للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُكْرَهَةً فِي التَّمْكِينِ صُدِّقَتْ وَلَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا.

وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ أَكَلْت مِنْ طَعَامِهِ أَوْ خَدَمَتْهُ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا لَا يُقَالُ كَوْنُ الْقَوْلِ لَهَا فِي دَعْوَى الْإِكْرَاهِ فِي التَّمْكِينِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يُصَدِّقُهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَا إشْكَالَ فِي عِبَارَةِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِشَيْءٍ آخَرَ عَمَلٌ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِالنِّكَاحِ كَالتَّمْكِينِ وَنَحْوِهِ لَا مُطْلَقِ الْعَمَلِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ كَلَامِهِ بَلْ قَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ خِيَارَ الْبُلُوغِ فِي حَقِّ الثَّيِّبِ وَالْغُلَامِ لَا يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ عَنْ الْمَجْلِسِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ لِيُوَافِقَ غَيْرَهُ وَفِي الْجَوَامِعِ إذَا بَلَغَ الْغُلَامُ، فَقَالَ فَسَخْت يَنْوِي الطَّلَاقَ فَهِيَ طَالِقٌ بَائِنٌ وَإِنْ نَوَى الثَّلَاثَ فَثَلَاثٌ، وَهَذَا حَسَنٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْفَسْخِ يَصْلُحُ كِنَايَةً عَنْ الطَّلَاقِ.

ثُمَّ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَوْلَيَيْنِ عَلَى اخْتِيَارِ أَمَتِهِمَا الَّتِي زَوَّجَاهَا نَفْسَهَا إذَا أَعْتَقَاهَا وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْغَاصِبَيْنِ الْمُزَوِّجَيْنِ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَنَّهَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا؛ لِأَنَّ سَبَبَ الرَّدِّ قَدْ انْقَطَعَ فِي الْأُولَى بِالْعِتْقِ وَلَمْ يَنْقَطِعْ فِي الثَّانِيَةِ إذْ هُوَ النَّسَبُ وَهُوَ بَاقٍ اهـ.

وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ خِيَارَ الْبُلُوغِ يُخَالِفُ خِيَارَ الْعِتْقِ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا اشْتِرَاطُ الْقَضَاءِ. وَالثَّانِي أَنَّ خِيَارَ الْمُعْتَقَةِ لَا يَبْطُلُ بِالسُّكُوتِ بَلْ يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ كَمَا فِي الْمُخَيَّرَةِ، بِخِلَافِ خِيَارِ الْبُلُوغِ فِي حَقِّ الْبِكْرِ. وَالثَّالِثُ أَنَّ خِيَارَ الْعِتْقِ يَثْبُتُ لِلْأُنْثَى فَقَطْ بِخِلَافِ خِيَارِ الْبُلُوغِ يَثْبُتُ لَهُمَا. وَالرَّابِعُ أَنَّ الْجَهْلَ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ لَيْسَ بِعُذْرٍ بِخِلَافِهِ فِي خِيَارِ الْعِتْقِ. وَالْخَامِسُ أَنَّ خِيَارَ الْعِتْقِ يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ عَنْ الْمَجْلِسِ كَالْمُخَيَّرَةِ وَخِيَارَ الْبُلُوغِ فِي حَقِّ الثَّيِّبِ وَالْغُلَامِ لَا يَبْطُلُ بِهِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ دَلَالَةً أَنَّ دَفْعَ الْمَهْرِ رِضًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَحَمَلَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَمَّا إذَا كَانَ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ بُلُوغِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ دَفْعُ الْمَهْرِ بَعْدَ بُلُوغِهِ رِضًا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ أَقَامَ أَوْ فَسَخَ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَتَوَارَثَا قَبْلَ الْفَسْخِ) صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا مَا إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْبُلُوغِ ثَانِيهِمَا مَا إذَا مَاتَ بَعْدَ الْبُلُوغِ قَبْلَ التَّفْرِيقِ فَإِنَّ الْآخَرَ يَرِثُهُ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْعَقْدِ صَحِيحٌ وَالْمِلْكُ الثَّابِتُ بِهِ قَدْ انْتَهَى بِالْمَوْتِ بِخِلَافِ مُبَاشَرَةِ الْفُضُولِيِّ إذَا مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ ثَمَّةَ مَوْقُوفٌ فَيَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَهَاهُنَا نَافِذٌ فَيَتَقَرَّرُ بِهِ، أَشَارَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى أَنَّهُ يَحِلُّ لِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْفَسْخِ لِمَا ذَكَرْنَا وَإِلَى أَنَّهَا لَوْ بَلَغَتْ وَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَالزَّوْجُ غَائِبٌ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ يَحْضُرْ الْغَائِبُ وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا صَبِيًّا لَا يُنْتَظَرُ كِبَرُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِحَضْرَةِ وَالِدِهِ أَوْ وَصِيِّهِ إنْ لَمْ يَأْتِيَا بِمَا يَدْفَعُهَا كَذَا فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ.

