للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابن ماجه (١)، عن عطاء، عن أبي سعيد الخدري، عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - فصح بذلك الحديث (٢).

الدّليل الثّالث: عن بُسر بن سعيد، عن ابن الساعدي المالكي، أنّه قال: استعملني عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - على الصَّدقة، فلما فرغت منها، وأديتها إليه أمر لي بعُمالة (٣)، فقلت: إنّما عملت لله، وأجري على الله؛ فقال: خذ ما أُعطيت، فإني عملت على عهد النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - فعملني، فقلت مثل قولك، فقال لي رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "إذا أُعطيت شيئًا من غير أن تسأل فكُلْ وتصدَّق" (٤).

[وجه الاستدلال]

أن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - وخلفاءه من بعده قد جعلوا أجرة لمن يعمل على الزَّكاة بدليل قول عمر - رضي الله عنه - في الحديث: "عملت ... فعملني ... " فلما عمل أعطاه النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أجرة عمله (٥).

[الترجيح]

بعد عرض أدلة كلّ فريق، وذكر ما ورد عليها من مناقشات، وما أجيب به عن هذه المناقشات يتبين رجحان القول الأوّل، وأن ما يأخذه العامل على الزَّكاة إنّما هو أجرة، وليس رزقًا؛ وذلك لما يأتي:


(١) أخرجه ابن ماجه في الزَّكاة، باب من تحل له الصَّدقة: ١/ ٥٩٠ (١٨٤١)
(٢) وقد صحح الحديث جمع من العلماء، فقد صححه الحاكم في المستدرك، كتاب الزَّكاة، باب مقدار الغنى الّذي يحرم به السؤال: ١/ ٤٠٧، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود: ١/ ٣٠٨ (١٤٤٠ - ١٤٤١)، والشيخ عبد القادر الأرناؤوط في تخريجه لجامع الأصول: ٤/ ٦٦٢ (٢٧٥٧).
(٣) العُمالة: هي أجرة العمل. (تهذيب اللُّغة للأزهري: ٢/ ٣٢٠، النهاية في غريب الحديث والأثر لمجد الدِّين ابن الأثير: ٣/ ٣٠٠، فتح الباري لابن حجر: ١٣/ ١٦٢.
(٤) أخرجه البخاريّ في الأحكام، باب رزق الحاكم والعاملين عليها: ١٣/ ١٦٠ (٧١٦٣). وأخرجه مسلم في الزَّكاة، باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير مسألة ولا إشراف: ٢/ ٧٢٣ (١٠٤٥).
(٥) شرح السُّنَّة للبغوي: ٦/ ٩٠ - ٩١، السيل الجرار للشوكاني: ٢/ ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>