للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو اختيار ابن عقيل (١) من الحنابلة (٢).

[سبب الخلاف بين الفقهاء]

يرجع سبب خلاف الفقهاء في هذه المسألة إلى ثلاثة أمور:

الأمر الأوّل: تعارض الروايات في الظّاهر، وأعني: الروايات الدالة على جواز النِّيابة مع الروايات الدالة على عدم الجواز على ما سيأتي بيانه.

الأمر الثّاني: أن الصّحابة الذين رووا الأحاديث الّتي تدل على جواز النِّيابة قد روي عنهم الإفتاء بخلاف ذلك؛ كابن عبّاس رضي الله عنهما، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وسيأتي تفصيل ذلك.

الأمر الثّالث: معارضة القياس للأثر؛ فالقياس يقتضي ألَّا يصوم أحد عن أحد كالصلاة، وجاءت أحاديث تدل على جواز النِّيابة في الصوم، وهي كثيرة، فمن أخذ بالقياس منع، ومن أخذ بالنصوص أجاز على تفصيل في ذلك يأتي بيانه (٣).

[الأدلة والمناقشات]

أوَّلًا: أدلة أصحاب القول الرّابع:

وهؤلاء هم القائلون بالمنع من النِّيابة في الصوم عن الميِّت مطلقًا، وقد استدلوا بأدلة من القرآن، والسُّنَّة، والأثر، والمعقول.


(١) هو الإمام العلّامة البحر، أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمّد بن عقيل البغدادي الحنبلي شيخ الحنابلة في زمانه، ولد عام ٤٣٢هـ، برع في كافة العلوم وأكثر من التأبيف، ومن ذلك: كتاب الفنون، والفصول، وعمدة الأدلة، والإرشاد في أصول الدِّين، والواضح في أصول الفقه، وغيرها كثير، توفي عام ٥١٣ هـ: طبقات الحنابلة لأبي يعلى: ٢/ ٢٥٩، المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد للعلّيمي: ٣/ ٧٨، سير أعلام النُّبَلاء للذهبي: ١٩/ ٤٤٣.
(٢) الإنصاف للمرداوي: ٣/ ٣٣٦.
(٣) الاستذكار لابن عبد البرّ: ١٠/ ١٧٣، بداية المجتهد لابن رشد: ١/ ٣٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>