للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرَ مَشْهُورٍ لَا تَحِلُّ الْمُنَاكَحَةُ وَلَا الْخَلْوَةُ وَالْمُسَافَرَةُ لِلِاحْتِيَاطِ اهـ. كَلَامُهُ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ قِيلَ: لِرَجُلٍ مَا فَعَلْت بِأُمِّ امْرَأَتِك؟ قَالَ: جَامَعْتهَا ثَبَتَتْ الْحُرْمَةُ وَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ كَذَبَ وَإِنْ كَانُوا هَازِلِينَ وَالْإِصْرَارُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْإِقْرَارِ لِحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ. اهـ. وَهَذَا عِنْدَ الْقَاضِي

وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إنْ كَانَ كَاذِبًا فِيمَا أَقَرَّ لَمْ تَثْبُتْ الْحُرْمَةُ كَمَا فِي التَّجْنِيسِ، وَإِذَا أَقَرَّ بِجِمَاعِ أُمِّهَا قَبْلَ التَّزَوُّجِ لَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّهَا فَيَجِبُ كَمَالُ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَنِصْفُهُ إنْ كَانَ قَبْلَهُ كَمَا فِي التَّجْنِيسِ أَيْضًا، فَإِنْ قُلْتُ: لَوْ قَالَ هَذِهِ أُمِّي رَضَاعًا ثُمَّ رَجَعَ وَتَزَوَّجَهَا صَحَّ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟ أَجَابَ عَنْهُ فِي التَّجْنِيسِ: بِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَتِنَا أَخْبَرَ عَنْ فِعْلِهِ وَهُوَ الْجِمَاعُ وَالْخَطَأُ فِيهِ نَادِرٌ فَلَمْ يُصَدَّقْ وَهُنَا أَخْبَرَ عَنْ فِعْلِ غَيْرِهِ وَهُوَ الْإِرْضَاعُ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَالتَّنَاقُضُ فِيهِ مَعْفُوٌّ كَالْمُكَاتَبِ إذَا ادَّعَى الْعِتْقَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ وَالْمُخْتَلِعَةِ إذَا ادَّعَتْ الطَّلَاقَ قَبْلَ الْخُلْعِ يُصَدَّقَانِ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ.

(قَوْلُهُ وَحَرُمَ تَزَوُّجُ أُخْتَ مُعْتَدَّتِهِ) ؛ لِأَنَّ أَثَرَ النِّكَاحِ قَائِمٌ فَلَوْ جَازَ تَزَوُّجُ أُخْتِهَا لَزِمَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فَلَا يَجُوزُ، أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ بَائِنٍ أَوْ عَنْ إعْتَاقِ أُمِّ وَلَدٍ خِلَافًا لَهُمَا، أَوْ عَنْ تَفْرِيقٍ بَعْدَ نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَشَمِلَ الْأُخْتَ نَسَبًا وَرَضَاعًا، وَأَشَارَ إلَى حُرْمَةِ تَزَوُّجِ مَحَارِمِهَا فِي عِدَّتِهَا مُطْلَقًا كَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا وَإِلَى أَنَّ مَنْ طَلَّقَ الْأَرْبَعَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهِنَّ فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّةُ الْكُلِّ مَعًا، جَازَ لَهُ تَزَوُّجُ أَرْبَعٍ وَإِنْ وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ وَلَهُ تَزَوُّجُ أَرْبَعٍ سِوَى أُمِّ وَلَدِهِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْهُ بَعْدَ عِتْقِهَا وَإِذَا أَخْبَرَ عَنْ مُطَلَّقَتِهِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَإِنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ لَا تَحْتَمِلُ لَا يَصِحُّ نِكَاحُ أُخْتِهَا إلَّا أَنْ يُفَسِّرَهُ بِإِسْقَاطِ مُسْتَبِينِ الْخَلْقِ، وَإِنْ احْتَمَلَ حَلَّ نِكَاحُ أُخْتِهَا وَلَوْ كَذَّبَتْهُ الْمُخْبَرُ عَنْهَا، فَإِنْ أَخْبَرَ وَهُوَ صَحِيحٌ وَكَذَّبَتْهُ ثُمَّ مَاتَ فَالْمِيرَاثُ لِلثَّانِيَةِ وَلَوْ كَانَ طَلَاقُ الْأُولَى رَجْعِيًّا وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فَلِلْأُولَى فَقَطْ، وَلِزَوْجِ الْمُرْتَدَّةِ اللَّاحِقَةِ بِدَارِ الْحَرْبِ تَزَوُّجُ أُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا قَبْلَ عِدَّتِهَا كَمَوْتِهَا وَعَوْدِهَا مُسْلِمَةً لَا يَبْطُلُ نِكَاحُ أُخْتِهَا لَوْ بَعْدَهُ وَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ لَوْ قَبْلَهُ وَفِي الْمِعْرَاجِ لَوْ كَانَتْ إحْدَى الْأَرْبَعِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَطَلَّقَهَا لَا تَحِلُّ لَهُ الْخَامِسَةُ إلَّا بَعْدَ خَمْسِ سِنِينَ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا فَيَبْقَى حَمْلُهَا خَمْسَ سِنِينَ، فَلَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ خُرُوجِهَا بِسَنَةٍ انْتَظَرَ أَرْبَعًا فَإِذَا كَانَ احْتِمَالُ الْحَمْلِ يَمْنَعُ فَهُوَ مَوْجُودٌ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَيْضًا اهـ. وَهُوَ مُشْكِلٌ.

