للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رديف رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه، فجعل الفضل ينظر إليها، وتنظر إليه، فجعل رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر قالت: يا رسول الله إنَّ فريضة الله على عباده في الحجِّ أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفاحج عنه؟ قال - صلّى الله عليه وسلم -: "نعم" (١).

وفي رواية: قالت: يا رسول الله، إنَّ أبي شيخ كبير عليه فريضة الله في الحجِّ، وهو لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره، فقال النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: (فحجي عنه) (٢).

وفي رواية: قالت: فهل يقضى عنه أن أحج عنه؟ قال - صلّى الله عليه وسلم -: "نعم" (٣).

[وجه الاستدلال]

حيث أمر النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - المرأة أن تحج عن أبيها الفريضة بقوله - صلّى الله عليه وسلم -: (فحجي عنه)، والأمر المطلق يقتضي الوجوب، كما هو الراجح عند الأصوليين (٤) ثمّ إنَّ المرأة قد ذكرت أن فريضة الحجِّ لازمة على أبيها في هذه الحالة، ولم ينكر عليها النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -، بل أمرها بالحج عنه؛ فدل على أن الحجِّ يجب على المعضوب، ومن في حكمه (٥).

الدّليل الثّاني: عن أبي رزين العقيلي، أنّه أتى النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، إنَّ أبي شيخ كبير لا يستطيع الحجِّ، ولا العمرة، ولا الظعن؛ فقال - صلّى الله عليه وسلم -: (حج عن


(١) أخرجه البخاريّ في كتاب جزاء الصَّيد، باب حج المرأة عن الرَّجل: ٤/ ٨٠ (١٨٥٥)، ومسلم في
كتاب الحجِّ، باب الحجِّ عن العاجز لزمانةٍ وهرمٍ ونحوهما: ٢/ ٩٧٣ (١٣٣٤).
(٢) أخرجه مسلم في الحجِّ، باب الحجِّ عن العاجز ... : ٢/ ٩٧٤ (١٣٣٥).
(٣) أخرجه البخاريّ في جزاء الصَّيد، باب الحجِّ عمن لا يستطيع الثبوت على الراحلة: ٤/ ٧٩ (١٨٥٤).
(٤) المحصول للرازي: ٢/ ٤١ وما بعدها، شرح مختصر الروضة للطوفي: ٢/ ٣٦٥.
(٥) المبسوط للسرخسي: ٤/ ١٥٤، المحلى لابن حزم: ٧/ ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>