للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقياس الاستئجار على الجعالة قياس مع الفارق، فإن باب الجعالة أوسع من باب الإجارة، حيث إنها تصح مع جهالة العمل، والمدة، والعامل، بخلاف الإجارة، وقد سبق بيان ذلك مرارًا (١).

الثّالث: لو سلمنا جواز القياس على الجعالة، فإنّه لا يصح هنا؛ لأنّ الجعالة على الجهاد مختلف فيها، كما سيأتي، والقياس على أمر مختلف فيه لا يصح؛ فإن من شرط القياس أن يكون حكم الأصل متفقًا عليه، وقد سبق بيان ذلك (٢).

الدّليل الثّاني: عن جبير بن نفير (٣)؛ قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: (مثل الذين يغزون من أمتي، ويأخذون الجعل يتقوون به على عدوهم مثل أم موسى ترضع ولدها، وتأخذ أجرها) (٤).

[وجه الاستدلال]

وجه الاستدلال من هذا الحديث كسابقه، وحاصله قياس الإجارة في الجهاد على الجعالة في الجواز بجامع أن كلا منهما من عقود العاوضة.

[مناقشة الاستدلال]

أوَّلًا: يناقش هذا الحديث بما نوقش به الحديث السابق.


(١) راجع، ص/ ٥١ - ٥٢ لبيان الفروق بين الإجارة والجعالة.
(٢) راجع، ص/ ١٦١.
(٣) هو: جبير بن نفير - بنون وفاء مصغر - ابن مالك بن عامر الحضرمي الحمصي، ثقة جليل من الثّانية، نحضرم، ولأبيه صحبة، ما وفد إلى المدينة إِلَّا في عهد عمر، توفي عام، ٨٠ هـ على الصحيح: تهذيب التهذيب لابن حجر: ٢/ ٦٤.
(٤) أخرجه أبو داود في المراسيل، ص/ ٢٤٧ ن تحقيق الشّيخ/ شعيب الأرناؤوط، وأخرجه سعيد ابن منصور في سننه، كتاب الجهاد، باب ما جاء في الرَّجل يغزو بالجعل: ٢/ ١٧٤ (٢٣٦١)، والبيهقي في الكبرى، كتاب السير، باب ما جاء في كراهية أخذ الجعائل: ٩/ ٤٧ (١٧٨٤٠). وابن أبي شيبة في المصنِّف، كتاب الجهاد، باب ما ذكر في فضل الجهاد والحث عليه: ٥/ ٣٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>