للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا، وَإِنَّمَا هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادًا وَرَأَيْت فِي مَوْضِعٍ مَعْزُوًّا إلَى الْمَبْسُوطِ الْوِلَايَةُ بِالسَّبَبِ الْعَامِّ تَثْبُتُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ كَوِلَايَةِ السَّلْطَنَةِ وَالشَّهَادَةِ فَقَدْ ذَكَرَ مَعْنَى ذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءِ اهـ.

وَقَيَّدَ بِالْكُفْرِ؛ لِأَنَّ الْفِسْقَ لَا يَسْلُبُ الْأَهْلِيَّةَ عِنْدَنَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمَنْظُومَةِ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ اخْتِلَافٌ فِيهِ أَمَّا الْمَسْتُورُ فَلَهُ الْوِلَايَةُ بِلَا خِلَافٍ فَمَا فِي الْجَوَامِعِ أَنَّ الْأَبَ إذَا كَانَ فَاسِقًا لِلْقَاضِي أَنْ يُزَوِّجَ الصَّغِيرَةَ مِنْ كُفْءٍ غَيْرُ مَعْرُوفٍ نَعَمْ إذَا كَانَ مُتَهَتِّكًا لَا يَنْفُذُ تَزْوِيجُهُ إيَّاهَا بِنَقْصٍ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمِنْ غَيْرِ كُفْءٍ وَسَيَأْتِي هَذَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةً فَالْوِلَايَةُ لِلْأُمِّ ثُمَّ لِلْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ لِوَلَدِ الْأُمِّ ثُمَّ لِذَوِي الْأَرْحَامِ ثُمَّ لِلْحَاكِمِ) ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ لِغَيْرِ الْعَصَبَاتِ مِنْ الْأَقَارِبِ وِلَايَةٌ، وَإِنَّمَا الْوِلَايَةُ لِلْحَاكِمِ بَعْدَ الْعَصَبَاتِ لِحَدِيثِ «الْإِنْكَاحُ إلَى الْعَصَبَاتِ» وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ الْوِلَايَةَ نَظَرِيَّةٌ وَالنَّظَرُ يَتَحَقَّقُ بِالتَّفْوِيضِ إلَى مَنْ هُوَ الْمُخْتَصُّ بِالْقَرَابَةِ الْبَاعِثَةِ عَلَى الشَّفَقَةِ، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَفِي الْهِدَايَةِ الْأَشْهَرُ أَنَّهُ مَعَ مُحَمَّدٍ وَفِي الْكَافِي الْجُمْهُورُ أَنَّهُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي التَّبْيِينِ وَالْجَوْهَرَةِ وَالْمُجْتَبَى وَالذَّخِيرَةِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ

وَرَوَى ابْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُهُمَا لَا يَلِيهِ إلَّا الْعَصَبَاتِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.

وَهُوَ غَرِيبٌ لِمُخَالَفَتِهِ الْمُتُونَ الْمَوْضُوعَةَ لِبَيَانِ الْفَتْوَى وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ الْأُمِّ الْبِنْتَ؛ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالْمَجْنُونِ وَالْمَجْنُونَةِ فَبَعْدَ الْأُمِّ الْبِنْتُ ثُمَّ بِنْتُ الِابْنِ ثُمَّ بِنْتُ ابْنِ الِابْنِ ثُمَّ بِنْتُ بِنْتِ الْبِنْتِ وَأَطْلَقَ فِي وَلَدِ الْأُمِّ فَشَمِلَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، وَذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّ بَعْدَ وَلَدِ الْأُمِّ وَلَدُهُ، وَأَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِتَقْدِيمِ الْأُمِّ عَلَى الْأُخْتِ تَضْعِيفَ مَا نَقَلَهُ فِي الْمُسْتَصْفَى عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَقَلَهُ فِي التَّجْنِيسِ عَنْ عُمَرَ النَّسَفِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ أَنَّ الْأُخْتَ الشَّقِيقَةَ أَوْلَى مِنْ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهَا مِنْ قِبَلِ الْأَبِ،

وَوَجْهُ ضَعْفِهِ أَنَّ الْأُمَّ أَقْرَبُ مِنْهَا وَصَرَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ بِأَنَّهُ يُفْتَى بِتَقْدِيمِ الْأُمِّ عَلَى الْأُخْتِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْمُخْتَصَرِ أَنَّ ذَا الرَّحِمِ قَرِيبٌ لَيْسَ بِذِي سَهْمٍ وَلَا عَصَبَةٍ وَأَنَّ تَرْتِيبَهُمْ كَتَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ فَتُقَدَّمُ الْعَمَّاتُ ثُمَّ الْأَخْوَالُ ثُمَّ الْخَالَاتُ ثُمَّ بَنَاتُ الْأَعْمَامِ ثُمَّ بَنَاتُ الْعَمَّاتِ كَتَرْتِيبِ الْإِرْثِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْجَدَّ الْفَاسِدَ مُؤَخَّرٌ عَنْ الْأُخْتِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُسْتَصْفَى أَنَّ الْجَدَّ الْفَاسِدَ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْوِلَايَةُ لَهُمَا كَمَا فِي الْمِيرَاثِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقِيَاسُ مَا صَحَّ فِي الْجَدِّ وَالْأَخِ مِنْ تَقَدُّمِ الْجَدِّ الْفَاسِدِ عَلَى الْأُخْتِ اهـ.

فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ الْجَدَّ الْفَاسِدَ بَعْدَ الْأُمِّ قَبْلَ الْأُخْتِ وَفِي الْقُنْيَةِ أُمُّ الْأَبِ فِي التَّزْوِيجِ مِنْ الْأُمِّ وَأَطْلَقَ فِي نَفْيِ الْعَصَبَةِ فَشَمِلَ الْعَصَبَةَ النَّسَبِيَّةَ وَالسَّبَبِيَّةَ فَمَوْلَى الْعَتَاقَةِ، ثُمَّ عَصَبَتُهُ عَلَى التَّرْتِيبِ السَّابِقِ يُقَدَّمَانِ عَلَى الْأُمِّ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ وَهُوَ الَّذِي أَسْلَمَ أَبُو الصَّغِيرِ عَلَى يَدَيْهِ وَوَالَاهُ، قَالُوا: إنَّ آخِرَ

ــ

[منحة الخالق]

قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَالْوِلَايَةُ لِلْأُمِّ) قَالَ الرَّمْلِيُّ لَمْ يَذْكُرْ أُمَّ الْأُمِّ وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَأُولَاهُمْ الْأُمُّ ثُمَّ الْجَدَّةُ ثُمَّ الْأُخْتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ وَالْأُمُّ وَأَقَارِبُهَا كَالْجَدَّةِ وَالْخَالِ وَالْخَالَةِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمُصَنِّفِ اهـ.

أَقُولُ: لَا يَظْهَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمَجْمَعِ مَرْتَبَةُ الْجَدَّةِ فِي أَنَّهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأُخْتِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْجَوْهَرَةِ، وَقَدْ أُغْفِلَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ ذِكْرُ الْجَدَّةِ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِذِكْرِهَا وَبِتَقْدِيمِهَا عَلَى الْأُخْتِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ عَنْهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَةٍ لَهُ خَاصَّةٍ وَقَالَ: وَلَمْ يُقَيِّدْ الْجَدَّةَ بِكَوْنِهَا لِأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ غَيْرَ أَنَّ السِّيَاقَ يَقْتَضِي أَنَّهَا الْجَدَّةُ لِأُمٍّ وَعَلَى ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ حُكْمُ الْجَدَّةِ لِأَبٍ هَلْ تُقَدَّمُ عَلَى الْجَدَّةِ لِأُمٍّ أَوْ تَتَأَخَّرُ عَنْهَا أَوْ تُزَاحِمُهَا فِي وِلَايَةِ التَّزْوِيجِ ثُمَّ نَقَلَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ مَا يَأْتِي عَنْ الْقُنْيَةِ مِنْ أَنَّ أُمَّ الْأَبِ أَوْلَى مِنْ الْأُمِّ

وَقَالَ: فَعَلَى هَذَا تَكُونُ أُمُّ الْأَبِ مُتَقَدِّمَةً عَلَى أُمِّ الْأُمِّ لِتَقَدُّمِهَا عَلَى الْأُمِّ لَكِنَّ الْمُتُونَ تَقْتَضِي خِلَافَ مَا فِي الْقُنْيَةِ فَفِي الْكَنْزِ جَعَلَ الْأُمَّ تَلِي الْعَصَبَةَ فَيُقَدَّمُ مَا فِي الْمُتُونِ، وَقَدْ يُقَالُ حَيْثُ ذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ تَقَدُّمَ أُمِّ الْأَبِ عَلَى الْأُمِّ عَارَضَهُ الْكَنْزُ كَانَتْ أُمُّ الْأَبِ تَلِي الْأُمَّ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ لَكِنْ يُعَارِضُهُ سِيَاقُ الشَّيْخِ قَاسِمٍ الَّذِي يَقْتَضِي أَنَّ الْجَدَّةَ هِيَ الَّتِي لِأُمٍّ فَتَلِي الْأُمَّ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْجَدَّةَ الَّتِي لِأُمٍّ وَالْجَدَّةَ الَّتِي لِأَبٍ رُتْبَتُهُمَا وَاحِدَةٌ فَتَثْبُتُ وِلَايَةُ التَّزْوِيجِ لَهُمَا فِي رُتْبَةٍ وَاحِدَةٍ لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ مِنْ أَقْرَبِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ قَرَابَةَ الْأَبِ لَهَا حُكْمُ الْعَصَبَةِ فَتُقَدَّمُ أُمُّ الْأَبِ عَلَى أُمِّ الْأُمِّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

قُلْتُ: وَهَذَا الَّذِي جَزَمَ بِهِ الرَّمْلِيُّ كَمَا سَيَأْتِي.

(قَوْلُهُ ثُمَّ بِنْتُ بِنْتِ الْبِنْتِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ ثُمَّ أُمُّ الْأَبِ ثُمَّ أُمُّ الْأُمِّ ثُمَّ الْجَدُّ الْفَاسِدُ وَعَلَيْك أَنْ تَتَأَمَّلَ فِي هَذَا وَفِيمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ وَفِي الْقُنْيَةِ أُمُّ الْأَبِ أَوْلَى إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ فِي النَّهْرِ هَذَا التَّرْتِيبُ يَعْنِي تَرْتِيبَ الْكَنْزِ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَحَكَى عَنْ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَعُمَرَ النَّسَفِيِّ تَقْدِيمَ الْأُخْتِ عَلَى الْأُمِّ؛ لِأَنَّهَا مِنْ قَوْمِ الْأَبِ أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُخْرَجَ مَا فِي الْقُنْيَةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ اهـ.

فَقَدْ عَلِمْت بِهِ ضَعْفَ مَا فِي الْقُنْيَةِ؛ لِأَنَّهُ مُقَابِلٌ لِمَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَقَيَّدَ فِيهَا بِالْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْجَدَّةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>