للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدّليل الثّاني: القياس على الزوجة، فكما أن الزوجة لما عطلت نفسها لحق زوجها كانت نفقتها في مال زوجها، فكذلك العامل؛ لأنّه عطل نفسه لمصلحة الفقراء، فكانت كفايته في مالهم (١).

ويمكن مناقشة هذا الاستدلال بما يأتي:

أن هذا القياس لا يصح؛ لأنّه قياس مع الفارق، وهذا الفارق من جهتين:

الأولى: أن الزوجة إنّما تستحق النفقة بسبب التمكين من نفسها، فلا تجب لها النفقة حتّى ينضم إلى عقد النِّكاح التمكين من الوطء؛ لأنّه المقصود بالعقد (٢).

الأخرى: أن ما يأخذه العامل ليس لمجرد حبس نفسه لمصلحة الفقراء، وإنّما في مقابل جهده، وعمله فما يأخذه، إنّما يأخذه على وجه العوض، فهو أجرة عمله، وليس رزقًا (٣).

ثانيًا: أدلة أصحاب القول الأوّل:

استدل هؤلاء بما يأتي:

الدّليل الأوّل: قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} الآية [التوية: ٦٠].

[وجه الاستدلال]

قال ابن العربي مبينًا وجه الاستدلال من هذه الآية: "أن ما كان من فروض الكفايات فالقائم به يجوز له أخذ الأجرة عليه" (٤).


(١) أحكام القرآن لابن العربي: ٢/ ٩٦٢، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ٨/ ١٧٧ - ١٧٨.
(٢) شرح فتح القدير لابن الهمام: ٣/ ٣٢٢، الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي: ٢/ ٥٠٨، المهذب للشيرازي: ٢/ ١٥٩، مغني المحتاج للشربيني: ٣/ ٤٢٢.
(٣) المنتقى للباجي: ٢/ ١٥٣.
(٤) أحكام القرآن لابن العربي: ٢/ ٩٦١، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ٨/ ١٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>