للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَصْلًا وَقُيِّدَ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا وَقُيِّدَ فِي الْبَدَائِعِ بِإِسْلَامِهِمَا. وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ مُسْلِمٌ ذِمِّيَّةً عَلَى خَمْرٍ لَمْ تَصِحَّ التَّسْمِيَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إيجَابُهَا عَلَى الْمُسْلِمِ وَقُيِّدَ بِكَوْنِ الْمُسَمَّى هُوَ الْمُحَرَّمُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَمَّى لَهَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَرِطْلًا مِنْ خَمْرٍ فَلَهَا الْمُسَمَّى وَلَا يَكْمُلُ مَهْرُ الْمِثْلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ قَبُولِ الْخَمْرِ شَرْطٌ فَاسِدٌ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ يُسَمِّيَ مَا يَصْلُحُ مَهْرًا وَيُشِيرُ إلَى مَا لَا يَصْلُحُ مَهْرًا كَمَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ أَوْ عَلَى هَذِهِ الشَّاةِ الذَّكِيَّةِ فَإِذَا هِيَ مَيِّتَةٌ أَوْ عَلَى هَذَا الدَّنِّ الْخَلِّ فَإِذَا هُوَ خَمْرٌ فَالتَّسْمِيَةُ فَاسِدَةٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ فِي الْكُلِّ وَعَلَيْهِ فِي الْحُرِّ قِيمَةُ الْحُرِّ لَوْ كَانَ عَبْدًا وَفِي الشَّاةِ قِيمَةُ الشَّاةِ لَوْ كَانَتْ ذَكِيَّةً وَفِي الْخَمْرِ مِثْلُ ذَلِكَ الدَّنِّ مِنْ خَلٍّ وَسَطٍ وَمُحَمَّدٌ فَرَّقَ فَوَافَقَ الْإِمَامُ فِي الْحُرِّ وَالْمَيْتَةِ وَأَبَا يُوسُفَ فِي الْخَمْرِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْمُشَارَ إلَيْهِ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى مِنْ جِنْسِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ فَالْمُسَمَّى قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي إنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَصْلٍ وَهُوَ أَنَّ الْإِشَارَةَ وَالتَّسْمِيَةَ إذَا اجْتَمَعَتَا وَالْمُشَارُ إلَيْهِ مِنْ خِلَافِ جِنْسِ الْمُسَمَّى فَالْعِبْرَةُ لِلتَّسْمِيَةِ؛ لِأَنَّهَا تُعَرِّفُ الْمَاهِيَّةَ وَالْإِشَارَةَ تُعَرِّفُ الصُّورَةَ فَكَانَ اعْتِبَارُ التَّسْمِيَةِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَعَانِيَ أَحَقُّ بِالِاعْتِبَارِ وَإِنْ كَانَ الْمُشَارُ إلَيْهِ مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى إلَّا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا وَصْفًا فَالْعِبْرَةُ لِلْإِشَارَةِ وَالشَّأْنِ فِي التَّخْرِيجِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ فَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ الْحُرُّ مَعَ الْعَبْدِ وَالْخَلُّ مَعَ الْخَمْرِ جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ فِي حَقِّ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مَالٌ مُتَقَوِّمٌ يَصْلُحُ صَدَاقًا وَالْآخَرُ لَا فَالْحُكْمُ حِينَئِذٍ لِلْمُسَمَّى وَكَأَنَّ الْإِشَارَةَ تُبَيِّنُ وَصْفَهُ وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ الْعَبْدُ مَعَ الْحُرِّ جِنْسٌ وَاحِدٌ إذْ مَعْنَى الذَّاتِ لَا يَفْتَرِقُ

وَأَمَّا الْخَلُّ مَعَ الْخَمْرِ فَجِنْسَانِ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ لَا تَأْخُذُ الذَّاتَانِ حُكْمَ الْجِنْسَيْنِ إلَّا بِتَبَدُّلِ الصُّورَةِ وَالْمَعْنَى؛ لِأَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ مِنْ الْحَوَادِثِ مَوْجُودٌ بِهِمَا وَصُورَةُ الْخَلِّ وَالْخَمْرِ وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَاحِدَةٌ فَاتَّحَدَ الْجِنْسُ فَالْعِبْرَةُ لِلْإِشَارَةِ وَالْمُشَارُ إلَيْهِ غَيْرُ صَالِحٍ فَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ. اهـ.

وَارْتَضَاهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَالَ وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ مُسَمَّى الْخَمْرِ خَلًّا وَالْحُرِّ عَبْدًا تَجَوُّزًا وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ تَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِالْمُرَادِ كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ هَذِهِ الْكَلْبَةُ طَالِقٌ وَلِعَبْدِهِ هَذَا الْحِمَارُ حُرٌّ تَطْلُقُ وَيَعْتِقُ فَظَهَرَ أَنْ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي الْأَصْلِ بَلْ فِي اخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَاتِّحَادِهِ فَلَزِمَ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي بَعْضِ شُرُوحِ الْفِقْهِ مِنْ أَنَّ الْجِنْسَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ الْمَقُولُ عَلَى كَثِيرِينَ مُخْتَلِفِينَ بِالْأَحْكَامِ إنَّمَا هُوَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْمُخْتَلِفِينَ بِالْمَقَاصِدِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ هُوَ الْمَقُولُ عَلَى مُتَّحِدِي الصُّورَةِ وَالْمَعْنَى ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ اللَّائِقَ كَوْنُ الْجَوَابِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وُجُوبَ الْقِيمَةِ أَوْ عَبْدٍ وَسَطٍ؛ لِأَنَّ إلْغَاءَ الْإِشَارَةِ وَاعْتِبَارَ الْمُسَمَّى يُوجِبُ كَوْنَ الْحَاصِلِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ وَحُكْمُهُ مَا قُلْنَا. اهـ.

وَفِي الْأَسْرَارِ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ وَمُحَمَّدًا اعْتَبَرَا الْمَعْنَى وَأَبُو حَنِيفَةَ اعْتَبَرَ الصُّورَةَ وَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الذَّاتَ الْوَاحِدَةَ تَلْحَقُ بِجِنْسَيْنِ إذَا اخْتَلَفَتْ صُورَةٌ وَمَعْنًى وَالذَّاتَانِ قَدْ يَلْحَقَانِ بِجِنْسٍ وَاحِدٍ إذَا اتَّفَقَا صُورَةً وَمَعْنًى فَلَا يُنْسَبُ غَيْرَانِ إلَى وَاحِدٍ إلَّا بِاتِّحَادِ الصُّورَةِ وَالْمَعْنَى وَلَا الْوَاحِدُ إلَى الْغَيْرَيْنِ إلَّا بِاخْتِلَافِ الصُّورَةِ وَالْمَعْنَى وَكَلَامُنَا فِي ذَاتٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَيْنِ اللَّذَيْنِ اخْتَلَفَا فِيهِمَا يَتَعَاقَبَانِ عَلَى ذَاتٍ وَاحِدَةٍ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ وَلَا يُنْسَبُ الْوَاحِدُ إلَى غَيْرَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ إلَّا بِاخْتِلَافِ الصُّورَةِ وَالْمَعْنَى وَلَمْ يُوجَدْ اخْتِلَافُ الصُّورَةِ اهـ.

وَقَوْلُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ اللَّائِقَ إلَى آخِرِهِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ أَبَا يُوسُفَ مَا أَلْغَى الْإِشَارَةَ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنَّمَا أَلْغَاهَا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ - مَا فِي الْأَسْرَارِ أَنَّهُ فِي الْعَبْدِ الْمُطْلَقِ إذَا أَتَى بِهِ إلَيْهَا تُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ كَمَا لَوْ أَتَاهَا بِالْقِيمَةِ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ أَتَاهَا بِعَبْدٍ وَسَطٍ لَا تُجْبَرُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. اهـ.

وَفِي الْبَدَائِعِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذِهِ التَّسْمِيَةَ لَا تَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْمَجَازِ فَإِنَّهُ قَالَ وَحَقِيقَةُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَفِي الْبَدَائِعِ مَا يَقْتَضِي إلَخْ) رَدٌّ عَلَى قَوْلِ الْفَتْحِ وَغَايَةِ الْأَمْرِ إلَخْ

<<  <  ج: ص:  >  >>