من تفسير وفقه وحديث ودعوة وغيرها من علوم الشّريعة المطهرة.
والتأليف في مجال العلوم الشرعية هو من أهم الوسائل لتقييد العلم وتداوله ونشره بين النَّاس في كلّ عصر وفي كلّ مصر وما زال النَّاس ينتفعون بذلك، وإلى ما شاء الله تعالى، ولولا ذلك ما وصل إلينا ما وصل من علوم الشّريعة.
والتأليف بهذه المثابة من أجل القرب وأفضل الطاعات، وهو من العلم الّذي ينتفع به صاحبه في حياته وبعد مماته ففي الدنيا برفع ذكره وثناء النَّاس عليه ودعائهم له، وفي الآخرة بالجزاء الأوفى من الله تعالى، وهو من عمل المرء الصالح الّذي ينتفع به في حياته ولا ينقطع بوفاته.
ويدلُّ لذلك ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إِلَّا من ثلاث: صدقة جارية وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له)(١).
والعلّم الّذي ينفع صاحبه في حياته وبعد موته يحصل بأمرين أو بأحدهما:
الأمر الأوّل: جلوسه للتعليم مشافهة
وهذا شأن العلماء في كلّ عصر وفي كلّ مصر من لدن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - وإلى عصرنا هذا، يجلسون لتعليم العلم في كلّ فن ويحمله عنهم طلابهم، ثمّ يقومون بدورهم بنشر هذا العلم ونقله إلى بعدهم، وهكذا. فيلحق العالم ثواب ذلك كله إلى ما شاء الله أن يكون.
الأمر الثّاني: التأليف والتصنيف
وهذه الطريقة من أجل الطرق لحفظ العلم وبقائه، فينتفع النَّاس بذلك في حياة المؤلِّف وبعد وفاته، وإلى أجيال كثيرة، وما نراه اليوم من كثرة المؤلِّفات ووفرة الأمهات في كلّ فن من فنون الشّريعة ما هو إِلَّا ثمرة من ثمرات التأليف وكتابة العلم وتحريره.
(١) سبق تخريجه، راجع ص ١٦٦ مبحث أخذ المال على الصّلاة.