للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الأوّل: أن الجهاد يشترط فيه النية، بخلاف تجهيز الميِّت (١).

الوجه الثّاني: أن مؤن التجهيز إنّما تجب في مال الميط بالأصالة، ثمّ في مال من تلزمه نفقته في حال الحياة، ثمّ في مال المياسير من المسلمين، فلم يقصد الأجير بنفسه، حتّى يقع عنه، أمّا عروض تعينه عليه فلا يضر كالمضطر، فإنّه يتعين إطعامه مع تغريمه البدل (٢).

الوجه الثّالث: أنّه في الجهاد: من حضر الصف تعين عليه، فلا يجوز انصرافه بحال، كان لم مجتج إليه بوجه، ولو قام غيره مقامه، بخلاف من تعين عليه التجهيز، فله الانصراف إذا وجد من يقوم مقامه (٣).

ثانيًا: أدلة القائلين بالجواز مطلقًا، وهم أصحاب القول الخامس:

وقد استدلوا على ما ذهبوا إليه بما يأتي:

الدّليل الأوّل: أن تجهيز الميِّت عبادة، لا يشترط فيه النية؛ فجاز الاستئجار عليه (٤).

[مناقشة الاستدلال]

نوقش هذا الاستدلال بما يأتي:

أن الأصل في العبادة أن تكون لله، ابتغاء الثّواب، والأجر من عنده، والمسلم إذا قام بهذا العمل فإنّه ينويه لله حتّى يحصل على الأجر، ولهذا اشترط كثير من العلماء في العبادة: النية -كما سبق بيانه- (٥).


(١) شرح المنهج للشيخ زكريا الأنصاريَ: ٣/ ٥٤٠ (بهامش حاشية الجمل).
(٢) روضة الطالبين للنووي: ٥/ ١٨٧، حاشية الجمل: ٣/ ٥٤٠، نهاية المحتاج للرملي: ٥/ ٢٩٢.
(٣) حاشية الجمل: ٣/ ٥٤٠، وحاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج للرملي: ٥/ ٢٩٢.
(٤) شرح المحلي على المنهاج: ٣/ ٧٦ (بهامش حاشيتي قليوبي وعميرة)، نهاية المحتاج للرملي: ٥/ ٢٩٢، كشاف القناع: ٢/ ١٢٦.
(٥) انظر: ص ١١١ من هذا الكتاب، وانظر: حاشية ابن عابدين: ١/ ٧٢، والبحر المحيط للزركشي: ١/ ٢٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>