للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - للولي: صم عنه الصيام الذي تمكن النيابة فيه، وهو الصدقة عن التفريط في الصيام (١).

وبين الماوردي المراد بالنصوص السابقة، فقال: "فأما ما رووه من الأخبار، فالمراد بها فعل ما ينوب عن الصيام من الإطعام" (٢).

[الجواب عن دعوى التأويل]

١ - أن هذا تأويل باطل؛ لأنه لا توجد ضرورة تدعو إليه، ولا يوجد مانع يمنع العمل بظاهر هذه النصوص، مع تظاهرها، وعدم المعارض لها (٣).

٢ - أن حمل هذه النصوص على المجاز - وهو الإطعام- لا يصح؛ لأنه صرف للفظ عن ظاهره بغير دليل صحيح (٤).

٣ - أن هذا التأويل لا يليق بمقام النبوة، والبلاغ عن رب العالمين؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو أفصح من نطق بالضاد، وهو الرسول المكلَّف بالبيان، والبلاغ، وتمييز الأحكام، فهل يليق - صلى الله عليه وسلم -، أن يكون قد كُلَّف ببيان الحكم للناس، وأنه الإطعام، فيعدل عن ذلك إلى المجاز، فيذكر الصيام، ولا يذكر الإطعام تلبيسًا على الناس، وإيقاع المكلفين في الحرج والمشقة، ولا شيء يمنعه من التصريح بالإطعام؛ فهذا كلام باطل في الشرع، والعقل، ورحم الله الشافعي إذ يقول: "وبالتقليد أَغْفَلَ من أغفل، والله يغفر لنا ولهم" (٥).


(١) عارضة الأحوذي: ٣/ ٢٤٢، وانظر: الموافقات للشاطبي: ٢/ ١٨٢.
(٢) الحاوي للماوردي: ٣/ ٣١٤، وقد علل هؤلاء تأويل الصيام بالإطعام بأن الإطعام إنما هو بدل الصيام كما أن التراب، هو بدل الوضوء قد سماه الرسول وضوء؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: "الصعيد الطيب وضوء المسلم". فسمي البدل باسم المبدل منه، فكذلك هنا، حيث سمى النبي - صلى الله عليه وسلم - البدل وهو الإطعام باسم المبدل منه وهو الصيام. وانظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام لابن الملقن: ٥/ ٢٩٩.
(٣) شرح النووي على مسلم: ٨/ ٢٦.
(٤) فتح الباري لابن حجر: ٤/ ٢٢٨.
(٥) الرسالة للإمام الشافعي، ص: ٤٢، تحقيق العلامة أحمد شاكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>