للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُعَارِضٌ لَهُ فَالْإِفْتَاءُ بِمَا فِي الْمُتُونِ أَوْلَى فَلَا يَكُونُ الْفَاسِقُ كُفُؤًا لِلصَّالِحَةِ بِنْتِ الصَّالِحِينَ سَوَاءٌ كَانَ مُعْلِنًا بِالْفِسْقِ أَوْ لَا كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَوَقَعَ لِي تَرَدُّدٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ صَالِحَةً دُونَ أَبِيهَا أَوْ كَانَ أَبُوهَا صَالِحًا دُونَهَا هَلْ يَكُونُ الْفَاسِقُ كُفُؤًا لَهَا أَوْ لَا؟ فَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِينَ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِصَلَاحِ أَبِيهَا وَجَدِّهَا فَإِنَّهُمْ قَالُوا لَا يَكُونُ الْفَاسِقُ كُفُؤًا لِلصَّالِحَةِ بِنْتِ الصَّالِحِينَ وَاعْتُبِرَ فِي الْجَمِيعِ صَلَاحُهَا، فَقَالَ فَلَا يَكُونُ الْفَاسِقُ كُفُؤًا لِلصَّالِحَةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ لَا يَكُونُ الْفَاسِقُ كُفُؤًا لِلصَّالِحَةِ بِنْتِ الصَّالِحِينَ فَاعْتُبِرَ صَلَاحُ الْكُلِّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الطَّلَاحَ مِنْهَا أَوْ مِنْ آبَائِهَا كَافٍ لِعَدَمِ كَوْنِ الْفَاسِقِ كُفُؤًا لَهَا وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ التَّقْوَى مُعْتَبَرَةٌ فِي حَقِّ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ فَلَا يَكُونُ الْعَرَبِيُّ الْفَاسِقُ كُفُؤًا لِلصَّالِحَةِ عَرَبِيَّةً كَانَتْ أَوْ عَجَمِيَّةً.

وَأَمَّا الْخَامِسُ فَالْمَالُ، أَطْلَقَهُ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّسَاوِي فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ قَالَ فِي النَّوَازِلِ عَنْهُ إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً، لَهَا مِائَةُ أَلْفٍ وَأَخُوهَا لَا يَرْضَى بِذَلِكَ قَالَ: لِأَخِيهَا أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ كُفُؤًا وَجَعَلَهُ فِي الْمُجْتَبَى قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَيَّدَهُ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ حَتَّى أَنَّ مَنْ لَا يَمْلِكُهُمَا أَوْ لَا يَمْلِكُ أَحَدَهُمَا لَا يَكُونُ كُفُؤًا؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ بَدَلُ الْبُضْعِ فَلَا بُدَّ مِنْ إيفَائِهِ وَبِالنَّفَقَةِ قِوَامُ الِازْدِوَاجِ وَدَوَامُهُ وَالْمُرَادُ بِالْمَهْرِ قَدْرُ مَا تَعَارَفُوا تَعْجِيلَهُ؛ لِأَنَّ مَا وَرَاءَهُ مُؤَجَّلٌ عُرْفًا اهـ.

وَصَحَّحَهُ فِي التَّبْيِينِ وَدَخَلَ فِي النَّفَقَةِ الْكِسْوَةُ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ وَالْعِنَايَةِ، وَذَكَرَ الْوَلْوَالِجِيُّ رَجُلٌ مَلَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفٌ جَازَ النِّكَاحُ، وَهَذَا الرَّجُلُ كُفْءٌ لَهَا وَإِنْ كَانَتْ الْكَفَاءَةُ بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَادِرٌ عَلَى الْمَهْرِ فَإِنَّهُ يَقْضِي أَيَّ الدَّيْنَيْنِ شَاءَ بِذَلِكَ. اهـ.

وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ، فَقِيلَ يُعْتَبَرُ نَفَقَةُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ نَفَقَةُ شَهْرٍ وَصَحَّحَهُ فِي التَّجْنِيسِ وَفِي الْمُجْتَبَى وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى النَّفَقَةِ عَلَى طَرِيقِ الْكَسْبِ كَانَ كُفُؤًا اهـ.

فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ وَتَصْحِيحُ الْمُجْتَبَى أَظْهَرُ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي الذَّخِيرَةِ إذَا كَانَ يَجِدُ نَفَقَتَهَا وَلَا يَجِدُ نَفَقَةَ نَفْسِهِ يَكُونُ كُفُؤًا وَإِنْ لَمْ يَجِدْ نَفَقَتَهَا لَا يَكُونُ كُفُؤًا وَإِنْ كَانَتْ فَقِيرَةً وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ صَغِيرَةً لَا تُطِيقُ الْجِمَاعَ فَهُوَ كُفْءٌ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَفِي الْمُجْتَبَى وَالصَّبِيُّ كُفْءٌ بِغِنَى أَبِيهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ.

