للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَا فَرَدَدْت وَقَالَ الزَّوْجُ لَا بَلْ سَكَتِّ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ. نَظِيرُهُ: إذَا قَالَ الشَّفِيعُ طَلَبْتُ الشُّفْعَةَ حِينَ عَلِمْتُ وَقَالَ الْمُشْتَرِي مَا طَلَبْتُ حِينَ عَلِمْتَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ وَلَوْ قَالَ الشَّفِيعُ عَلِمْتُ مُنْذُ كَذَا وَطَلَبْتُ وَقَالَ الْمُشْتَرِي مَا طَلَبْتَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا قَالَ الشَّفِيعُ طَلَبْتُ حِينَ عَلِمْتُ فَعِلْمُهُ عِنْدَ الْقَاضِي ظَهَرَ لِلْحَالِ، وَقَدْ وُجِدَ مِنْهُ الطَّلَبُ لِلْحَالِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، أَمَّا إذَا قَالَ عَلِمْتُ مُنْذُ كَذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ، وَطَلَبُهُ مُنْذُ كَذَا لَمْ يَظْهَرْ فَيَحْتَاجُ إلَى الْإِثْبَاتِ، كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَذَكَرَهَا فِي الذَّخِيرَةِ لَكِنْ فَرَّقَ بَيْنَ بِدَايَةِ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ بِدَايَةِ الزَّوْجِ، فَقَالَ لَوْ قَالَ الزَّوْجُ بَلَغَك الْخَبَرُ وَسَكَتِّ، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ بَلَغَنِي يَوْمَ كَذَا فَرَدَدْت فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ وَبِمِثْلِهِ لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ بَلَغَنِي الْخَبَرُ يَوْمَ كَذَا فَرَدَدْت وَقَالَ الزَّوْجُ لَا بَلْ سَكَتِّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ اهـ.

وَقَيَّدَ بِالْبِكْرِ الْبَالِغَةِ فَإِنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ إلَيْهَا احْتِرَازًا عَنْ الصَّغِيرَةِ الَّتِي زَوَّجَهَا غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ إذَا قَالَتْ بَعْدَ الْبُلُوغِ كُنْت رَدَدْت حِينَ بَلَغَنِي الْخَبَرُ وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ ثَابِتٌ عَلَيْهَا فَهِيَ بِمَا قَالَتْ تُرِيدُ إبْطَالَ الْمِلْكِ الثَّابِتِ عَلَيْهَا فَكَانَتْ مُدَّعِيَةً صُورَةً فَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا إسْنَادُ الْفَسْخِ حَتَّى لَوْ قَالَتْ عِنْدَ الْقَاضِي: أَدْرَكْت الْآنَ وَفَسَخْت صَحَّ، وَقِيلَ لِمُحَمَّدٍ كَيْفَ يَصِحُّ وَهُوَ كَذِبٌ، وَإِنَّمَا أَدْرَكَتْ قَبْلَ هَذَا الْوَقْتِ؟ فَقَالَ: لَا تُصَدَّقُ بِالْإِسْنَادِ فَجَازَ لَهَا أَنْ تُكَذَّبَ كَيْ لَا يَبْطُلَ حَقُّهَا وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ لَوْ كَانَ فِي الْبُلُوغِ فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهَا كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ رَجُلٌ زَوَّجَ وَلِيَّتَهُ فَرَدَّتْ النِّكَاحَ فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهَا صَغِيرَةٌ وَادَّعَتْ هِيَ أَنَّهَا بَالِغَةٌ فَالْقَوْلُ لَهَا إنْ كَانَتْ مُرَاهِقَةً؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مُرَاهِقَةً كَانَ الْمُخْبَرُ بِهِ يَحْتَمِلُ الثُّبُوتَ فَيُقْبَلُ خَبَرُهَا؛ لِأَنَّهَا مُنْكِرَةٌ وُقُوعَ الْمِلْكِ عَلَيْهَا. اهـ. .

وَفِي الذَّخِيرَةِ إذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ، فَقَالَتْ أَنَا بَالِغَةٌ وَالنِّكَاحُ لَمْ يَصِحَّ وَقَالَ الْأَبُ لَا بَلْ هِيَ صَغِيرَةٌ فَالْقَوْلُ لَهَا إنْ كَانَتْ مُرَاهِقَةً، وَقِيلَ: لَهُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَعَلَى هَذَا إذَا بَاعَ الرَّجُلُ ضِيَاعَ ابْنِهِ، فَقَالَ الِابْنُ أَنَا بَالِغٌ وَقَالَ الْمُشْتَرِي وَالْأَبُ إنَّهُ صَغِيرٌ فَالْقَوْلُ لِلِابْنِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ زَوَالَ مِلْكِهِ، وَقَدْ قِيلَ بِخِلَافِهِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ اهـ.

