للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مناقشة الاستدلال]

نوقش الاستدلال بهذا الحديث من عدة وجوه:

الوجه الأوّل:

إنَّ الحديث ليس فيه تصريح بأن التعليم صداق، إنّما قال: "ملكتها بما معك من القرآن" وفي رواية "أنكحتكها بما معك من القرآن" وفي رواية "زوجتكها ... "، فيحتمل أنّه زوجها إياه بغير صداق إكرامًا له وتعظيمًا للقرآن، كما روى أنس - رضي الله عنه - أن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - زوّج أم سليم (١) أبا طلحة (٢) على إسلامه (٣)، وسكت عن المهر؛ لأنّه معلوم أنّه لا بد منه؛ لأنّ الفروج لا تستباح إِلَّا بالأموال لقوله تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النِّساء: ٢٤]، ولذكره تعالى في النِّكاح الطول (٤)، وهو المال، والقرآن ليس بمال (٥).


(١) هي: أم سليم بنت ملحان بن خالد الأنصارية، وهي أم أنس بن مالك - رضي الله عنه - خادم النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - اشتهرت بكنيتها، تزوجت مالك بن النضر فولدت أنسًا في الجاهلية، ثمّ أسلمت مع السابقين من الأنصار، مات زوجها فتزوجت بعده الصحابي الجليل أبا طلحة، وكان صداقها هو إسلام أبي طلحة، روت عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - عدة أحاديث، وروى عنها ابنها أنس وابن عبّاس وزيد بن ثابت وأبو سلمة وآخرون. الإصابة لابن حجر ٤/ ٤٤١، الاستيعاب لابن عبد البرّ ٤/ ٤٣٧.
(٢) أبو طلحة هو: زيد بن سهل بن الأسود بن حرام أبو طلحة الأنصاري الخزرجي النجاري البدري، روى عنه من الصّحابة: ابن عبّاس وأنس وزيد بن خالد وغيرهم، وتقدم شيء من سيرته في ترجمة زوجه أم سليم، توفي سنة ٥١ هـ على الصحيح وقيل غير ذلك.
انظر: أسدّ الغابة لابن الأثير ٢/ ٣٦١، الاستيعاب لابن عبد البرّ ١/ ٥٣٠.
(٣) أخرجه النسائي في الصغرى، كتاب النِّكاح، باب التزويج على الإسلام ٦/ ٤٢٣ (٣٣٤٠) والحديث صحيح، قال ابن حجر: صححه النسائي. فتح الباري ٩/ ١٢٠، وقال الألباني: صحيح، صحيح سنن النسائي ٢/ ٧٠٣ (٣١٣٢).
(٤) وذلك في قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ ...} الآية [النِّساء: ٢٥].
(٥) البناية شرح الهداية للعيني ٩/ ٣٤٠، الاستذكار لابن عبد البرّ ١٦/ ٨١، ٨٢، المغني لابن قدامة ٨/ ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>