للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَنْ يَتَحَقَّقَ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَتْ مُتَّكِئَةً، وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا حُكْمٌ تَعَلَّقَ بِالْفَرْجِ وَالدَّاخِلُ فَرْجٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالْخَارِجُ فَرْجٌ مِنْ وَجْهٍ وَأَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ الْفَرْجِ الْخَارِجِ مُتَعَذِّرٌ فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ إذَا تَرَدَّدَ فَالِاحْتِيَاطُ الْقَوْلُ بِثُبُوتِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ وَهُوَ التَّحْرِيمُ بِالْمَسِّ وَالنَّظَرِ ثُبُوتُهُ بِالِاحْتِيَاطِ فَلَا يَجِبُ الِاحْتِيَاطُ فِي الِاحْتِيَاطِ لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ النَّظَرَ إلَى مَوْضِعِ الشَّقِّ عَنْ شَهْوَةٍ فَهُوَ تَصْحِيحٌ لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ السَّابِقِ، وَظَاهِرُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ النَّظَرَ بِشَهْوَةٍ إلَى سَائِرِ أَعْضَائِهَا لَا عِبْرَةَ بِهِ مَا عَدَا الْفَرْجَ وَحِينَئِذٍ فَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَالْعِبْرَةُ لِوُجُودِ الشَّهْوَةِ عِنْدَ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ حَتَّى لَوْ وُجِدَا بِغَيْرِ شَهْوَةٍ ثُمَّ اشْتَهَى بَعْدَ التَّرْكِ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةٌ.

وَالنَّظَرُ مِنْ وَرَاءِ الزُّجَاجِ يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ بِخِلَافِ الْمِرْآةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ فَرْجَهَا، وَإِنَّمَا رَأَى عَكْسَ فَرْجِهَا، وَكَذَا لَوْ وَقَفَ عَلَى الشَّطِّ فَنَظَرَ إلَى الْمَاءِ فَرَأَى فَرْجَهَا لَا يُوجِبُ الْحُرْمَةَ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ فِي الْمَاءِ فَرَأَى فَرْجَهَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حَدَّ الشَّهْوَةِ لِلِاخْتِلَافِ، فَقِيلَ: لَا بُدَّ أَنْ تَنْتَشِرَ آلَتُهُ إذَا لَمْ تَكُنْ مُنْتَشِرَةً أَوْ تَزْدَادَ انْتِشَارًا إنْ كَانَتْ مُنْتَشِرَةً، وَقِيلَ: حَدُّهَا أَنْ يَشْتَهِيَ بِقَلْبِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُشْتَهِيًا أَوْ يَزْدَادَ إنْ كَانَ مُشْتَهِيًا وَلَا يُشْتَرَطُ تَحَرُّكُ الْآلَةِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحِيطِ وَالتُّحْفَةِ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ وَصَحَّحَ الْأَوَّلَ فِي الْهِدَايَةِ، وَفَائِدَةُ الِاخْتِلَافِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ تَظْهَرُ فِي الشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْعِنِّينِ وَاَلَّذِي مَاتَتْ شَهْوَتُهُ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ وَعَلَى الثَّانِي تَثْبُتُ فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ وَبِهِ يُفْتَى أَيْ بِمَا فِي الْهِدَايَةِ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبَ لَكِنَّ ظَاهِرَ مَا فِي التَّجْنِيسِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ مَيْلَ الْقَلْبِ كَافٍ فِي الشَّيْخِ وَالْعِنِّينِ اتِّفَاقًا وَأَنَّ مَحَلَّ الِاخْتِلَافِ فِيمَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ الِانْتِشَارُ إذَا مَالَ بِقَلْبِهِ وَلَمْ تَنْتَشِرْ آلَتُهُ وَهُوَ أَحْسَنُ مِمَّا فِي الذَّخِيرَةِ كَمَا لَا يَخْفَى.

وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْمَسَّ وَالنَّظَرَ بِشَهْوَةٍ بِغَيْرِ الْإِنْزَالِ لِلِاخْتِلَافِ فِيمَا إذَا أَنْزَلَ، فَقِيلَ يُوجِبُ الْحُرْمَةَ وَفِي الْهِدَايَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُوجِبُهَا؛ لِأَنَّهُ بِالْإِنْزَالِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مُفْضٍ إلَى الْوَطْءِ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَقَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ وَأَطْلَقَ فِي اللَّامِسِ وَالْمَلْمُوسِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فَلَوْ مَسَّتْ الْمَرْأَةُ عُضْوًا مِنْ أَعْضَاءِ الرَّجُلِ بِشَهْوَةٍ أَوْ نَظَرَتْ إلَى ذَكَرِهِ بِشَهْوَةٍ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ، وَأَطْلَقَ فِيهِمَا أَيْضًا فَشَمِلَ الْمَسَّ وَالنَّظَرَ الْمُبَاحَيْنِ وَالْمُحَرَّمَيْنِ وَأَرَادَ بِحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ الْحُرُمَاتِ الْأَرْبَعَ: حُرْمَةَ الْمَرْأَةِ عَلَى أُصُولِ الزَّانِي وَفُرُوعِهِ نَسَبًا وَرَضَاعًا وَحُرْمَةَ أُصُولِهَا وَفُرُوعِهَا عَلَى الزَّانِي نَسَبًا وَرَضَاعًا كَمَا فِي الْوَطْءِ الْحَلَالِ وَيَحِلُّ لِأُصُولِ الزَّانِي وَفُرُوعِهِ أُصُولُ الْمَزْنِيِّ بِهَا وَفُرُوعُهَا وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ تُوجِبُ الْمَحْرَمِيَّةَ لَكَانَ أَوْلَى لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَإِذَا فَجَرَ الرَّجُلُ بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَابَ يَكُونُ مَحْرَمًا لِابْنَتِهَا؛ لِأَنَّهُ حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ ابْنَتِهَا عَلَى التَّأْبِيدِ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ تَثْبُتُ بِالْوَطْءِ الْحَرَامِ وَبِمَا تَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ. اهـ.

وَفِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ مِنْ بَحْثِ النَّهْيِ: وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالُوا حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ تَثْبُتُ بِطَرِيقِ الْعُقُوبَةِ كَمَا يَثْبُتُ حِرْمَانُ الْإِرْثِ فِي حَقِّ الْقَاتِلِ عُقُوبَةً، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء: ١٦٠] وَعَلَى هَذَا الطَّرِيقِ يَقُولُونَ: الْمَحْرَمِيَّةُ لَا تَثْبُتُ حَتَّى لَا تُبَاحَ الْخَلْوَةُ وَالْمُسَافَرَةُ وَلَكِنَّ هَذَا فَاسِدٌ فَإِنَّ التَّعْلِيلَ لِتَعْدِيَةِ حُكْمِ النَّصِّ لَا لِإِثْبَاتِ حُكْمٍ آخَرَ سِوَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فَإِنَّ ابْتِدَاءَ الْحُكْمِ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُهُ بِالتَّعْلِيلِ وَالْمَنْصُوصُ بِهِ حُرْمَةٌ ثَابِتَةٌ بِطَرِيقِ الْكَرَامَةِ فَإِنَّمَا يَجُوزُ التَّعْلِيلُ لِتَعْدِيَةِ تِلْكَ الْحُرْمَةِ لَا لِإِثْبَاتِ حُرْمَةٍ أُخْرَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ قُلْتُ: وَإِنَّمَا اخْتَارَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا هَذَا الطَّرِيقَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْحُرْمَةَ لَمَّا كَانَتْ بِطَرِيقِ الِاحْتِيَاطِ كَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي إثْبَاتِ حُرْمَةِ الْمُنَاكَحَةِ وَالْمُسَافَرَةِ وَالْخَلْوَةِ جَمِيعًا كَمَا قَالُوا فِيمَا إذَا كَانَ الرَّضَاعُ ثَابِتًا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ لَكِنَّ ظَاهِرَ مَا فِي التَّجْنِيسِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ مَيْلَ الْقَلْبِ كَافٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ ثُمَّ هَذَا الْحَدُّ فِي حَقِّ الشَّابِّ أَمَّا الشَّيْخُ وَالْعِنِّينُ فَحَدُّهُمَا تَحَرُّكُ قَلْبِهِ أَوْ زِيَادَةُ تَحَرُّكِهِ إنْ كَانَ مُتَحَرِّكًا لَا مُجَرَّدُ مَيَلَانِ النَّفْسِ فَإِنَّهُ يُوجَدُ فِيمَنْ لَا شَهْوَةَ لَهُ أَصْلًا كَالشَّيْخِ الْفَانِي، ثُمَّ قَالَ ثُمَّ وُجُودُ الشَّهْوَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا كَافٍ وَلَمْ يَحِدُّوا الْحَدَّ الْمُحَرَّمَ مِنْهَا فِي حَقِّ الْحُرْمَةِ وَأَقَلُّهُ تَحَرُّكُ الْقَلْبِ عَلَى وَجْهٍ يُشَوِّشُ الْخَاطِرَ. (قَوْلُهُ وَيَحِلُّ إلَخْ) يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ الْأُصُولُ مِنْهُمَا مَعًا لِمَا قَالَ فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ، وَكَذَا أُخْتُهُ أَيْ وَكَذَا أُخْتُ الرَّجُلِ مِنْ الزِّنَا وَبِنْتُ أَخِيهِ وَبِنْتُ أُخْتِهِ أَوْ ابْنِهِ مِنْهُ بِأَنْ زَنَى أَبُوهُ أَوْ أَخُوهُ أَوْ أُخْتُهُ أَوْ ابْنُهُ فَأَوْلَدُوا بِنْتًا فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى الْأَخِ وَالْعَمِّ وَالْخَالِ وَالْجَدِّ، وَصُورَتُهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ: أَنْ يَزْنِيَ بِبِكْرٍ وَيُمْسِكَهَا حَتَّى تَلِدَ بِنْتًا، كَذَا قَالَهُ الْكَمَالُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ تُوجِبُ الْمَحْرَمِيَّةَ لَكَانَ أَوْلَى إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ اهـ.

يَعْنِي فَالْأَوْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>