للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوْلِيَاءِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ يُفِيدُ الْخِلَافَةَ فِي الْإِرْثِ فَيُفِيدُ فِي الْإِنْكَاحِ كَالْعَصَبَاتِ، وَأَطْلَقَ فِي الْحَاكِمِ فَشَمِلَ الْإِمَامَ وَالْقَاضِيَ لَكِنْ قَالُوا: إنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يَمْلِكُ ذَلِكَ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي عَهْدِهِ وَمَنْشُورِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي عَهْدِهِ لَمْ يَكُنْ وَلِيًّا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَفِي الْمُجْتَبَى مَا يُفِيدُ أَنَّ لِنَائِبِ الْقَاضِي وِلَايَةَ التَّزْوِيجِ حَيْثُ كَانَ الْقَاضِي كَتَبَ لَهُ فِي مَنْشُورِهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ: ثُمَّ السُّلْطَانُ ثُمَّ الْقَاضِي وَنُوَّابُهُ إذَا اشْتَرَطَ فِي عَهْدِهِ تَزْوِيجَ الصِّغَارِ وَالصَّغَائِرِ وَإِلَّا فَلَا اهـ.

بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْقَاضِي دُونَ نُوَّابِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا فِيهِمَا فَإِذَا كَتَبَ فِي مَنْشُورِ قَاضِي الْقُضَاةِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي عَهْدِ نَائِبِهِ مِنْهُ مَلَكَهُ النَّائِبُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَمْ أَرَ فِيهِ مَنْقُولًا صَرِيحًا وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ

فَإِنْ زَوَّجَهَا الْقَاضِي وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ السُّلْطَانُ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ بِذَلِكَ فَأَجَازَ الْقَاضِي ذَلِكَ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَلَوْ زَوَّجَ الْقَاضِي الصَّغِيرَةَ مِنْ ابْنِهِ كَانَ بَاطِلًا، وَكَذَا إذَا بَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ حَكَمٌ وَحُكْمُهُ لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ اشْتَرَطَ مِنْ وَصِيِّ الْيَتِيمِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي أَقَامَهُ وَصِيًّا؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْمَيِّتِ لَا عَنْ الْقَاضِي اهـ.

وَعَلَّلَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ لَا يَجُوزُ عَقْدُهُ لِابْنِهِ قَالَ وَالْإِلْحَاقُ بِالْوَكِيلِ يَكْفِي لِلْحُكْمِ مُسْتَغْنٍ عَنْ جَعْلِ فِعْلِهِ حُكْمًا مَعَ انْتِفَاءِ شَرْطِهِ. اهـ.

وَفِي الْفَوَائِدِ النَّاجِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى فَتَاوَى سَمَرْقَنْدَ سُئِلَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ عَنْ صَغِيرَةٍ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا وَلَا وَلِيَّ لَهَا وَلَا قَاضِيَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ قَالَ: يَتَوَقَّفُ وَيَنْفُذُ بِإِجَازَتِهَا بَعْدَ بُلُوغِهَا اهـ.

مَعَ أَنَّهُمْ قَالُوا كُلُّ عَقْدٍ لَا مُجِيزَ لَهُ حَالَ صُدُورِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ لَا يَتَوَقَّفُ وَلَعَلَّ التَّوَقُّفَ فِيهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مُجِيزَهُ السُّلْطَانُ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي النَّوَازِلِ وَالذَّخِيرَةِ امْرَأَةٌ جَاءَتْ إلَى قَاضٍ

ــ

[منحة الخالق]

لِأَبٍ أَوْلَى مِنْ الْجَدَّةِ لِأُمٍّ قَوْلًا وَاحِدًا فَتَحْصُلُ بَعْدَ الْأُمِّ أُمُّ الْأَبِ ثُمَّ أُمُّ الْأُمِّ ثُمَّ الْجَدُّ الْفَاسِدُ تَأَمَّلْ اهـ. كَلَامُ الرَّمْلِيِّ.

(قَوْلُهُ وَفِي الْمُجْتَبَى مَا يُفِيدُ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ إنَّ مَا فِي الْمُجْتَبَى لَا يُفِيدُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ تَفْوِيضِ الْأَصِيلِ لِلنَّائِبِ كَمَا تَوَهَّمَهُ فِي الْبَحْرِ. اهـ.

قَالَ الرَّمْلِيُّ، أَقُولُ: كَيْفَ لَا يُفِيدُ مَعَ إطْلَاقِهِ فِي نُوَّابِهِ، وَالْمُطْلَقُ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا فَوَّضَ لَهُمْ مَا لَهُ وِلَايَتُهُ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا تَزْوِيجُ الصِّغَارِ وَالصَّغَائِرِ صَارَ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ مَا فَوَّضَ إلَيْهِمْ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُمْ نُوَّابُ السُّلْطَانِ حَيْثُ أَذِنَ لَهُ بِالِاسْتِنَابَةِ عَنْهُ فِيمَا فَوَّضَهُ إلَيْهِ، وَقَدْ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ: وَلَا وِلَايَةَ لِلْقَاضِي إلَّا إذَا كَانَ وَلِيًّا قَرِيبًا اهـ.

وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي عَهْدِهِ وَمَنْشُورِهِ، وَأَقُولُ: حَيْثُ قُلْنَا بِأَنَّهُ وَلِيٌّ لِوُجُودِ ذَلِكَ يَدْخُلُ فِي الْمُجِيزِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ نِكَاحُ الْفُضُولِيِّ عَلَى إجَازَتِهِ حَيْثُ لَا وَلِيَّ غَيْرُهُ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى تَأَمَّلْ اهـ.

