للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمّ قال: "وهو إمّا أعيان، أو منافع، والأعيان قسمان: جماد، وحيوان؛ فالجماد مال في كلّ أحواله، والحيوان ينقسم إلى ما ليس له بنية صالحة للانتفاع، فلا يكون مالًا، كالذباب، والبعوض، والخنافس، والحشرات. وإلى ما له بنية صالحة. وهذا ينقسم إلى: ما جبلت طبيعته على الشر، والإيذاء , كالأسد، والذئب، فليست مالًا، وإلى ما جبلت طبيعته على الاستسلام، والانقياد , كالبهائم، والمواشي فهي أموال.

والسر فيه: أن استعمال الجمادات ممكن على سبيل القهر , إذ ليس لها قدرة، ولا إرادة يتصور منها الامتناع، وأمّا الحيوان فهو مختار في الفعل، فلا يتصور استعمالها إِلَّا بمساعدة منها، فإذا كانت مجبولة على طبيعة الاستسلام أمكن استعمالها، واستسخارها في المقاصد، بخلاف ما طبيعته الشر والإيذاء، فإنها تمتنع، وتستعصي، وتنتهي إلى ضد غرض المستعمل، ولهذا إذا صالت تلك الحيوانات التحقت بالمؤذيات طبعًا، في الإهدار" (١).

ممّا سبق من تعريفات عند الشّافعيّة، يتبين لنا أن المالية قائمة بالمنافع، كما هي قائمة بالأعيان، وقد نصّ كثير من الشّافعيّة على ذلك (٢).

ثالثًا: تعريف المال عند الحنابلة:

عرّف الحنابلة المال بتعريفات كثيرة منها:

التعريف الأوّل: عرّفه ابن قدامة (٣) بقوله: "هو ما فيه منفعة مباحة لغير ضرورة" (٤).


(١) المنثور في القواعد للزركشي: ٣/ ٢٢٢ وزارة الأوقاف الكويتية بتحقيق د/ تيسير فائق ١٤٠٢ هـ
(٢) حاشية قليوبي على شرح المنهاج لجلال الدِّين المحلي: ٤/ ٣ مطبعة الحلبي وأولاده - مصر ط٣، ١٣٧٥ هـ، الملكية في الشّريعة الإسلامية للعبادي ١/ ١٧٧.
(٣) ابن قدامة: هو الإمام الحجة موفق الدِّين أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن محمّد بن قدامة المقدسي الدمشقي، أحد الأعلام، ولد سنة ٥٤١ هـ بجماعيل، إمام الحنابلة في وقته، وإمام الدنيا، توفي سنة ٦٢٠ هـ، تصانيفه كثيرة اشتهرت في الدنيا كلها منها: المغني، والكافي والمقنع والعدة في الفقه، والروضة في الأصول، وغيرها كثير. انظر: ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب: ٢/ ١٣٣، سير أعلام النُّبَلاء للذهبى ٢٢/ ١٦٥ - ١٧٣.
(٤) المقنع لابن قدامة: ٢/ ٥ مكتبة الرياض الحديثة - الرياض ١٤٠٠ هـ

<<  <  ج: ص:  >  >>