للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله، إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، ولكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد، وأتزوج النِّساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني) (١).

فهؤلاء فعلوا ما فعلوا على ظن أن ما فعلوه قربة إلى الله تعالى، وقد أنكر عليهم النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وَبَيَّنَ لهم أن ما فعلوه إنّما هو رغبة عن السُّنَّة، وغلو في الدِّين، فدلَّ على أن هذه القرب الّتي أتوها محرّمة.

ومن الاقربات المحرمة كذلك القربات المالية، كالعتق، والوقف، والصدقة، والهِبَة، إذا فعلها الإنسان، وكان عليه دين، أو عنده من تلزمه نفقته ممّا لا يفضل عن حاجته؛ لأنّ ذلك حق واجب عليه، فلا يحل له تركه لسنة (٢).

خامسًا: القربات المكروهة:

ومن هذه القربات المكروهة: من تصدق بجميع ما يملك، وكان في ذلك مشقة لا يصبر عليها؛ قال الإمام الشيرازي (٣) في المهذب: "ويكره لمن لا يصبر على الإضافة" (٤).


(١) أخرجه البخاريّ في النِّكاح باب الترغيب في النِّكاح رقم (٥٠٦٣) ٥/ ٩ (فتح)، وأخرجه مسلم واللفظ له في النِّكاح باب استحباب النِّكاح لمن تاقت نفسه إليه. رقم (١٤٠١) ٢/ ١٠٢٠ تحقيق محمّد فؤاد عبد الباقي.
(٢) المنثور في القواعد للزركشي: ٣/ ٢٧٨، والتنبيه للشيرازي: ص ٦٤. دار عالم الكتب ط/ ١، ١٤٠٣ هـ.
(٣) الشيرازي: هو جمال الدِّين أبو إسحاق: إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي الفييوزآبادي، أحد أعلام الشّافعيّة في وقته، ولد سنة ٣٩٣ هـ بفييوزآباد (بلدة بفارس)، وتوفي ببغداد سنة ٤٧٦ هـ، له مؤلفات كثيرة في الأصول والفروع منها: التنبيه والمهذب في الفقه، والتبصرة واللمع مع شرحها في الأصول، والمعونة في الجدل، وغيرها كثير. انظر: طبقات الشّافعيّة الكبرى: ٤/ ٢١٥، سير أعلام النُّبَلاء:٤٥٤/ ١٨.
(٤) التنبيه للشيرازي: ص ٦٤، والإضاقة هي: الحاجة، والضيق. انظر: تحرير ألفاظ التنبيه للنووي: ص ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>