(قَوْلُهُ وَأَمَتُهُ وَسَيِّدَتُهُ) أَيْ وَحَرُمَ تَزَوُّجُ أَمَتِهِ وَسَيِّدَتِهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَا شُرِعَ إلَّا مُثْمِرًا ثَمَرَاتٍ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمُتَنَاكِحَيْنِ، وَالْمَمْلُوكِيَّةُ تُنَافِي الْمَالِكِيَّةَ فَيَمْتَنِعُ وُقُوعُ الثَّمَرَةِ عَلَى الشَّرِكَةِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ بِالْعَقْدِ عَلَى أَمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ فَاسِدٌ بَاشَرَهُ لِغَيْرِ فَائِدَةٍ، لَكِنْ فِي الْمُضْمَرَاتِ الْمُرَادُ بِهِ فِي أَحْكَامِ النِّكَاحِ مِنْ ثُبُوتِ الْمَهْرِ فِي ذِمَّةِ الْمَوْلَى وَبَقَاءِ النِّكَاحِ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ أَمَّا إذَا تَزَوَّجَهَا مُتَنَزِّهًا عَنْ وَطْئِهَا حَرَامًا عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِمَالِ فَهُوَ حَسَنٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ حُرَّةً أَوْ مُعْتَقَةَ الْغَيْرِ أَوْ مَحْلُوفًا عَلَيْهَا بِعِتْقِهَا، وَقَدْ حَنِثَ الْحَالِفُ وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ لَا سِيَّمَا إنْ تَدَاوَلَتْهَا الْأَيْدِي اهـ.

أَطْلَقَ فِي أَمَتِهِ فَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَ لَهُ فِيهَا جُزْءٌ، وَكَذَا فِي سَيِّدَتِهِ لَوْ كَانَتْ تَمْلِكُ سَهْمًا مِنْهُ.

(قَوْلُهُ وَالْمَجُوسِيَّةُ وَالْوَثَنِيَّةُ) أَيْ وَحَرُمَ تَزَوُّجُهُمَا عَلَى الْمُسْلِمِ، أَمَّا الْمَجُوسِيَّةُ فَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ غَيْرَ نَاكِحِي نِسَائِهِمْ وَلَا آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ» أَيْ اُسْلُكُوا بِهِمْ طَرِيقَتَهُمْ يَعْنِي عَامِلُوهُمْ مُعَامَلَتَهُمْ فِي إعْطَاءِ الْأَمَانِ بِأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ، وَأَمَّا الْوَثَنِيَّةُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: ٢٢١] وَالْمُرَادُ بِالْمَجُوسِ عَبَدَةُ النَّارِ وَذِكْرُ

ــ

[منحة الخالق]

مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ عَبَّرَ بِالْمَحْرَمِيَّةِ لَمَا خَرَجَ عَمَّا الْكَلَامُ فِيهِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْفَائِدَةِ.

(قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ إلَخْ) يُخَالِفُهُ مَا فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْبُيُوعِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ اشْتَرَى جَارِيَةً يَتَزَوَّجُهَا احْتِيَاطًا إنْ أَرَادَ وَطْأَهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ حُرَّةً ارْتَفَعَتْ الْحُرْمَةُ وَإِنْ أَمَةً لَا يَضُرُّهُ النِّكَاحُ اهـ. تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْمُضْمَرَاتِ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ بَعْدَ نَقْلِهِ فَمَا وَقَعَ لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ وَطْءِ السَّرَارِي اللَّاتِي يُجْلَبْنَ الْيَوْمَ مِنْ الرُّومِ وَغَيْرِهَا حَرَامٌ إلَّا أَنْ يُنَصَّبَ فِي الْمَغَانِمِ مَنْ يُحْسِنُ قِسْمَتَهَا فَيُقَسِّمَهَا مِنْ غَيْرِ حَيْفٍ وَلَا ظُلْمٍ أَوْ يَحْصُلُ قِسْمَةٌ مِنْ مُحَكَّمٍ أَوْ تَزَوَّجَ بَعْدَ الْعِتْقِ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَالْمُعْتِقِ، وَالِاحْتِيَاطُ اجْتِنَابُهُنَّ مَمْلُوكَاتٍ وَحَرَائِرَ اهـ.

فَهَذَا وَرَعٌ لَا حُكْمٌ لَازِمٌ فَإِنَّ الْجَارِيَةَ الْمَجْهُولَةَ الْحَالِ الْمَرْجِعُ فِيهَا إلَى صَاحِبِ الْيَدِ إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً وَإِلَى إقْرَارِهَا إنْ كَانَتْ كَبِيرَةً وَإِنْ عُلِمَ حَالُهَا فَلَا إشْكَالَ اهـ.

قُلْتُ: وَفِي جِهَادِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ عَنْ مَعْرُوضَاتِ أَبِي السُّعُودِ: وَهَلْ يَحِلُّ وَطْءُ الْإِمَامِ الْمُشْتَرَاةَ مِنْ الْغُزَاةِ الْآنَ حَيْثُ وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ فِي قِيمَتِهِمْ بِالْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ؟ فَأَجَابَ: لَا تُوجَدُ فِي زَمَانِنَا قِسْمَةٌ شَرْعِيَّةٌ لَكِنْ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ وَقَعَ التَّنْفِيلُ الْكُلِّيُّ فَبَعْدَ إعْطَاءِ الْخَمْسِ لَا تَبْقَى شُبْهَةٌ اهـ. فَلْيُحْفَظْ.

(قَوْلُهُ الْمُرَادُ بِهِ) أَيْ بِنَفْيِ تَزَوُّجِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ نَفْيُهُ مَعَ ثُبُوتِ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ مُسْتَحْسَنًا مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ) كَعَدِّهَا عَلَيْهِ خَامِسَةً، قَالَ فِي الشرنبلالية، وَكَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>