وَقَيَّدْنَا بِعَدَمِ الدُّخُولِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ دَخَلَ بِهَا طَوْعًا فَإِنَّهَا لَا تُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ كَرْهًا فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَصَحَّحَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ زَوَّجَ ابْنَهُ الْبَالِغَ امْرَأَةً وَمَاتَ الِابْنُ، فَقَالَ أَبُو الزَّوْجِ كَانَ النِّكَاحُ بِغَيْرِ إذْنِ الِابْنِ وَمَاتَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ، فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَا بَلْ أَجَازَ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّ قِيَاسَ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ غَيْرَ لَازِمٍ فَالْمَرْأَةُ تَدَّعِي اللُّزُومَ وَالْأَبُ يُنْكِرُ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ قَالَتْ كَانَ النِّكَاحُ بِإِذْنِ الِابْنِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا ذَكَرَهَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّ الصَّدْرَ الشَّهِيدَ قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُهَا وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْأَبِ، ثُمَّ قَالَ وَقِيَاسُ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأَبِ، ثُمَّ قَالَ وَهَكَذَا كُتِبَتْ فِي الْمُحِيطِ فِي أَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأَبِ اهـ.

وَإِلَى أَنَّ سَيِّدَ الْعَبْدِ لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَدْخُلْ الدَّارَ الْيَوْمَ فَأَنْتَ حُرٌّ وَمَضَى الْيَوْمُ وَقَالَ الْعَبْدُ لَمْ أَدْخُلْ وَكَذَّبَهُ الْمَوْلَى فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَوْلَى عِنْدَنَا وَعِنْدَ زُفَرَ لِلْعَبْدِ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إنَّهَا نَظِيرُ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمَبْسُوطِ إنَّ الْخِلَافَ فِي مَسْأَلَةِ النِّكَاحِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ إذْ لَيْسَ كَوْنُ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ مَبْنَى الْخِلَافِ بِأَوْلَى مِنْ الْقَلْبِ بَلْ الْخِلَافُ فِيهِمَا مَعًا ابْتِدَائِيٌّ اهـ.

وَإِلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ وَلِيِّهَا عَلَيْهَا بِالرِّضَا؛ لِأَنَّهُ يُقِرُّ عَلَيْهَا بِثُبُوتِ الْمِلْكِ وَإِقْرَارُهُ عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ بَعْدَ بُلُوغِهَا غَيْرُ صَحِيحٍ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ لَوْ شَهِدَ مَعَ آخَرَ بِالرِّضَا لِكَوْنِهِ سَاعِيًا فِي إتْمَامِ مَا صَدَرَ مِنْهُ فَهُوَ مُتَّهَمٌ وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا.

(قَوْلُهُ وَلِلْوَلِيِّ إنْكَاحُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْوَلِيُّ الْعَصَبَةُ بِتَرْتِيبِ الْإِرْثِ) وَمَالِكٌ يُخَالِفُنَا فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالشَّافِعِيُّ يُخَالِفُنَا فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَفِي الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ أَيْضًا وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ إنَّ الْوِلَايَةَ عَلَى الْحُرَّةِ بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ لِانْعِدَامِ الشَّهْوَةِ إلَّا أَنَّ وِلَايَةَ الْأَبِ ثَبَتَتْ نَصًّا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ زَوَّجَ ابْنَهُ الْبَالِغَ امْرَأَةً إلَخْ) عِبَارَةُ الذَّخِيرَةِ هَكَذَا رَجُلٌ زَوَّجَ ابْنَهُ الْبَالِغَ امْرَأَةً وَمَاتَ الِابْنُ، فَقَالَ أَبُو الزَّوْجِ كَانَ النِّكَاحُ بِغَيْرِ إذْنِ الِابْنِ وَمَاتَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَا بَلْ أَجَازَ ثُمَّ مَاتَ ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا وَالْبَيِّنَةَ بَيِّنَةُ الْأَبِ وَعَلَى قِيَاسِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ غَيْرَ لَازِمٍ فَالْمَرْأَةُ تَدَّعِي اللُّزُومَ وَالْأَبُ يُنْكِرُ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ قَالَتْ كَانَ النِّكَاحُ بِإِذْنِ الِابْنِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا وَهَكَذَا كَتَبْت فِي الْمُحِيطِ فِي أَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأَبِ (قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا) أَقُولُ: قَدْ رَأَيْته فِي كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ وَنَصُّهُ وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ فَأَنْكَرَتْ الرِّضَا فَشَهِدَ عَلَيْهَا أَبُوهَا وَأَخُوهَا لَمْ يَجُزْ اهـ.

لَكِنْ فِي هَذَا مَانِعٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ شَهَادَةَ الْأَخِ عَلَيْهَا شَهَادَةٌ لِأَبِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>