للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصول سائر العبادات المالية، ونبه بوصول الحجِّ المركب من المالية والبدنية على وصول ما كان كذلك، فالأنواع الثّلاثة ثابتة بالنص والاعتبار (١).

الدّليل الخامس:

قالوا: إنَّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قد نبّه بوصول ثواب الصوم الّذي هو مجرد ترك ونية تقوم بالقلب، لا يطلع عليه إِلَّا الله تعالى، وليس بعمل الجوارح، على وصول ثواب القراءة الّتي هي عمل باللسان، تسمعه الأذن وتراه العين بطريق الأولى (٢).

[الترجيح]

بعد ذكر الأقوال وعرض الأدلة لكل قول، وذكر ما ورد عليها من مناقشات، فإن الّذي يظهر رجحانه من هذه الأقوال هو القول الأوّل القاضي بوصول ثواب تلاوة القرآن الكريم إلى الميِّت، وذلك لما يأتي:

أوَّلًا: قوة ما استدل به أصحاب هذا القول، حيث سلم معظمها من المناقشة.

ثانيًا: ضعف أدلة أصحاب القول الآخر، حيث أمكن مناقشتها جميعًا ممّا يضعف الاحتجاج بها.

ثالثًا: أن القول بوصول ثواب التلاوة هو الّذي يتفق مع أصول الشّرع وقواعده العامة، فإن الشّرع قد دل على وصول كثير من العبادات البدنية المحضة، كالصوم والحج والدعاء، وغير ذلك، وهذا فيه تنبيه على وصول غيرها من العبادات كتلاوة القرآن، فإن التلاوة عبادة بدنية، والشريعة لا تفرق بين المتماثلات (٣).

وقد اختار هذا القول الشّيخ العلّامة محمّد بن صالح العثيمين رحمه الله حيث سئل عن حكم تلاوة القرآن وإهداء ثوابه للميت، فقال: "التلاوة لروح الميِّت يعني:


(١) الرُّوح لابن القيم، ص: ١٢٢.
(٢) المرجع السابق.
(٣) إعلام الموقعين لابن القيم ١/ ١٩٥، ١٩٦، ٢/ ١٥٢ - ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>