للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسألة: الفرق بين الرزق والإجارة]

بعد بيان معنى الرزق، ومعنى الإجارة، من المهم أن أذكر الفرق بينهما، حيث إنَّ عليهما مدار البحث، ونجد غالبًا أن الرزق متفَق على جوازه، بخلاف الإجارة؛ فإنها محل خلاف في جلَّ ما يردّ معنا من مسائل.

ومن الفروق الّتي ذكرها العلماء بين الرزق والإجارة ما يأتي:-

أوَّلًا: أن الرزق أدخل قي باب الإحسان، وأبعد عن باب المعاوضة، والإجارة أدخل في باب المكايسة (١)، وأبعد من باب المسامحة، وإن كان كلّ منهما بذل مال بإزاء المنافع من الغير.

ثانيًا: أن الأرزاق يجوز فيها الدفع، والقطع، والتقليل، والتكثير، والتغيير والإجارة لا يجوز فيها ذلك؛ لأنّها عقد، والوفاء بالعقود واجب. وأمّا الأرزاق فمعروف يصرف بحسب المصلحة.

ثالثًا: أن الأجرة في الإجارات تُورث، ويستحقها الوارث، ويطالب بها، وأمّا الأرزاق فلا تورث، ولا يحق للوارث المطالبة بها؛ لأنّها معووف غير لازم لجهة معينة.

رابعًا: أن الأرزاق يجوز نقلها من جهاتها إذا تعطلت، أو وجدت جهة أولى من الجهة الأولى، والإجارة لا يجوز فيها ذلك؛ لأنّها عقد، والوفاء به واجب (٢).

خامسًا: أن الأرزاق لا يشترط فيها ما يشترط في عقد الإجارة من حيث المدة،


(١) المكايسة: المغالبة: وهي مأخوذة من مادة: كيَسَ؛ يقال: كايَسْتُ فلانًا فكِسْتُه أكيسه كَيسًا؛ أي: غلبته.
لسان العرب: مادة كيَسَ: ٦/ ٢٠١ - ٢٠٢، القاموس المحيط: مادة كيس: ص: ٣٧٣.
(٢) ذكر القرافي في كتابه "لفروق" كلّ هذه الفروق، وضرب. لها الأمثلة، وقد نقلتها هنا بتصرُّف. وانظر: الفروق: ٣/ ٣ - ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>