للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا الأكل من الغلة فهو كأكل التّمر من الجذوع وشرب اللبن من الضرع أمر متعارف بين الخلق متسامح فيه (١)، فهو خارج عما نحن فيه.

رابعًا: أدلة القول الرّابع:

لم أقف على دليل أو تعليل لأصحاب هذا القول القائلين بجواز الأكل لوصي الأب دون غيره، ولا أعرف له وجه صحيح؛ لأنَّ الله تعالى لم يفرق بين وصي الأب ووصي الحاكم، وإنّما جاء الإطلاق في الآية فيشمل الجميع، وإنّما حصل التفريق بين الغني والفقير (٢)، على ما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

خامسًا: أدلة القول الثّالث:

استدل أصحاب هذا القول القائلون بجواز الأكل من مال اليتيم حتّى مع الغنى بما يأتي:

قالوا: إنَّ الوصي يأكل وإن كان غنيًا قياسًا على العامل على الزَّكاة، وأمّا قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} [النِّساء: ٦]، فالأمر فيها بالتعفف محمول على الاستحباب (٣).

[مناقشة الاستدلال]

يمكن مناقشة هذا الاستدلال بأن هذا قياس في مقابلة النص فلا يعتد به، فإن الآية قد جاء فيها الأمر صريحًا بالاستعفاف إنَّ كان غنيًا، والأمر المطلق يقتضي الوجوب ما لم يصرفه صارف ولا صارف له هنا إلى الاستحباب (٤).


(١) أحكام القرآن لابن العربي ١/ ٣٢٥.
(٢) وذلك في قوله تعالى: (ومن كان غنيًا فليستعفف، ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف). النِّساء: ٦.
(٣) الشرح الكبير لشمس الدِّين ابن قدامة ٤/ ٥٣١، الإنصاف للمرداوي ٥/ ٣٣٩.
(٤) انظر: الشرح الكبير ٤/ ٥٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>