قُلْتُ: وَقَدْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعْ الْوَسَائِلِ حَيْثُ قَالَ: الظَّاهِرُ أَنَّ النَّائِبَ الَّذِي لَمْ يَنُصَّ لَهُ الْقَاضِي عَلَى تَزْوِيجِ الصِّغَارِ لَا يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ فَوَّضَ إلَيْهِ الْحُكْمَ بَيْنَ النَّاسِ فَهَذَا مَخْصُوصٌ بِالْمُرَافَعَاتِ وَإِنْ قَالَ اسْتَنَبْتُك فِي الْحُكْمِ فَكَذَلِكَ لَا يَتَعَدَّى إلَى التَّزْوِيجِ

أَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ اسْتَنَبْتُك فِي جَمِيعِ مَا فَوَّضَ إلَيَّ السُّلْطَانُ فَيَمْلِكُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَنَابَهُ فِي التَّزْوِيجِ أَيْضًا حَيْثُ عَمَّمَ لَهُ الْوِلَايَةَ، ثُمَّ قَالَ الطَّرَسُوسِيُّ وَهَلْ يُقَالُ إنَّهُ إذَا مَلَكَ التَّزْوِيجَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هَلْ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ لِأَحَدٍ فِي التَّزْوِيجِ أَمْ لَا؟ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ فِي الْمَعْنَى مِنْ السُّلْطَانِ وَهُوَ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ فَلَمْ يَمْلِكْهُ فَبَقِيَ كَأَحَدِ الْعَقَّادِ الْمَأْذُونِ لَهُمْ مِنْ الْحَاكِمِ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَفَادَ التَّزْوِيجَ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي لَا مِنْ السُّلْطَانِ وَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ عَنْ الْقَاضِي وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ إلَّا بِإِذْنٍ وَهَلْ يَكُونُ تَزْوِيجُهُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ تَزْوِيجِهِ إذَا كَانَتْ الْوِلَايَةُ لَهُ وَيَكُونُ حَكَمًا أَمْ لَا، وَكَذَا هَلْ يَمْلِكُ ذَلِكَ لِابْنِهِ وَلِمَنْ لَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ لَهُ أَمْ لَا؟ الظَّاهِرُ: أَنَّهُ لَا يَكُونُ حَكَمًا وَيَمْلِكُ مُبَاشَرَتَهُ لِابْنِهِ وَنَحْوِهِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَمْنَعَ وَيُسَاوِيَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْأَوَّلِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْقَاضِيَ وَلِيٌّ أَبْعَدُ فَإِذَا أَذِنَ لَهُ الْأَقْرَبُ بَاشَرَ أَهْلِيَّتَهُ وَبِوِلَايَتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ إذَا بَاشَرَ بِوَكَالَةٍ مِنْ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ أَصْلًا فَهُوَ وَكِيلٌ مَحْضٌ اهـ. مُلَخَّصًا.

(قَوْلُهُ وَعَلَّلَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: الْإِلْحَاقُ بِالْوَكِيلِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ أَوْ بَاعَ مِنْ ابْنِهِ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ جَازَ إذْ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْوَكِيلِ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ بِذَلِكَ وَتَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّ فِعْلَهُ حُكْمٌ يَقْتَضِي الْمَنْعَ مُطْلَقًا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَأَيْضًا الْوَكِيلُ يَلْحَقُهُ الْعُهْدَةُ وَالْقَاضِي لَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ، وَقَدْ نَصَّ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْوَرَثَةَ لَوْ طَلَبُوا الْقِسْمَةَ وَفِيهِمْ غَائِبٌ أَوْ صَغِيرٌ قَالَ الْإِمَامُ لَا أَقْسِمُ بَيْنَهُمْ وَلَا أَقْضِي عَلَى الْوَارِثِ وَالصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْقَاضِي قَضَاءٌ مِنْهُ وَحَيْثُ عَلَى ذَلِكَ نَصَّ الْإِمَامُ لَمْ يَبْقَ لِلْبَحْثِ فِيهِ مَجَالٌ. فَإِنْ قُلْتُ: فَمَاذَا تَفْعَلُ فِيمَا اتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ شَرْطَ نَفَاذِ الْقَضَاءِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ أَنْ يَصِيرَ الْحُكْمُ حَادِثَةً تَجْرِي فِيهِ خُصُومَةٌ صَحِيحَةٌ عِنْدَ الْقَاضِي مِنْ خَصْمٍ عَلَى خَصْمٍ، قُلْتُ: الظَّاهِرُ إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْحُكْمِ الْقَوْلِيِّ أَمَّا الْفِعْلِيُّ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ تَوْفِيقًا بَيْنَ كَلَامِهِمْ.

(قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مُجِيزَهُ السُّلْطَانُ) أَيْ أَوْ الْقَاضِي الْمَشْرُوطُ لَهُ تَزْوِيجُ الصِّغَارِ وَالصَّغَائِرِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِيهِ إنْ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ حَيْثُ لَا قَاضِيَ، تَأَمَّلْ: قُلْتُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِأَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا إذَا تَزَوَّجَ صَغِيرَةً لَا وَلِيَّ لَهَا فَمُقْتَضَاهُ التَّوَقُّفُ؛ لِأَنَّ لَهُ مُجِيزًا وَهُوَ السُّلْطَانُ ثُمَّ رَأَيْت مَنْقُولًا عَنْ الْغَايَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْهِدَايَةِ كُلُّ عَقْدٍ صَدَرَ عَنْ الْفُضُولِيِّ وَلَهُ مُجِيزٌ انْعَقَدَ مَوْقُوفًا، إنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَلَهُ مُجِيزٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ كَمَا إذَا زَوَّجَ الْفُضُولِيَّ يَتِيمَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>