَلْ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى نَفْسِ اللَّمْسِ وَالتَّقْبِيلِ عَنْ شَهْوَةٍ؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا تُقْبَلُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْفَضْلِ؛ لِأَنَّهَا أَمْرٌ بَاطِنٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهَا عَادَةً، وَقِيلَ تُقْبَلُ وَإِلَيْهِ مَالَ الْإِمَامُ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ، وَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي نِكَاحِ الْجَامِعِ؛ لِأَنَّ الشَّهْوَةَ مِمَّا يُوقَفُ عَلَيْهَا فِي الْجُمْلَةِ إمَّا بِتَحَرُّكِ الْعُضْوِ أَوْ بِآثَارٍ أُخَرَ مِمَّنْ لَا يَتَحَرَّكُ عُضْوُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَالْمُخْتَارُ الْقَبُولُ كَمَا فِي التَّجْنِيسِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَثُبُوتُ الْحُرْمَةِ بِلَمْسِهَا مَشْرُوطٌ بِأَنْ يُصَدِّقَهَا وَيَقَعَ فِي أَكْبَرِ رَأْيِهِ صِدْقُهَا وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي مَسِّهِ إيَّاهَا لَا تَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهَا أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا ثُمَّ رَأَيْت عَنْ أَبِي يُوسُفَ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ اهـ.

وَأَطْلَقَ فِي اشْتِرَاطِ الشَّهْوَةِ فِي اللَّمْسِ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّقْبِيلِ عَلَى الْفَمِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَفِي الْجَوْهَرَةِ لَوْ مَسَّ أَوْ قَبَّلَ وَقَالَ لَمْ أَشْتَهِ صُدِّقَ إلَّا إذَا كَانَ اللَّمْسُ عَلَى الْفَرْجِ وَالتَّقْبِيلُ فِي الْفَمِ اهـ.

وَرَجَّحَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ قَالَ إلَّا أَنَّهُ يَتَرَاءَى عَلَى هَذَا أَنَّ الْخَدَّ مُلْحَقٌ بِالْفَمِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ إذَا قَبَّلَ أُمَّ امْرَأَته أَوْ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً يُفْتَى بِالْحُرْمَةِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ قَبَّلَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي التَّقْبِيلِ هُوَ الشَّهْوَةُ بِخِلَافِ الْمَسِّ اهـ.

وَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَظَاهِرُ مَا أَطْلَقَ فِي بُيُوعِ الْعُيُونِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْقُبْلَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى الْفَمِ أَوْ عَلَى مَوْضِعٍ آخَرَ اهـ.

وَأَطْلَقَ فِي النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ لِلِاخْتِلَافِ فِي مَحَلِّهِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ النَّظَرُ إلَى مَنَابِتِ الشَّعْرِ يَكْفِي وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَثْبُتُ حَتَّى يَنْظُرَ إلَى الشَّقِّ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا بُدَّ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْفَرْجِ الدَّاخِلِ

ــ

[منحة الخالق]

ابْنَ خَمْسِ سِنِينَ وَلَمْ يَكُنْ يَشْتَهِي لِلنِّسَاءِ فَلَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ وَقَالَ فِي ابْنِ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ يَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ ثُمَّ رَقَمَ لِظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ صَبِيٌّ قَبَّلَتْهُ امْرَأَةُ أَبِيهِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ بِشَهْوَةٍ رَأَيْت مَنْصُوصًا عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ الْجِمَاعَ تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ وَإِلَّا فَلَا، وَتَمَامُهُ هُنَاكَ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ فَقَرَصَتْ ابْنَهُ مِنْ غَيْرِهَا) قَالَ فِي النَّهْرِ قَيَّدَ بِابْنِهِ مِنْ غَيْرِهَا لِيُعْلَمَ مَا إذَا كَانَ مِنْهَا بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَفَصَّلَ فِي الْخُلَاصَةِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ شِقَّا هَذَا الْقَوْلِ مَحْمَلَ الْقَوْلَيْنِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِي لَمْسِهَا لِشَعْرِهِ كَذَلِكَ وَلَمْ أَرَهُ (قَوْلُهُ وَوُجُودُ الشَّهْوَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا كَافٍ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: قَالَ فِي مُلْتَقَى الْأَبْحُرِ: وَكَذَا اللَّمْسُ بِشَهْوَةٍ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَنَظَرُهُ إلَى فَرْجِهَا الدَّاخِلِ وَنَظَرُهَا إلَى ذَكَرِهِ بِشَهْوَةٍ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي بَحْثِ اللَّمْسِ: ثَمَّ وُجُودُ الشَّهْوَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا كَافٍ وَلَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ فِي النَّظَرِ فَدَلَّ أَنَّهُ لَوْ لَمَسَهَا وَلَمْ يَشْتَهِ هُوَ وَاشْتَهَتْ هِيَ حَالَ الْمَسِّ وَعَكْسُهُ تَحْرُمُ الْمُصَاهَرَةُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا فَاشْتَهَتْ هِيَ لَا هُوَ وَعَكْسُهُ وَالْفَرْقُ اشْتِرَاكُهُمَا فِي لَذَّةِ اللَّمْسِ كَالْمُشْتَرَكِينَ فِي لَذَّةِ الْجِمَاعِ بِخِلَافِ النَّظَرِ فَإِنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ فِي نَظَرِهِ لَهَا بِلَا شَهْوَةٍ مِنْهُ لَهَا وَفِي نَظَرِهَا إلَى فَرْجِهِ بِلَا شَهْوَةٍ مِنْهَا لَهُ وَإِنْ اشْتَهَتْ هِيَ تَأَمَّلْ، قُلْتُ: وَقَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَهَتْ هِيَ لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ الْقَبُولُ كَمَا فِي التَّجْنِيسِ) عِبَارَتُهُ: الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُقْبَلُ، إلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ؛ لِأَنَّ الشَّهْوَةَ مِمَّا يُوقَفُ عَلَيْهِ بِتَحَرُّكِ الْعُضْوِ مِنْ الَّذِي يَتَحَرَّكُ عُضْوُهُ أَوْ بِآثَارٍ أُخَرَ مِمَّنْ لَا يَتَحَرَّكُ عُضْوُهُ. اهـ.

وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَا فِي النَّهْرِ مِنْ عَزْوِهِ إلَى التَّجْنِيسِ أَنَّ الْمُخْتَارَ عَدَمُ الْقَبُولِ سَبْقُ قَلَمٍ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهَا إلَخْ) الَّذِي فِي الْفَتْحِ: إلَّا أَنْ يُصَدِّقَاهُ أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِمَا صِدْقُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>