للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حزم: "هذه سورة مكية بلا خلاف، وهذه الأحاديث كانت في حجة الوداع، فصح أن الله تعالى بعد أن لم يجعل للإنسان إلا ما سعى تفضل على عباده، وجعل لهم ما سعى فيه غيرهم عنهم بهذه النصوص الثابتة" (١).

[ب - أدلتهم من السنة]

الدليل الأول: عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من ملك زادًا وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج، فلا عليه أن يموت يهوديًا، أو نصرانيًا؛ وذلك أن الله تعالى يقول في كتابه: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا (٩٧)} [آل عمران: ٩٧] (٢).

[وجه الاستدلال]

في هذا الحديث جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرط وجوب الحج على المكلف أن يكون له مال يوصله إلى بيت الله الحرام؛ وذلك بقوله: "زادًا وراحلة"، وزاد المعضوب


(١) المحلى لابن حزم: ٧/ ٥٨، وقد تقدم مناقشة هذه الآية بتفصيل في مبحث النيابة في الصلاة، وكذلك مبحث النيابة في الصوم فليراجع.
(٢) أخرجه بهذا اللفظ الترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في التغليظ في ترك الحج: ٣/ ١٧٦ (٨١٢). قال الترمذي: "هذا حديث حسن، والعمل عليه عند أهل العلم أن الرجل إذا ملك زادًا وراحلة وجب عليه الحج". وجاء بالفاظ أخرى عن عدد من الصحابة منهم ابن عمر، وابن عباس، وأنس، وعائشة، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمر، وابن مسعود، وكل هذه الروايات لا تخلو من مقال، وله رواية مرسلة عن الحسن، وله طرق صحيحة، ولكنها موقوفة على عمر بن الخطاب، قال ابن حجر في التلخيص: والصحيح من الروايات رواية الحسن المرسلة، ثم قال: فإذا انضم هذا الموقوف إلى مرسل ابن سابط عن الحسن علم أن لهذا الحديث أصلاً. تلخيص الحبير: ٢/ ٢٢١ - ٢٢٣. وقد توسع في تخريجه وذكر طرقه الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان وحكم على الحديث بالصحة قال: "الذي يظهر لي والله تعالى أعلم أن حديث الزاد والراحلة المذكور لا يقل عن درجة الاحتجاج". أضواء البيان: ٥/ ٨٢ - ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>