للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فافترقا ثمّ إنَّ نفع عمل الإمام يرجع إلى المأموم لأنّه بالإمامة يحصل ثواب الجماعة، وهذا نفع يرجع إليه بسبب عمل الإمام وهو الإمامه، وعليه فإن الإمام يستحق الأجرة على عمله.

٢ - إنَّ الأجرة المأخوذة على الإمامة ليست على ذات الإمامة، ولكنها في مقابل الالتزام في المكان المعين (١).

الدّليل الثّالث: إنَّ القربة متى حصلت، وقعت عن العامل، ولهذا تعتبر أهليته، فلا يجوز له أخذ الأجرة من غيره، كما في الصوم، والصلاة (٢).

[مناقشة الاستدلال]

يمكن مناقشة هذا الدّليل بما يأتي:

١ - إنَّ المراد بالقربة هنا حصول الثّواب، وكلامنا هنا عن الأجرة؛ فافترقا.

٢ - إنَّ القياس على الصوم والصلاة قياس مع الفارق؛ فالإمامة لا تتعين عليه، وينتفع بها المأمومون، بخلاف الصوم والصلاة فإنهما يتعينان عليه ولا يتعدى نفعهما غيره.

الدّليل الرّابع: إنَّ من شرط الإمامة في الصّلاة كونها قربة إلى الله تعالى، فلم يجز أخذ الأجر عليها، كما لو استأجر قومًا يصلون خلفه الجمعة، أو التراويح (٣).

الدّليل الخامس: إنَّ هذه الأعمال يختص فاعلها أن يكون من أهل القربة؛ إذ إنها تصح من المسلم دون الكافر، فلا يجوز إيقاعها إِلَّا على وجه التقرب إلى الله تعالى، وإذا فعلت بعروض لم يكن فيها أجر بالاتفاق؛ لأنّ الله تعالى إنّما ياقبل من العمل ما أريد به وجهه لا ما فعل لأجل عروض الدنيا (٤).


(١) الذّخيرة للقرافي: ٢/ ٦٦ - ٦٧، الفروق للقرافي: ٣/ ٢، عقد الجواهر لابن شاس: ٢/ ٨٤٣ ـ
(٢) شرح فتح القدير لابن الهمام: ٧/ ١٧٩، حاشية ابن عابدين: ٥/ ٣٤ - ٣٥.
(٣) المغني لابن قدامة: ٨/ ١٣٩، شرح منتهى الإرادات: ٢/ ٣٦٦، كشاف القناع للبهوتي: ٤/ ١٢.
(٤) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: ٢٤/ ٣١٥، إعلام الموقعين لابن القيم: ٢/ ١٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>