يَعْنِي بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَهْرِ، وَأَمَّا فِي النَّفَقَةِ فَلَا يُعَدُّ غَنِيًّا بِغِنَى أَبِيهِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْآبَاءَ يَتَحَمَّلُونَ الْمَهْرَ عَنْ الْأَبْنَاءِ وَلَا يَتَحَمَّلُونَ النَّفَقَةَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْوَاقِعَاتِ وَفِي التَّبْيِينِ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ ذَا جَاهٍ كَالسُّلْطَانِ وَالْعَالِمِ يَكُونُ كُفُؤًا وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ إلَّا النَّفَقَةَ؛ لِأَنَّ الْخَلَلَ يَنْجَبِرُ بِهِ وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا: الْفَقِيهُ الْعَجَمِيُّ يَكُونُ كُفُؤًا لِلْعَرَبِيِّ الْجَاهِلِ. اهـ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي كُلِّ زَوْجٍ عَرَبِيًّا كَانَ أَوْ عَجَمِيًّا لِكُلِّ امْرَأَةٍ وَلَوْ كَانَتْ فَقِيرَةً بِنْتَ فُقَرَاءَ

ــ

[منحة الخالق]

الَّذِي فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ، وَقِيلَ عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَمِثْلُهُ فِي الرَّمْزِ مَعْزِيًّا إلَى الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ، وَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ عَبَّرَ بِقِيلَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمْ قَالُوا لَا يَكُونُ الْفَاسِقُ كُفُؤًا لِلصَّالِحَةِ بِنْتِ الصَّالِحِينَ) لَفْظُ الصَّالِحَةِ زَائِدٌ مِنْ الْكَاتِبِ فَإِنَّ الَّذِي فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ كَالْفَتْحِ وَالْمِعْرَاجِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ لَوْ نَكَحَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِ الصَّالِحِينَ فَاسِقًا كَانَ لِلْأَوْلِيَاءِ حَقُّ الرَّدِّ. اهـ. (قَوْلُهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الصَّلَاحَ مِنْهَا أَوْ مِنْ آبَائِهَا كَافٍ) قَالَ فِي النَّهْرِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ الصَّلَاحِ مِنْ حَيْثُ الْآبَاءُ فَقَطْ حَيْثُ قَالَ: إذَا كَانَ الْفَاسِقُ مُحْتَرَمًا مُعَظَّمًا عِنْدَ النَّاسِ كَأَعْوَانِ السُّلْطَانِ يَكُونُ كُفُؤًا لِبَنَاتِ الصَّالِحِينَ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِ بَلْخٍ لَا يَكُونُ كُفُؤًا لِبِنْتِ الصَّلَاحِ مُعْلِنًا كَانَ أَوْ لَا، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْفَضْلِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ عَنْ الْمُحِيطِ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِبَارَ بِفِسْقِهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ. اهـ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْخَانِيَّةِ أَيْضًا يَقْتَضِي اعْتِبَارَهُ مِنْ جِهَتِهَا أَيْضًا فَالْوَاجِبُ التَّوْفِيقُ بِمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ أَوْ بِاشْتِرَاطِ الصَّلَاحِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْقُهُسْتَانِيِّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فَلَيْسَ فَاسِقٌ كُفُؤًا لِبِنْتِ صَالِحٍ مَا نَصُّهُ وَهِيَ صَالِحَةٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنْ تَكُونَ الْبِنْتُ صَالِحَةً بِصَلَاحِهِ اهـ.

فَجَعَلَ صَلَاحَهَا شَرْطًا كَصَلَاحِ آبَائِهَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِينَ ثُمَّ رَأَيْته فِي الرَّمْزِ صَرَّحَ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ قُلْتُ: اقْتِصَارُهُمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ صَلَاحَهَا يُعْرَفُ بِصَلَاحِهِمْ لِخَفَاءِ حَالِ الْمَرْأَةِ غَالِبًا لَا سِيَّمَا الْأَبْكَارُ وَالصَّغَائِرُ اهـ.

وَفِي الْحَوَاشِي الْيَعْقُوبِيَّةِ قَوْلُهُ فَلَيْسَ فَاسِقٌ كُفْءَ بِنْتِ صَالِحٍ فِيهِ كَلَامٌ وَهُوَ أَنَّ بِنْتَ الصَّالِحِ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ فَاسِقَةً فَيَكُونُ كُفُؤًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَالْأَوْلَى مَا فِي الْمَجْمَعِ وَهُوَ أَنَّ الْفَاسِقَ لَيْسَ كُفُؤًا لِلصَّالِحَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْغَالِبُ أَنَّ بِنْتَ الصَّالِحِ صَالِحَةٌ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ التَّقْوَى مُعْتَبَرَةٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ صَرَّحَ بِهَذَا فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ.

(قَوْلُهُ: فَقِيلَ يُعْتَبَرُ نَفَقَةُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) نَقَلَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ، وَنَقَلَ فِي الْخَانِيَّةِ وَالتَّجْنِيسِ عَنْ بَعْضِهِمْ نَفَقَةَ سَنَةٍ. (قَوْلُهُ وَتَصْحِيحُ الْمُجْتَبَى أَظْهَرُ) جَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فِي النَّهْرِ، فَقَالَ وَلَوْ قِيلَ إنْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَرِفٍ فَنَفَقَةُ شَهْرٍ وَإِلَّا فَأَنْ يَكْتَسِبَ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لَكَانَ حَسَنًا ثُمَّ رَأَيْته فِي الْخَانِيَّةِ نَقَلَ مَا فِي الْمُجْتَبَى عَنْ الثَّانِي، ثُمَّ قَالَ وَالْأَحْسَنُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>