وَلَوْ رَاجَعَهَا لَا يَتَأَجَّلُ اهـ.
يَعْنِي إذَا كَانَ التَّأْجِيلُ إلَى الطَّلَاقِ أَمَّا إذَا كَانَ التَّأْجِيلُ إلَى مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ لَا يَتَعَجَّلُ بِالطَّلَاقِ كَمَا يَقَعُ فِي دِيَارِ مِصْرَ فِي بَعْضِ الْأَنْكِحَةِ أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ بَعْضَهُ حَالًّا وَبَعْضَهُ مُؤَجَّلًا إلَى الطَّلَاقِ أَوْ إلَى الْمَوْتِ وَبَعْضَهُ مُنَجَّمًا فِي كُلِّ سَنَةٍ قَدْرٌ مُعَيَّنٌ فَإِذَا طَلَّقَهَا تَعَجَّلَ الْبَعْضُ الْمُؤَجَّلُ لَا الْمُنَجَّمُ؛ لِأَنَّهَا تَأْخُذُهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ عَلَى نُجُومِهِ كَمَا تَأْخُذُهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ عَلَى نُجُومِهِ، وَذَكَرَ قَوْلَيْنِ فِي الْفَتَاوَى الصَّيْرَفِيَّةِ فِي كَوْنِهِ يَتَعَجَّلُ الْمُؤَجَّلَ بِالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ مُطْلَقًا أَوْ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَجَزَمَ فِي الْقُنْيَةِ بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ قَالَ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ مَشَايِخِنَا وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ لَوْ ارْتَدَّتْ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ وَتَزَوَّجَهَا الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالْمَهْرِ الْمُؤَجَّلِ إلَى الطَّلَاقِ اهـ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ الرِّدَّةَ فَسْخٌ وَلَيْسَتْ بِطَلَاقٍ، وَأَمَّا إذَا سَكَتَا عَنْ وَصْفِهِ فَهُوَ حَالٌّ بِمُقْتَضَى إطْلَاقِ الْعَقْدِ فَالْقِيَاسُ عَلَى الْبَيْعِ يَقْتَضِي أَنَّ لَهَا الِامْتِنَاعَ قَبْلَ قَبْضِهِ لَكِنَّ الْعُرْفَ صَرَفَهُ عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ عُرْفٌ فِي تَعْجِيلِ بَعْضِهِ وَتَأْخِيرِ بَاقِيهِ إلَى الْمَوْتِ أَوْ الْمَيْسَرَةِ أَوْ الطَّلَاقِ فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ إلَّا إلَى تَسْلِيمِ ذَلِكَ بِتَمَامِهِ وَلَوْ بَقِيَ دِرْهَمٌ قَالَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنُوا قَدْرَ الْمُعَجَّلِ يُنْظَرُ إلَى الْمَرْأَةِ وَإِلَى الْمَهْرِ أَنَّهُ كَمْ يَكُونُ الْمُعَجَّلُ لِمِثْلِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ مِنْ مِثْلِ هَذَا الْمَهْرِ فَيُعَجَّلُ ذَلِكَ وَلَا يَتَقَدَّرُ بِالرُّبْعِ وَالْخُمُسِ بَلْ يُعْتَبَرُ الْمُتَعَارَفُ فَإِنَّ الثَّابِتَ عُرْفًا كَالثَّابِتِ شَرْطًا اهـ.
وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ الْفَتْوَى عَلَى اعْتِبَارِ عُرْفِ بَلَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الثُّلُثِ أَوْ النِّصْفِ كَمَا رُوِيَ فَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ إطْلَاقِ قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ يَعْنِي الْمَهْرَ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ أَوْ مَسْكُوتًا عَنْهُ يَجِبُ حَالًّا وَلَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا حَتَّى يُعْطِيَهَا الْمَهْرَ إنَّمَا هُوَ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَأَمَّا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ فَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمَسْكُوتِ عَنْهُ الْعُرْفُ وَبِهِ سَقَطَ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْقَاسِمِيَّة إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةٍ مَثَلًا عَلَى حُكْمِ الْحُلُولِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَرْبَعِينَ وَالْبَاقِي عَلَى حُكْمِهِ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْبَاقِي قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ وَلَهَا الِامْتِنَاعُ حَتَّى تَقْبِضَهُ وَقَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَحْبِسَ نَفْسَهَا فِيمَا تُعُورِفَ تَأْجِيلُهُ وَلَوْ كَانَ حَالًّا أَنَّهُ وَلَوْ كَانَ حَالًّا بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَإِنَّ الْعُرْفَ يَقْضِي بِهِ وَبَقِيَّةُ كَلَامِهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ فَإِذَا نَصَّا عَلَى تَعْجِيلِ جَمِيعِ الْمَهْرِ إلَى آخِرِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ التَّعْجِيلِ مُرَادِفٌ لِشَرْطِ الْحُلُولِ حُكْمًا؛ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لَهَا الْمُطَالَبَةَ مَتَى شَاءَتْ وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ وَلَوْ كَانَ حَالًّا بِالشَّرْطِ لَنَاقَضَ قَوْلَهُ وَإِنْ نَصَّا عَلَى التَّعْجِيلِ فَهُوَ عَلَى مَا شَرَطَا وَلَيْسَ فِي اشْتِرَاطِ تَعْجِيلِ الْبَعْضِ مَعَ النَّصِّ عَلَى حُلُولِ الْجَمِيعِ دَلِيلٌ عَلَى تَأْخِيرِ الْبَاقِي إلَى الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الدَّلَالَاتِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْعَادَةُ فِي مِثْلِ هَذَا التَّأْخِيرِ إلَى اخْتِيَارِ الْمُطَالَبَةِ
وَقَالَ الزَّاهِدِيُّ وَصَارَ تَأْخِيرُ الصَّدَاقِ إلَى الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ بِخُوَارِزْمَ عَادَةً مَأْثُورَةً وَشَرِيعَةً مَعْرُوفَةً عِنْدَهُمْ اهـ.
