للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا قال بعض الحنفية (١)، وبعض المالكية (٢).

[سبب الخلاف]

يرجع سبب الخلاف في هذه المسألة إلى إلحاق طالب العلم بالعامل على الزَّكاة، فمن ألحقه بالعامل قال يجوز الأخذ من الزَّكاة مع الغنى، كالعامل فإنّه يأخذ من الزَّكاة مع الغنى بالاتفاق (٣).

ومن لم يلحقه بالعامل، بل أعطاه بوصف الفقر قال: لا يأخذ مع الغنى وفي هذا نظر كما لا يخفى، فإن وصف الفقر يجيز الأخذ من الزَّكاة وإن لم يكن طالب علم فرغ نفسه لذلك.

ثمّ إنَّ ما يأخذه العامل على الزَّكاة إنّما هو أجرة على الراجح كما تقدّم (٤)، وليس زكاة وإن كان ما يأخذه من الزَّكاة بخلاف طالب العلم فإن ما يأخذه من الزَّكاة إنّما هو على سبيل الرزق وإن أخذه من الزَّكاة، والجامع بينه وبين العامل أن كلًا منهما قد فرغ نفسه لمصلحة المسلمين فتكون كفايته في أموالهم ويفترقان بأن العامل إنّما يأخذ في مقابلة عمله وجهده وسعيه في تحصيل الزَّكاة وتفريقها، وأمّا طالب العلم فإنّه يأخذ من الزَّكاة في مقابلة تفريغ نفسه وتركه التكسب لإفادة العلم واستفادته، ومصلحة ذلك راجعة إلى المسلمين فتكون كفايته في مالهم.

وهذا ما جعل كثير من العلماء يقيدون ذلك -أعني أخذ طالب العلم من الزَّكاة- بما إذا كان طالب العلم لا يأخذ كفايته من بيت المال، فإذا تعذر الأخذ من بيت المال تعين الأخذ حينئذ من مال الزَّكاة.


(١) الدر المختار مع حاشية ابن عابدين ٢/ ٥٩، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح، ص: ٥٩٢، حاشية ابن عابدين ٢/ ٥٩، وقد نقل ذلك عن السرخسي.
(٢) حاشية الدسوقي ١/ ٤٩٧، ٤٩٨.
(٣) راجع ص ٢٤٦ عند الكلام عن العامل الزَّكاة في مسائل أخذ المال على الزَّكاة.
(٤) راجع ص ٢٦٢ من مباحث الزَّكاة

<<  <  ج: ص:  >  >>