للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مناقشة الاستدلال]

نوقش هذا الاستدلال بما يأتي:

١ - أن قياس الإمام في الصّلاة على الخليفة قياس مع الفارق، فإن ما يأخذه الخليفة هو من قبيل الأرزاق، وهي مجمع على جوازها كما سبق بيان ذلك، وخلافنا إنّما هو في الأجرة، والرزق خلاف الأجرة فافترقا (١).

٢ - يمكن مناقشة هذا الاستدلال كذلك بأننا لو سلمنا أن ما يأخذه الخليفة على عمله هو أجرة، فإننا لا نسلم أنّه يأخذه على الإمامة، بل يأخذه على أعمال الخلافة والإمامة العظمى، وهي كثيرة جدًا، ثمّ هو قد حبس نفسه طول الوقت لمصلحة المسلمين، وخلافنا هنا إنّما هو الأجرة على ذات الإمامة، ثمّ إنَّ الإمام في الصّلاة مصلٍ لنفسه، فهو كالمنفرد، والصلاة تلزمه، بخلاف الخليفة فإن الخلافة لا تلزمه.

الدّليل الرّابع: أن الإمامة في الصّلاة من فروض الكفاية؛ فيجوز أخذ الأجرة عليها، كالعاملين على الزَّكاة (٢).

وبيان ذلك: أن العاملين على الزَّكاة: وهم الذين يقومون بتحصيلها، وجمعها، وتوزيعها على المستحقين، يأخذون أجرة على عملهم، وعملهم هذا فرض كفاية، فدل على أن ما كان من فروض الكفاية فالقائم به يجوز له أخذ الأجرة عليه، والإمامة في الصّلاة من فروض الكفاية فجاز أخذ الأجرة عليها (٣).


(١) المبسوط للسرخسي: ٣/ ١٩، جواهر الإكليل للآبي: ١/ ٢٦٠، روضة الطالبين للنووي: ١١/ ١٣٧، فتح الباري شرح البخاريّ لابن حجر، ١٣/ ١٦١.
قال الحافظ: "واتفقوا على أنّه لا يجوز الاستئجار عليه". يعني: منصب الإمامة العظمى.
(٢) أحكام القران لأبى بكر العربي: ٢/ ٩٦١، الجامع لأحكام القران للقرطبي: ٨/ ١٧٨.
(٣) سياتي الكلام حول ما يأخذه العاملون على الزَّكاة في بابه - إن شاء الله -.

<<  <  ج: ص:  >  >>