وَعُرْفُ خُوَارِزْمَ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ عَلَى تَعْجِيلٍ وَلَا تَأْجِيلٍ وَهُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ فِي مَمْلَكَةِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَمَا وَالَاهُمَا مِنْ الْبِلَادِ اهـ.
مَا فِي الْقَاسِمِيَّةِ وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ تَزَوَّجَهَا وَسَمَّى لَهَا الْمُعَجَّلَ مِائَةً وَسَكَتَ عَنْ الْمُؤَجَّلِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى وَيَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ لَهَا الْمُتْعَةُ اهـ.
وَأُطْلِقَ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ وَطِئَهَا فَشَمِلَ مَا إذَا وَطِئَهَا مُكْرَهَةً كَانَتْ أَوْ صَغِيرَةً أَوْ بِرِضَاهَا وَهِيَ كَبِيرَةٌ وَلَا خِلَافَ فِيمَا إذَا كَانَتْ مُكْرَهَةً أَوْ صَبِيَّةً أَوْ مَجْنُونَةً فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّهَا فِي الْحَبْسِ، وَأَمَّا إذَا وَطِئَهَا أَوْ خَلَا بِهَا بِرِضَاهَا فَفِيهِ خِلَافٌ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا وَخَالَفَاهُ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ صَارَ مُسَلَّمًا إلَيْهِ بِالْوَطْأَةِ الْوَاحِدَةِ وَبِالْخَلْوَةِ وَلِهَذَا يَتَأَكَّدُ بِهَا جَمِيعُ الْمَهْرِ فَلَمْ يَبْقَ لَهَا حَقُّ الْحَبْسِ كَالْبَائِعِ إذَا سَلَّمَ الْمَبِيعَ وَلَهُ أَنَّهَا مَنَعَتْ مِنْهُ مَا قَابَلَ الْبَدَلَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَطْأَةٍ تُصْرَفُ فِي الْبُضْعِ الْمُحْتَرَمِ فَلَا يُعْرِي عَنْ الْعِوَضِ إبَانَةً لِخَطَرِهِ وَالتَّأْكِيدُ بِالْوَاحِدَةِ لِجَهَالَةِ مَا وَرَاءَهَا فَلَا يَصِحُّ مُزَاحِمًا لِلْمَعْلُومِ ثُمَّ إذَا وُجِدَ آخَرُ وَصَارَ مَعْلُومًا تَحَقَّقَتْ الْمُزَاحَمَةُ وَصَارَ الْمَهْرُ مُقَابَلًا بِالْكُلِّ كَالْعَبْدِ إذَا جَنَى جِنَايَةً يُدْفَعُ كُلُّهُ بِهَا ثُمَّ إذَا جَنَى جِنَايَةً أُخْرَى وَأُخْرَى يُدْفَعُ بِجَمِيعِهَا
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَبِهِ سَقَطَ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ نَقْلِهِ عِبَارَةَ الْخَانِيَّةِ وَمِثْلُ هَذَا فِي غَيْرِ نُسْخَةٍ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ فَمَا وَقَعَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ إطْلَاقِ قَوْلِهِ إلَخْ لَيْسَ بِوَاقِعٍ. (قَوْلُهُ وَفِي الْقَاسِمِيَّةِ) أَيْ الْفَتَاوَى الْمَنْسُوبَةِ لِلْعَلَّامَةِ قَاسِمِ بْنِ قُطْلُوبُغَا تِلْمِيذِ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ وَلَوْ كَانَ حَالًّا بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ) أَيْ مَعْنَاهُ أَوْ تَأْوِيلُهُ وَلَوْ كَانَ حَالًّا إلَخْ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَيْ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَهُوَ أَظْهَرُ لَكِنَّ الَّذِي رَأَيْته فِي الْقَاسِمِيَّةِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ حَالًّا أَنَّهُ وَلَوْ كَانَ حَالًّا بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute