للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثّالث: كون هذه القرب من فروض الكفاية (١)، أو من فروض الأعيان (٢):

فإن كانت من فروض الكفاية صح أخذ الأجرة عليها، وإلا فلا (٣).

قال القرطبي: "دلّ قوله تعالى: (وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا) على أن كلّ ما كان من فروض الكفاية كالساعي، والكاتب، والقسام، والعاشر، وغيرهم، فالقائم به يجوز له أخذ الأجرة عليه، ومن ذلك الإمامة، فإن الصّلاة، وإن كانت متوجهة على جميع الخلق، فإن تقدّم بعضهم بهم من فروض الكفايات، فلا جرم يجوز أخذ الأجرة عليها، وهذا أصل الباب" (٤).

الرّابع: كون القرب لا يختص فاعلها أن يكون من أهلها:

ومعنى ذلك: أنّه لا يشترط فيها كون فاعلها مسلمًا. وعليه، فيجوز أن يفعلها غير المسلم؛ أي: أنّها تقع مرّة قربة، ومرة غير قربة - كما سبق بيانه -. فإذا كانت القربة ممّا يفعلها المسلم وغير المسلم فيجوز أخذ الأجرة عليها بلا خلاف - كما سبق -.

وإن كانت ممّا يختص بفعلها المسلم دون الكافر فهذا ممّا جرى فيه الخلاف (٥).


(١) فرض الكفاية: "هو ما قصد الشارع حصوله من غير نظر إلى فاعله". مثاله: الجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتجهيز الميِّت، وغير ذلك: (نهاية السول: ١/ ٩٣، نشر البنود على مراقي السعود: ١/ ١٩٢، حاشية البناني على جمع الجوامع: ١/ ١٨٢).
(٢) فرض العين: "هو ما طلب الشارع حصوله من كلّ فرد من أفراد المكلفين به". مثاله: الصّلاة، والزكاة، والصيام، وغيرها: (المراجع السابقة في فرض الكفاية، وانظر: تقسيمات الواجب وأحكامه للدكتور مختار بابا آدو: ص/ ٢٣١).
(٣) جواهر الإكليل: ٢/ ١٨٩، حاشية قليوبي: ٤/ ٢١٣.
(٤) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ٨/ ١٧٨، وانظر أحكام القرآن لابن العربي: ٢/ ٩٦١.
(٥) المغني لابن قدامة: ٨/ ١٤١، مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: ٣٠/ ٢٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>