(قَوْلُهُ وَلَا وِلَايَةَ لِصَغِيرٍ وَعَبْدٍ وَمَجْنُونٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَثْبُتَ عَلَى غَيْرِهِمْ وَلِأَنَّ هَذِهِ وِلَايَةٌ نَظَرِيَّةٌ وَلَا نَظَرَ فِي التَّفْوِيضِ إلَى هَؤُلَاءِ أَطْلَقَ فِي الْعَبْدِ فَشَمِلَ الْمُكَاتَبَ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى وَلَدِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ لَكِنْ لِلْمَكَاتِبِ وِلَايَةٌ فِي تَزْوِيجِ أَمَتِهِ كَمَا عُرِفَ وَأَرَادَ بِالْمَجْنُونِ الْمُطْبِقَ وَهُوَ شَهْرٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدِهِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ حَالَ جُنُونِهِ مُطْبِقًا أَوْ غَيْرَ مُطْبِقٍ وَيُزَوَّجُ حَالَةَ إفَاقَتِهِ عَنْ جُنُونٍ مُطْبِقٍ أَوْ غَيْرِ مُطْبِقٍ لَكِنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا كَانَ مُطْبِقًا تُسْلَبُ وِلَايَتُهُ فَتُزَوَّجُ وَلَا يُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ وَغَيْرُ الْمُطْبِقِ الْوِلَايَةُ ثَابِتَةٌ لَهُ فَلَا تُزَوَّجُ وَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ كَالنَّائِمِ وَمُقْتَضَى النَّظَرِ أَنَّ الْكُفْءَ الْخَاطِبَ إنْ فَاتَ بِانْتِظَارِ إفَاقَتِهِ تَزَوَّجَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُطْبِقًا وَإِلَّا انْتَظَرَ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي غَيْبَةِ الْوَلِيِّ الْأَقْرَبِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَا لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: ١٤١] وَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَوَارَثَانِ، قَيَّدَ بِالْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ لِلْكَافِرِ وِلَايَةً عَلَى وَلَدِهِ الْكَافِرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: ٧٣] وَلِهَذَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى بَعْضِهِمْ وَيَجْرِي بَيْنَهُمَا التَّوَارُثُ وَكَمَا لَا تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ كَذَلِكَ لَا تَثْبُتُ لِمُسْلِمٍ عَلَى كَافِرَةٍ أَعْنِي وِلَايَةَ التَّزْوِيجِ بِالْقَرَابَةِ وَوِلَايَةَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ قَالُوا: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ سَيِّدَ أَمَةٍ كَافِرَةٍ أَوْ سُلْطَانًا، قَالَ السُّرُوجِيُّ لَمْ أَرَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يُصَدِّقُهَا) جَوَابُ لَا يُقَالُ.

(قَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَاصِبَيْنِ) تَثْنِيَةُ عَاصِبٍ بِالْعَيْنِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ الْغَاصِبَيْنِ بِالْمُعْجَمَةِ فَتَحْرِيفٌ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ حَالَ جُنُونِهِ إلَخْ) يُزَوِّجُ مُضَارِعٌ مَبْنِيٌّ لِلْمَعْلُومِ وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ يَعُودُ إلَى الْمَجْنُونِ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ وَيُزَوِّجُ حَالَةَ إفَاقَتِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ بَعْدُ فَتُزَوَّجُ فَهُوَ بِالتَّاءِ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ يَعُودُ إلَى الْمَرْأَةِ الْمُوَلَّى عَلَيْهَا وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تُزَوَّجُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُطْبِقًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>