للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: سلمنا أنّه ثابت عن مسعود، إِلَّا أنّه لا يعدو أن يكون قول صحابي، وقول الصحابي ليس بحجة -وقد تقدّم ذلك-.

[جـ- أدلتهم من المعقول]

الدّليل الأوّل: أن الأذان من القرب الّتي يختص بأدائها المسلم، فإذا أداه وقع ثوابه له، ولهذا تتعين أهليته، فلا يجوز له أخذ الأجرة عليه من غيره، كما في الصوم، والصلاة (١).

ويمكن الجواب على ذلك بما يأتي:

أوَّلًا: أن قياس الأذان على الصوم، والصلاة قياس مع الفارق؛ فإنّه وإن كان قربة إِلَّا أن نفعه متعدَّ لغيره من المصلّين، ونفع الصوم، والصلاة قاصر على نفسه؛ فأخذ الأجرة عليه له وجه، ثمّ إنَّ الأجر إنّما يكون على حفظ الوقت، والذهاب، والمجيء، ونحو ذلك ممّا يتطلبه الأذان ممّا قد يشغله على قوته الواجب، ومما لا بد له من أمور معايشه.

ثانيًا: إنَّ قياس الأذان على الصوم والصلاة لا يصح؛ لأنّ الصوم من القرب الّتي جاء النص بأدائها عن الغير، كما في حديث عائشة رضى الله عنها، قالت: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) (٢).

وسياتي تفصيل الكلام في مبحث الصِّيام، وقد أخذ بهذا الحديث جمع من أهل العلم، وهو من أخص العبادات البدنية الّتي يختص بأدائها المسلم.


(١) المبسوط للسرخسي: ١/ ١٤٠، بدائع الصنائع للكاساني: ٤/ ١٩٢، البحر الرائق لابن نجيم: ٣/ ٦٤، بداية المجتهد لابن رشد: ١/ ٩٠١.
(٢) أخرجه البخاريّ في الصوم: باب من مات وعليه صوم: ٤/ ٢٢٦ - ٢٢٧ (١٩٥٢). وأخرجه مسلم في الصِّيام: باب قضاء الصِّيام عن الميِّت: ٢/ ٨٠٣ (١١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>