للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مناقشة الاستدلال: يمكن مناقشة هذا الدّليل بما يأتي:

أوَّلًا: أن القياس على الزَّكاة لا يصح. لأنّه قياس مع الفارق، وبيان ذلك: أن الزَّكاة عبادة مالية محضة تدخل النيابة فيها إجماعًا، بخلاف الحجِّ فإنّه عبادة مركبة من المال، والبدن.

ثانيًا: أن قياس جواز الاستنابة في النفل على جواز ذلك في الفرض غير مسلم؛ لأنّ النيابة في الفرض مختلف فيها، فمنعها البعض، وأجازها البعض، ثمّ إنَّ من أجازها في الفرض إنّما علل ذلك بالضرورة، ولا ضرورة في النفل.

الدّليل الثّاني: قالوا: إنَّ حج النفل حج لا يلزمه، عجز عن فعله بنفسه، فجاز له أن يستنيب فيه كالشيخ الكبير (١).

مناقشة الاستدلال: يمكن مناقشة هذا الدّليل بما يأتي:

أن القياس على الشّيخ الكبير قياس مع الفارق، فإن الشّيخ الكبير ثبتت النيابة عنه بالنص للضرورة؛ لأنّ الحجِّ واجب عليه، بخلاف المستنيب في حج التطوع فإن الحجِّ ليس واجبًا عليه، فلا ضرورة تدعو للاستنابة.

[الترجيح]

بالنظر في أدلة الفريقين، وما علل به كلّ فريق، وما ورد على هذه الأدلة من مناقشة يظهر رجحان القول الأوّل القاضي بجواز الاستنابة للعاجز في حج التطوع؛ وذلك لما يأتي:

أوَّلًا: أن القول بالجواز أقرب إلى نصوص الشّرع، حيث جاءت النصوص تجيز الاستنابة في الفريضة، للعاجز، ونحوه، فإذا جازت النيابة في الفرض جازت في النفل من باب أولى.


(١) المغني لابن قدامة: ٥/ ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>