للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمّا ما يتعلّق بالأمر الأوّل وهو الجلوس للتعليم فقد سبق الكلام عليه من حيث جواز أخذ الرزق على التعليم وكذلك جواز أخذ الأجرة عليه على الراجح من أقوال العلماء.

وأمّا ما يتعلّق بالأمر الثّاني وهو التأليف والتصنيف في مجال العلوم الشرعية فلا خلاف في أن من ألف كتابًا أو حقق كتابًا في علوم الشّريعة الّتي يحتاج إليها المسلمون واحتسب ذلك فلم يأخذ عليه عوضًا أن ذلك من أفضل القرب وأحبها إلى الله تعالى، وذلك أن الأصل هو نشر العلم احتسابًا، وهذا كان شأن علماء الأُمَّة منذ البعثة المحمدية وإلى يومنا هذا، فقد كان الصّحابة رضي الله عنهم، والتابعون وتابعوهم بإحسان، وغيرهم من الأئمة الأعلام، في الفقه والحديث والقرآن وغيرها من العلوم، يقومون بالتعليم ونشر العلم بين عامة النَّاس وفي كافة الأمصار احتسابًا لوجه الله تعالى، سواء أكان ذلك بالمشافهة أم بالكتابة (١). ولم تعرف هذه النازلة وهي أخذ الحقوق المالية على التأليف ونشر العلم إِلَّا في هذا العصر، وهذه النازلة تسمى (حق التأليف)، وهي أحد مفردات ما يسمى بالحقوق المعنوية.

وقد برزت هذه النازلة في هذا العصر، في أعقاب التطور الهائل والسريع في وسائل الطباعة ونشر الكتب والأبحاث، وكان ذلك على إثر التوجه الكبير والعناية الفائقة، بالعلّم الشرعي والتأليف فيه (٢).

والذي يعنينا هنا من هذه الحقوق، هو العوض المالي على حق التأليف والتحقيق، وقد انبرى العلماء من أهل العصر لدراسة هذه النازلة وبيان حكمها الشرعي، والذي يهمنا هنا هو: حق التأليف في مجال العلوم الشرعية باعتباره قربة إلى الله تعالى.


(١) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية ٣٠/ ٢٠٤ - ٢٠٥، أضواء البيان للشيخ الشنقيطي ٣/ ١٨.
(٢) فقه النوازل لبكر أبو زيد ٢/ ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>